تعد هناء زهير نموذجاً للمرأة المؤثرة في الاقتصاد والإدارة، فهي السعودية التي جالت بلدان العالم لتكتسب خبرة في هذا المجال، وتنقلها إلى بلادها من خلال عضويتها في مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة في المنطقة الشرقية السعودية، ونائبة صندوق الأمير سلطان لدعم مشاريع المرأة. "أنا زهرة" حاورت زهير في هذا اللقاء:


يقال إنك "مقاتلة"، فماذا يعني لك ذلك؟ وهل قاتلت فعلاً حتى وصلت إلى ما أنت عليه اليوم؟
لم أسمع بهذه المقولة قبلاً. أنا لم أقاتل للوصول إلى ما أنا عليه. لقد تعبت وثابرت، وجهودي أثمرت. حصلت على جوائز عدة تتعلق بالشخصية القيادية، وتم اختياري بوصفي المرأة النموذجية في حملة الأيادي البيضاء التي تقام على مستوى الوطن العربي.


أين تضعين المرأة السعودية بين النساء الخليجيات؟
وصلت الى مصاف النساء على مستوى منطقة الخليج العربي، وما زالت بحاجة إلى دعم لدفع مسيرتها التنموية إلى الأمام. أنا اليوم أراها تسير على طريق مفروش بالورود، مع خريطة واضحة المعالم. وهذا الأمر يعزّز قدراتها ويسهم في الإفادة منها، وهي لا تقلّ عن المرأة الخليجية، فمشاركتها في المحافل الدولية باتت مؤشراً إلى أهمية إشراكها في صنع القرار. وإيصال صوتها إلى صنّاع القرار مسألة باتت سهلة.


ماذا يشغلك في حياتك العملية في السعودية؟ وما هي مخاوفك على المرأة الخليجية؟
ما يشغلني هو عدم استغلال الفرص التي تقدَّم للمرأة السعودية، وهذا ما أخشاه حقاً، فلا مبررات لعدم نيل الحقوق. الكرة الآن في ملعب النساء وهذا عصرهن الذهبي. ولا يوجد ما يعيق طريق المرأة السعودية. ولا أخشى على المرأة الخليجية عموماً لأنّها تضاهي النساء العربيات في القدرة على المشاركة، وتولّي زمام الأمور، والاستثمار، وتولّي المناصب القيادية وغيرها.


ما الذي أضافته إليك عضويتك في مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة في الشرقية؟ وما الذي أضفته إليها؟
العضوية لم تكن تشريفاً بقدر ما هي تكليف. عضويتي في المجلس كانت تهدف إلى توحيد الصوت النسائي، وإيصال الأصوات النسائية المطالبة بتذليل العثرات والتخفيف من القيود. فسيدات الأعمال كن يواجهن معتركاً معقّداً. وهذا الأمر تم طرحه على طاولة مجلس الإدارة في غرفة الشرقية. لقد تم بحث الكثير من المسائل والتوصل الى حلول جذرية بشأنها. وما قدمته لي الغرفة هو التقدير والاحترام على كل ما قدمته عندما قمت بتأسيس مركز سيدات الأعمال، وبدأت أصغي للفتيات رائدات المشاريع، وبدأت أطلع على طموحات الفتيات من خلال إدماجهن في السوق وإدخالهن سوق العمل في ظل منافسة قائمة بين الرجال فقط.


انصبّ اهتمامك على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لماذا؟
البطالة قضية شغلتني دوماً. فالفتيات يتخبطن في البحث عن عمل وإيجاد مصدر رزق، وطوابير الانتظار للوظائف الحكومية أثقلت كاهلهن. فكما يقال للصبر حدود. ولم أعد أحتمل أن أرى فتيات بلدي يتخبطن في البحث عن وظيفة. خلال زياراتي إلى الدول الغربية، لاحظت هناك الاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وكيفية محافظتها على عصب اقتصاد البلد. وتعمقت في البحوث إلى أن وصلت إلى هدف احتواء الفتيات وبحث أفكارهن من خلال صندوق للدعم والتمويل ومساعدتهن في دخول سوق العمل. وتم عرض الفكرة على صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود أمير المنطقة الشرقية، وحظيت الفكرة بكل دعم واهتمام، لأنّ هدفنا هو الشباب واستثمار طاقاتهم وتوظيفها بما يتناسب مع قدرات المجتمع. والسرّ في المشاريع الصغيرة والمتوسطة هو بقاؤها واستمراريتها، فهي منبع لعصب اقتصادي متين.


يقال إنّه وراء كل رجل ناجح إمرأة عظيمة، ما رأيك بهذه المقولة؟
المرأة قادرة على أن تكون معطاءة بتروّيها في التفكير وذكائها الاجتماعي. هي قادرة على التخطيط أكثر من الرجل. لذا، فوراء الرجل الناجج إمراة عظيمة بتفكيرها.


هل تتوقعين أن تنعكس هذه المقولة بعد النجاحات النسائية ومنافسة المرأة للرجل في الكثير من المجالات؟
المرأة والرجل شريكان في التنمية ولا يعيشان في علاقة تنافسية. البساط لم يسحب من تحت أحد على حساب آخر. كلّ إنسان قادر على إثبات وجوده بفكره وعقلانيته. فالفرص الآن متاحة للجنسين وعلينا التحرك بذكاء.


إلى أي مدى وصلتم في تحقيق أهدافكم في صندوق الأمير سلطان؟
الحمد لله، وصلنا الى مستويات تعتبر إنجازات عظيمة. ما عليكم سوى متابعة كل ما يحدث من مستجدات على أرض الواقع. فنحن قولاً وفعلاً. الصندوق حقق جملة أهداف خلال أعوام فقط. تمكنّا من تمويل 45 مشروعاً، وبعض المشاريع فازت في جوائز دولية كمشروع "نوريات" وهو أول مطعم نسائي. إذ تم ترشيحه كأفضل مشروع على مستوى منطقة الشرق الأوسط، ونالت صاحبته جائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. وحالياً، دخلنا في اتفاقيات دولية مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ضمن برامج التطوير في خطته. كما يتم حالياً تدريب المستفيدات على أيدي خبراء بريطانيين. ولدينا حزمة برامج في المراكز التي انبثقت من الصندوق، مثل مركز الأميرة جواهر بنت نايف لدراسات وأبحاث المرأة، ومركز الأمير محمد بن فهد للقيادات الشابة، ومركز دعم وتمويل المشاريع.


هل توسعت خدماته على مستوى الخليج يحيث تستفيد منه المرأة الخليجية؟
نسعى حالياً لأن تمتدّ خدماته وتنتشر عملية تبادل الخبرات على مستوى السعودية. وقد يكون التعاون على مستوى منطقة الخليج العربي من خلال أنشطة تنفذ داخل الصندوق عبر تبادل الخبرات.

أخيراً ما الذي يغضبك؟ وما رسالتك إلى الفتيات الخليجيات؟
ما يغضبني نقص ثقافة الوعي الحقوقي. الجهل أمر يثير الغضب، ورسالتي لكل فتاة خليجية أن تفتخر بنفسها وتعتز بقدراتها وكفاءتها وأن تسعى لاستغلال الفرصة لتطوّر نفسها وتصبح إنسانة معطاءة قادرة على تحمل المسؤولية. فالقيادة روح الشباب، والاستثمار الأمثل فرصة مناسبة للارتقاء في العمل والوصول إلى أعلى المراتب. أتمنى من الشباب استغلال مناخ الاستثمار في منطقة الخليج العربي والانخراط في تحقيق التنمية للحفاظ على ثروتنا التي هي رأس مالنا، وثروتنا هي شبابنا.