يقول لي صديقي "لو عاد بي الزمن إلى الوراء لتصرفت بشكل مختلف مع المرأة التي طلبت مني الزواج". فاجئتني هذه العبارة ونحن جالسين على شرفة المنزل نتحدث عن أين آلت بنا الأيام الآن، حديث رجالي جداً إن جاز التعبير، امتد من أعمالنا وأحلامنا وحتى النساء التي مررنا في حياتهن أو مروا في حياتنا.

ووجدت صديقي يبرر لنفسه قبل أن يوضح لي كيف أنه "خاف" من جرأة هذه المرأة التي وجدها غريبة عن مجتمعنا، وأنه حتى وإن كان بينهما تقارب وتفاهم وجد غريباً منها أن تتقدم وتطلب يده بتلك الطريقة. قال لي: "اتصلت بي على الهاتف وبصوت مضطرب طلبت أن تقول شيئاً لن تستيطع أن تقوله في وجهي وهي بذلك تجنبنا الاثنين الحرج. صمتت مدة ثم قالت "هل تتزوجني؟"...وساد صمت طويل استمر منذ 10 سنوات إلى الآن.

رغم أننا نستمد الكثير من سلوكياتنا من ديننا وتراثنا، ولكن هناك أمور ارتبطت بالعرف وبات من الصعب تجاوزها إلاّ في حالت نادرة وقليلة. ورغم أننا نعرف أن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها هي التي طلبت من النبي عليه الصلاة والسلام الزواج منها، فإن النساء يجدن في هذا الأمر غضاضة كبيرة ويصعب عليهن الإقدام على مثل ذلك أو الاقتداء بأول نساء النبي عليه السلام. كما يجد الرجل أيضاً نفوراً طبيعياً في نفسه من المرأة التي تعرض عليه الزواج، حتى وإن كان في ذلك إرضاء كبير لغروره.

يميل الرجل بشكل إلى المرأة التي ترفضه مراراً والتي يضطر لبذل الكثير حتى يحصل على رضاها. ويعود ذلك لأسباب كثيرة منها ماهو اجتماعي ومنها ماهو نفسي.

الطبيب النفسي محمد أبو زيد يفسر هذا السلوك بأنه جزء من الرغبة في التملك والاستحواذ على الأشياء التي نريدها بشدة وليس من السهل الحصول عليها وهي قيمة وللأسف متوفرة ومتأصلة في ذات الرجل الشرقي بشكل خاص. ويرتبط ذلك بالقيم التي أنشئنا عليها وهي تخص المرأة بصفات إن خرجت عنها ابتعدت عن "الأنوثة" ومنها الحياء والتحفظ. كما أن المرأة المستقلة والمبادرة تشعر الرجل بالإرباك بالضبط لأنها تخرج عن النموذج المتعارف عليه اجتماعياً. ليس هناك في تربية الرجل ولا في المنظومة القيمية التي تحيط به مايهيئه للتعامل مع نموذج استثنائي كما في هذه الحالة".

ولا يعتبر المهندس المدني الشاب شادي الزامل أنه من المبالغة اعتبار هذا النوع من النساء "قليلات التربية" ويعبر عن قلة احترام للرجل ولنفسها أولاً. ويزيد أن "في هذا عرض لنفسها بطريقة تسيء لها وهذا معيب ومخالف لعاداتنا. ثم أنه هذا النوع يدعو الرجل للحذر لأنهن غالباً متسلطات".

أما أستاذة القانون الجامعية سلمى الطيار فتحكي لـ"أنا زهرة" إن تجربتها ليست مشجعة أبداً، وتبين "حدث لي ذلك مع زميل عمل وصديق قريب أحترمه وأقدر رأيه وكان بيننا تقارب، وشعرت أنه يريد أن يكلمني ولكنه متردد وخائف من موقفي ولهذا يكتفي بالتلميحات دائماً فقررت بعد طول تفكير أن أبادر أنا وأفاتحه، ولأسباب تتعلق بالثقة فيه ولأنني بدأت أكبر في العمر وأريد أن أكون عائلة كما أنني عرفته مثقفاً ومنفتحاً فلم أكن أتخيل رد فعله، فقد تفاجأ وحاول أن يبدو متفهماً ثم سارع لإنهاء الحوار بطريقة فظة وبدأ يتجنبني بأعذار واهية وشعرت بخيبة كبيرة وحزن شديد وخسرته كصديق أيضاً".

بينما تفضل سها الكولي الطالبة الجامعية المغربية أن يبادر الرجل وتستبعد تماماً أن تقبل على المبادرة بأي شعور أو خطوة من أي نوع، مبينة أنه من الأفضل للمرأة "الانسجام مع الأخلاق والقيم التي تربينا عليها لأنها توفر الحماية للمرأة. والتي تهتم بأن يسعى الرجل إلى المرأة وأن لا تبدو المرأة سهلة المنال أيضاً".

وأنت عزيزتي قارئة "أنا زهرة" مارأيك في المبادرة والتعبير عن العواطف أو الرغبة في الزواج من أي رجل؟