أثار التقرير الذي بثته "إذاعة هولندا الدولية" بخصوص ختان الفتيات في العراق، والذي ناقش ما خلصت إليه دراسة ميدانية لـ"منظمة وادي" الألمانية، العديد من التساؤلات حول هذه الظاهرة التي لم يعرفها العراق من قبل.

إذ يؤكد التقرير تعرض نسبة كبيرة من إناث المنطقة للختان. ومما أثار الدهشة والاستغراب، أن الختان برمته لم يكن موضوعا مطروحا في العراق، فهذه العملية منتشرة على نطاق واسع في إفريقيا، كما هو معروف.

الانفتاح

يقول السيد فلاح مراد خان، منسق المشاريع لمنظمة وادي الألمانية في العراق في حديث لإذاعة هولندا العالمية، إن "هذه الظاهرة ليست وليدة اللحظة بل أنها موجودة في منطقة الشرق الأوسط منذ زمن، ولكن الانفتاح الذي تشهده منطقة كردستان العراق يعطي فرصة للحديث عنها."

وأضاف مراد خان: "نعمل منذ 18 سنة في كردستان العراق ولدينا العديد من الفرق التي قامت بزيارة 335 قرية والتقت فيها بـ10608 أنثى. ومن مجموع تلك القرى وجدنا أن نساء منطقة كرميان في ديالى، منطقة رانية على الحدود الإيرانية- العراقية واربيل والسليمانية هن الأكثر تعرضا لعملية الختان. فقد أشارت نتائج البحث الذي قمنا به إلى أن نسبة 67% من إناث هذه القرى تعرضن لعملية الختان، أي ما يعادل 8171 أنثى. كما تتعرض الإناث في المدن أيضا لهذه العملية وليس في القرى وحدها."

ويؤكد المتحدث أن "هناك بحثا مماثلا قد أنجزته المنظمة عن تعرض الإناث في المدن إلى عملية الختان لم ينشر بعد. قامت المنظمة فيها بمسح 2000 حالة في 190 منطقة غنية وفقيرة داخل المدن، ومازالت المنظمة تعمل على استكماله، وقد تظهر نتائجه في شهر مارس/آذار المقبل."

وقال منسق المشاريع لمنظمة وادي الألمانية انه "في الماضي لم يكن الرجال يتحدثون عن هذا الموضوع حتى لو كانت زوجته مختونة، ولكن الآن يتصدى الرجل بنفسه لمنع عملية الختان."

وأشار المتحدث إلى جملة الصعوبات التي واجهت فريق العمل من اجل إنجاز هذا البحث بسبب امتناع الأهالي عن التحدث بهذا الخصوص أو عدم موافقتهم على إخضاع بناتهم إلى الفحص على أيدي الطبيبات اللاتي يعملن لصالح المنظمة. وأن المنظمة قد استغرقت وقتا طويلا من اجل بناء جسور الثقة بينهم وبين الناس في تلك القرى، حسب قول مراد خان.

الدين والتقاليد

يعزو السيد مراد خان هذه الظاهرة إلى أسباب دينية من جهة والى التقاليد المتوارثة في المجتمع من جهة أخرى. وفقا للبحث الذي أجرته المنظمة فان "معظم من يخضع بناته لعملية الختان يعتقد أن الدين الإسلامي ألزم المرأة بالختان." حسب وصف المتحدث مراد خان الذي أكد أن "حملة مناهضة الختان التي قامت بها المنظمة قد اشترك بها علماء الدين الإسلامي في كردستان العراق لإثبات عكس ذلك. لقد قمنا بإنتاج فيلم تعليمي نحث الناس فيه على نبذ هذه العادة السيئة التي تضر بمستقبل الفتيات الجنسي. أظهرنا فيها نصائح عدد من رجال الدين الذين يؤكدون أن أصول هذه العملية غير دينية."

تشير العديد من الروايات إلى وجود عملية الختان في المنطقة من عهود ما قبل الإسلام. على الرغم من إطلاق العديد من الناس على عملية الختان في منطقة كردستان العراق بـ"سُنّتْ" والتي تعني السنة في الدين الإسلامي، إلا أن معتنقي الديانات الأخرى في الإقليم كانوا يقومون أيضا بهذه العملية، كمعتنقي الديانة الايزدية ولكنهم، حسب المصادر، قد تركوا هذه العادة منذ ما يقارب نصف قرن. أما معتنقي الديانة المندائية أي الصابئة، فهم لا يقومون بعمليات الختان لبناتهم.

رأي الطب

الختان هو قطع (البظر) او جزء منه من الجهاز التناسلي للمرأة وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى قطع جزء من الشفرتين. وقد رفض الطب عملية الختان، لأنه يحرم المرأة من اللذة الجنسية ويؤدي في بعض الحالات إلى نزيف حاد أو احتقان في البول وصعوبات وآلام بالغة في الولادة.

أشارت بعض المستشفيات في الإقليم إلى تلقي حالات مماثلة ولإناث صغيرات في السن بين السابعة والثامنة من العمر يعانين من تلك الحالات. إضافة إلى الضغط النفسي الذي قد تتعرض له المرأة جراء الختان.

تشير المصادر إلى رغبة بعض الإناث في الختان وهم في عمر الـ18 عشر عاما لأسباب اجتماعية تتعلق بنبذ الزوج لهن أو المجتمع لعدم تعرضهن لعملية الختان. ففي بعض القرى من كردستان العراق، حسب التقرير، يتم "رفض الأكل والشرب من أيدي امرأة غير مختونة."

غياب القانون

السيدة به خشان زنكنة رئيسة لجنة الدفاع عن حقوق المرأة في برلمان كردستان تقول انه لا "يوجد هناك نص قانوني يشير إلى منع الختان، ولكننا قدمنا مشروع قانون جزائي يحاسب فيه كل من يقوم بهذه العملية ضمن قانون العقوبات في الجزء الخاص بقانون مناهضة العنف ضد المرأة تحت القسم الخاص بقانون الأسرة. لأننا لم نستطع أن نجعله قانونا قائما بحد ذاته لأسباب عديدة متعلقة برفض المجتمع الحديث في عدة مسائل متعلقة بحقوق المرأة. وحدد القانون عقوبات بدرجات مختلفة لمن يقوم بعملية الختان أو يشجع عليه."

وأكدت زنكنة انه "ليس بمقدور البنت ذات السبعة أعوام إيصال صوتها للمسئولين لمحاسبة من قام بعملية ختانها، ولكن دورنا أن نقوم بالاعلام بشكل مكثف عن العقوبات المتأتية عن القيام بمثل هذا العمل." معربة عن تأكيدها أن هذا القانون حتى لو تم انتهاكه في البداية إلا انه سوف يكون له تأثير كبير على الحد من هذه الظاهرة في المجتمع.

وفقا لقول رئيسة لجنة الدفاع عن حقوق المرأة في برلمان كردستان فان القراءة الأولية لمشروع قانون منع الختان اخذ طريقه وفي شهر مارس/آذار المقبل سيعرض على البرلمان لتحديد صورته النهائية.

"تنص المادة 412 من قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 : من اعتدى عمداً على احد بالجرح أو الضرب أو العنف أو بإعطاء مادة ضارة أو ارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون قاصداً إحداث عاهة مستديمة به، يعاقب مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة .وتتوفر العاهة المستديمة به إذا نشأ عن الفعل انفصال عضو من أعضاء الجسم أو بتر جزء منه وفقد منفعته أو نقصه أو جنون أو عاهة أو تعطيل الحواس تعطيلاً كلياً أو جزئياً بصورة دائمة أو تشويه جسم لا يرجى زواله فتكون العقوبة بالسجن لمدة لا تزيد عن سبع سنوات."

وحسب قول السيد فلاح مراد خان، منسق المشاريع لمنظمة وادي الألمانية في العراق، إن "تطبيق هذه المادة لن يكون له تأثير كبير لأن اغلب الناس عينات البحث يعتبرون الختان واجب ديني."