لعل في العبارة الشهيرة للناشطة والثائرة الفرنسية أولامب دو غوج والتي قالت فيها "تصعد المرأة درج المقصلة، فيجب أن يكون لها الحق في أن ترتقي كرسي القضاء". نقول لعل فيها شيئاً من التنبوء بالمصير الذي لقيته. ففي خضم الثورة الفرنسية شاءت الأحداث والثورة أن تحقق لها النصف الأول من جملتها، وبعد أربعة أعوام على إطلاقها الإعلان العالمي لحقوق المرأة والمواطنة صعدت أولامب فعلاً إلى درج المقصلة، لتواجه حكم إعدامها بسبب أرائها السياسية التي دافعت فيها عن حقوق الفرد وحرية العبيد وحقوق النساء.

كان على النساء من بعدها أن يعملن الكثير للحصول على شيء يسير مما طالبت به، مجازفات في كثير من الأحيان بأن يلقين مصائر أقل هولاً، مما تعرضت له ولكنها ليست أقل شأنا من مصير دو غوج.

"أنا زهرة" تعيد ترجمة الإعلان الأول لحقوق المرأة في التاريخ بمناسبة مئة عام على يوم المرأة العالمي هذا العام فماذا حدث من ذلك الزمان إلى الآن وماذا تغير علينا؟

" مقدمة:

الأمهات، البنات، الأخوات، ممثلات الأمة، يطالبن أن يكون لهن مجلس وطني. وإذ نعتبر أن الجهل، الإهمال و الاحتقار لحقوق النساء، المسببات الأساسية لشقاء الجمهور و فساد الحكومات، فإننا عازمات على أن نعرض في إعلان واضح، الحقوق الطبيعية المقدسة و الثابتة للنساء، وذلك بغية أن يكون هذا الإعلان، الحاضر باستمرار في كل تكوينات المجتمعية، تذكيرا مقيما بواجبات هذه التكوينات. كذلك يسمح هذا الإعلان بأن تكون ممارسات النساء ونشاطهن المرتبط بالسلطة، قابلة للمقارنة مع مقابلاتها عند الرجال، في كل لحظة في ضوء الهدف العام لكل مؤسسة سياسية، وبهذا تكون حقوق النساء أكثر احتراما. يتيح هذا الإعلان، أخيرا، أن تكون مطالبات المواطنات، وقد تأسست من الآن وصاعدا وفق مبادئ بسيطة و متفق عليها، عاملا يسهم في الحفاظ على الدستور و الأخلاق الجيدة و سعادة المجتمع. وبناء على ذلك فإن الجنس الأرفع في الجمال كما في الشجاعة، في آلام الأمومة، يقر و يعلن، بحضور و رعاية الكائن الأسمى، الحقوق التالية للمرأة و المواطنة:

المادة الأولى

تولد المرأة حرة وتظل مساوية للرجل في الحقوق. إن التمييزات الاجتماعية لا يمكن أن تتأسس إلاّ على المنفعة العامة.

المادة الثانية

إن هدف كل جمعية سياسية هو الحفاظ على الحقوق الطبيعية وغير القابلة للتقادم لكل من المرأة والرجل: هذه الحقوق هي الحرية والملكية والأمن وعلى الخصوص الحق في مقاومة الاضطهاد.

المادة الثالثة

إن مبدأ كل سلطة يقوم، جوهرياً، في الأمة والتي ليست سوى اجتماع كل من المرأة والرجل: ولا يمكن لأي جهة أو فرد أن يمارس سلطة ما لم تصدر عن هذه السيادة بشكل واضح.

المادة الرابعة

إن الحرية والعدالة يقتضيان أن ينال الفرد ما يحق له. وهكذا فإن الحقوق الطبيعية للمـرأة لا يحدها شيء سوى التسلط المتواصل الذي يمارسه الرجل عليها. هذه الحدود يجب أن تصلح بإخضاعها لمنطق العقل والطبيعة.

المادة الخامسة

إن قوانين العقل والطبيعة تمنع أي فعل يسيء إلى المجتمع، و كل ماتسمح به هذه القوانين، الحكيمة والمقدسة، لا يمكن منعه، ولا يصح أن يضطر أحد لفعل ما لا يتفق مع هذه القوانين.

المادة السادسة

يجب أن يكون القانون تعبيراً عن الإرادة العامة فعلى المواطنات والمواطنين السعي بشكل شخصي أو من خلال ممثليهم للمساهمة في صياغته، ويجب أن يكون القانون واحداً بالنسبة للجميع، بما أن كل المواطنات والمواطنين متساوون في نظر القانون ولهم الحق في الحصول على نفس المراتب والمناصب، والمسؤوليات العامة وذلك حسب إمكانياتهم باستثناء أي تمييزات أخرى سوى صفاتهم وقدراتهم.

المادة السابعة

تقع النساء تحت طائلة القانون ويمكن أن تتعرض المرأة للمحاكمة والإيقاف والسجن وفقاً للحالات المنصوص عليها. فالنساء يخضعن للقانون تماماً مثل الرجال.

المادة الثامنة

لا ينبغي أن ينص القانون إلاّ على عقوبات هي بحكم البداهة ضرورية، ولا يمكن أن يحاكم الفرد إلا بمقتضى قانون صادر قبل وقوع الجنحة وتطبق هذه الأحكام على نحو شرعي على النساء أيضاً.

المادة التاسعة

حين تثبت إدانة أي امرأة تطبق عليها حكماً وبحزم الإجراءات المنصوص عليها وفق القانون.

المادة العاشرة

لا يجب أن يتعرض أحد للمضايقة بسبب آرائه، بما فيها تلك التي تخص القضايا الأساسية، إن المرأة تصعد درج المقصلة وينبغي أن يكون بإمكانها أيضاً أن تصعد إلى كرسي القضاء طالما أن هذه التمظهرات لا تؤدي إلى اضطراب النظام العام المقرر وفقاً للقانون

المادة الحادية عشرة

إن حرية تداول الأفكار والآراء هو أحد الحقوق الثمينة للمرأة، بما أن حريتها هذه تسهم في توثيق شرعية انتماء الأبناء لآبائهم. ولكل مواطنة الحق في أن تصرح بحرية بأنها أم لطفل من ذاك الرجل دونما أحكام مسبقة همجية تحملها على إخفاء الحقيقة، ولا شيء يحد هذه الحرية إلا استخدامها على نحو متعسف في حالات يحددها القانون.

المادة الثانية عشرة

إن ضمان حقوق المرأة والمواطنة مصلحة عامة عليا، ويجب أن يكون ضمان هذه الحقوق في مصلحة الجميع وهو بالتأكيد لا يهدف إلى المصلحة الخاصة للنساء المعنيات بهذه الحقوق.

المادة الثالثة عشرة

من أجل الحفاظ على القوة العامة وضمان المصاريف الإدارية يجب أن تكون مساهمة المرأة فيها مساوية لمساهمة الرجل. كما يجب على المرأة أن تتحمل مسؤوليتها في المهام الشاقة والصعبة، ولذا يحق لها أن يكون لها موقعها أيضاً في تحمل المسؤوليات والعمل والاستحقاقات والصناعات.

المادة الرابعة عشرة

إن للمواطنات والمواطنين الحق في أن يراقبوا بأنفسهم أو من خلال ممثليهم موجبات الإنفاق العام. إن المواطنات لا يسعهن المساهمة في الشأن العام إلا من خلال القبول بمشاركة متساوية، لا تخص الثروة فقط ولكن أيضاً في كل مايخص الإدارة العامة ومايخص تعيين نسب المشاركة والحصص وتعيين طبيعة المشاركة الضريبية.

المادة الخامسة عشرة

إن جمهور النساء، المتحدات من أجل المساهمة مع جمهور الرجال، يملك كامل الحق في محاسبة موظفي الدولة عن أداء إدارتهم.

المادة السادسة عشرة

إن كل مجتمع لا يحرص على ضمان الحقوق المواطنين ولا يحرص على الفصل بين السلطات المتعينة لا يمكن أن يكون له دستور. ويعتبر الدستور لاغياً مالم تساهم غالبية أفراد الأمة في صياغته.

المادة السابعة عشرة

الحق في الملكية مضمون للأفراد من كلا الجنسين في حال اجتماعهما أو انفصالهما. وللملكيات حق مقدس لا يمكن اغتصابه. ولا يمكن حرمان أحد من الملكية بما هي إرث طبيعي مالم تقتض  المصلحة العامة ذلك في حالات يعينها التشريع على نحو واضح مع اشتراط أن يحصل الفرد على تعويض عادل عنها.

خاتمة..

أيتها المرأة.. استيقظي، تعرفي حقوقك، إن جرس العقل يسمع صوته في كل الكون. إن المملكة المهيبة للطبيعة لم تعد محوطة بالأحكام المسبقة، التعصب، المخاوف الغريبة و الكذب. شعلة الحقيقة تبدد كل غيوم الحماقة و الاحتيال. الرجل العبد ضاعف قواه، و احتاج إلى اللجوء إلى قوتك أنت لكي يقهر قيوده. أما الآن وقد تحرر فها هو غير عادل تجاه شريكته, يا أيتها النساء ! متى ستتوقفن عن أن تكن عمياوات؟ اي امتيازات حصدتن من الثورة؟ احتقار أكثر وضوحا، و تجاهلا أكثر جلاء. 

في قرون الفساد لم تحكمن إلا على ضعف الرجال. مملكتكن تهدمت، فما الذي بقي لكن إذن؟ يقينكن بلا عدالة الرجل. المطالبة بإرثكن الخاص، إرث يقوم في القرارات الحصيفة للطبيعة، أثمة حقا ما يدعوكن للخشية في مبادرة على هذا القدر من الجمال؟ لعلكن تخشين المشرع الفرنسي، المدافع عن أخلاق، تتعلق منذ زمن بعيد بذرائع السياسة، في حين أن أوانها قد فات، لعكن تخشين الأقوال التي يمكن لمشرعينا هؤلاء استعادتها: أيتها النسوة، أثمه قاسم مشترك حقا بينكن و بيننا؟ سيتوجب عليكن تقديم الإجابة بالقول ، كل شئ مشترك بيننا.

وإن تعنت الرجال، في ضعفهم، و أصروا على وضع هذا التهافت في وجه مبادئهم ذاتها، فعليكن أنتن تقع مهمة أن ترفعوا، بشجاعة، قوة العقل في مواجهة كل ادعاءات التفوق الكاذبة. اتحدن تحت رايات الفلسفة، و انشرن طاقة خصالكن كلها، و سترين قريبا مدّعي الكبر هؤلاء، معجبين طائعين يزحفون عند أقدامكن، ولكن فخورين بأن يتقاسموا معكم كنوز الكائن الأسمى. مهما تكن العوائق التي تقام أمامكن، فإن في وسعكن تجاوزها كلها، ولا يلزمكن في سبيل ذلك إلا الإرادة وحدها."