قبل أكثر من أربعين عاماً، قرّرت إحدى الشابات النسويات المتحمّسات أن تنقل أخباراً سيّئة عن الحياة الجنسيّة للزوجات الأميركيات. هكذا، أصدرت شير هايت كتابها الأول الشهير «تقرير هايت حول الحياة الجنسية النسوية» (1976). ومنذ ذلك الحين، عانت الأمرّين من سخط المجتمع الأميركي وتهجّم رفاقها الأكاديميين على منهجيّتها. رغم ذلك، استمرت هايت في إصدار كتبها حتى أكملت رباعية تقاريرها.

ذكرتني حالة شيرهايت (مع حفظ الفوارق الدينية والاجتماعية والثقافية بلا شك) بما تثيره تصريحات الموجهة الأسرية في محاكم دبي، الإماراتية وداد لوتاه كلما ظهرت في أي من وسائل الإعلام من لغط حولها وهجوم عليها، خاصة بعد أن أصدرت كتابها "سري للغاية" الذي تحدثت فيه عن آداب المعاشرة الزوجية وكيفية الوصول إلى اللذة الجنسية.

كتبت لوتاه "سري للغاية" مدفوعة بما شاهدت وسمعت وقرأت أثناء عملها كموجهة أسرية في محكمة دبي، وتساءلت في إحدى أحاديثها التلفزيونية، إن كان من العدل أن تتجازو امرأة عمر الخمسين وهي لا تعرف أن هناك مايسمى باللذة الجنسية للمرأة؟! وهي واحدة من الحالات التي صادفتها لوتاه أثناء عملها. وتتساءل أيضاً إن كان من حق أحد حجب المعرفة الجنسية بحيث تظل المرأة مغيبة تماماً عن مكامن سعادتها التي هي حق من حقوقها الشرعية؟

وإن كانت شيرهايت قد استندت في كتابها إلى استمارة أسئلة عن الحياة الجنسية للنساء فقط وزعت منها 10 آلاف نسخة بالبريد وحصلت على ردود 4500 حالة، فقد استندت لوتاه على 400 حالة تعرض عليها سنوياً في عملها، بالإضافة إلى النساء اللواتي تلتقيهن أثناء عملها في الدعوة وإعطائها المحاضرات التوعوية.

ونذكّر مرة أخرى بأننا ندرك حجم الفوارق بين لوتاه وشيرهايت، لكن الخلاصة التي نخرج بها من خلال عمليهما واحدة: النساء بالرغم من اختلاف الجغرافيا والزمن تعيسات في فراش الزوجية. وأسباب هذه التعاسة تعود لاعتبارات كثيرة، منها: الخجل والجهل والخوف. والأهم يكمن في إدراك أن التصورات الجنسية أكثر صلة بالبنى الاجتماعية منها بما نحسبه أمراً شخصياً حميماً.

إن هذا النوع من الكتب التي تناقش المسكوت عنه، خاصة حين تكتبه امرأة ويتعلق بالتعبير عن الحب، هو محاولة جريئة وفي وقتها لإعادة تعريف الحياة العاطفية واكتشاف تلك الجنسية. كأن لوتاه بذلك تواسي ملايين النساء صاحبات الحياة الجنسية البائسة بقولها "إنّه ليس خطأك". ومن خلال الاستماع إلى لوتاه و قراءة هايت وهما تناقشان الحياة العاطفية بين الزوجين، يثبت لنا كيف يصبح الرجل نجم الحياة الزوجية، وتتعلّم المرأة أن تكون مغذّيةً بينما يتعلم الرجل أن يتغذّى جيداً.

كما يتبين لنا أن مساءلة المرأة للذتها وتحققها مع شريك حياتها ليست أمراً ينتهي عند حافة سريرها، بل إنه يضع النظام الاجتماعي والثقافي برمّته قيد البحث والنقد، وهي عملية،إن بدأت، فلن يكون لها حدّ. ونحن نحب أن نكون متفاءلات ونقول إننا الآن أكثر وعياً ومطالبة بحقنا المشروع في السعادة في سرير الزوجية.