منذ أن خضع نضال سيجري لعملية استئصال حنجرته وهو يبعث العديد من الرسائل الخطية إلى السوريين بسبب عجزه عن النطق. وبعد سلسلة رسائل حذّر فيها الشعب السوري من المؤامرة، ها هو يوجّه رسالة جديد وسط ازدياد وتيرة العنف والدم في بلده. الرسالة لم يوجّهها هذه المرة فقط إلى السوريين بل أيضاً إلى العالم العربي، وخصوصاً الدول التي طالها ما يسمى بـ"ربيع الثورات العربية". وعنون الممثل السوري رسالته بـ"ربيعٌ عربي باللون الأحمر" وجاء فيها: "كنا صغاراً نسعد لقدوم الربيع، ونخطو صوبه كما نخطو صوب أحضان أمهاتنا. ففي الحالتين كان الربيع كما أحضان أمهاتنا، حدثاً يجعل كل شيء أجمل وأحلى وأبهى. وكنّا في الربيع ننتظر بشوق صحو الياسمين الأبيض الغافي على أغصان خضراء غاية في الرقة، لتعانقنا رائحته، قبل أن تحملنا في الشام نحو عالم من السحر ومن الحلم يخطُ أجمل أيامنا، وأجمل ما فيها أيام الطفولة، وأجمل ما في أيام الطفولة الربيع".


ويتابع سيجري: "اليوم يسألنا أبناؤنا عن سحر الربيع الذي وصفناه في حكايتنا المسائية لهم، وعن وعودنا برحلات الربيع، أسئلة بريئة تربكنا، وتزيدنا خوفاً وحزناً حين يخطر في بالنا سريعاً ربيعٌ آخر لا يشبه ربيع طفولتنا، وربيع أطفالنا هو ربيعٌ طارئ، ربيعٌ بلون آخر، ليس أخضر على الإطلاق ولا يحمل فوق أغصانه لا ياسمين ولا فواكه طازجة، ولا أي شيء يدعو إلى الفرح".


ويتساءل سيجري "أي ربيع نعيشه اليوم؟ ربيعٌ باللون الأحمر، لون الدم لا الورد يحاصرنا في ما بات يعرف بالربيع العربي. حتى الأطفال لم تسعفهم خيالات حكاياتنا بتذكّر الربيع الذي عرفوه وانتظروه، ولم يفلحوا في الهروب من الزائر الطارئ، فصاروا جزءاً لا يتجزأ من الربيع الأحمر. ربيع عربي يدعو إلى الخوف لما يحمل في طياته من لغات غير عربية ولهجات غير محلية، ربيع عربي مليء بالتدخّل الخارجي. بدمنا المسفوك على مذبح رغباتهم، فأي ربيع مسخ ننتظر منهم وبانتظارهم؟ أي ربيع نعد أطفالنا به؟ ربيع عربي ركائزه الأساسية المؤامرة على كل مواطن عربي، وتقسيم المقسم وتجزيء المجزأ. أهكذا تورد الإبل يا أصدقائي؟".


وهنا يتوجه سيجري إلى العرب: "أيها المواطنون العرب، أهكذا صار الربيع العربي؟ ثقيل، لا يشبه الربيع ورقة نسيمه كما عرفناه طوال حياتنا، ربيع عربي يجعلنا نخاف من بعضنا ويفقدنا الثقة ببعضنا... بالله عليكم احكوا لنا الحكاية من البداية حتى النهاية، هل هناك نهاية لهذا الربيع العربي المزعوم؟


أين أنت يا جدتي لنلوذ بك وبحكاياتك من ربيع قاس جداً يعصف بنا، ربيع يغتال ربيع حكاياتك، يلاحقه فلا يصل إليه، هو ربيع لا يمت إلى ربيعك البريء قيد أنملة، إنه ربيع قاتل مليء بالدم، وها هو يا جدتي لون الدم الأحمر المهدور يتغلب على ياسمين ربيعك الأبيض وكل ما يشهد عليه من حياة، ها هي يا جدتي أغصان الزيتون واللوز والرمان، وكذلك النعناع تصرخ: لماذا أبدلتمونا بالبنادق؟"


كما لم ينسَ هنا أن يوجه رسالةً للسوريين يقول فيها: "ألا يكفي يا أبناء أمي العظيمة، أيها السوريون رأفةً بعالم بريء لأطفالنا ولكبارنا ولنا نحن، هل ابتعد الفرح عنّا إلى هذا الحد حقاً؟ هل هربت الحياة من بين أصابعنا؟ هل سيهرب المستقبل منّا أيضاً ونبقى في هذا الحاضر الموجع؟ يا أبناء أمي العظيمة: ما نعيشه اليوم كسوريين ربيعٌ سوري موجع ومؤلم، هو ربيعٌ أحمر بامتياز، ربيعٌ جنائزي لن نخرج منه إلا إذا اجتمعنا كلنا معاً، يا أبناء أمي العظيمة: يكفينا سخريةً من الطبيعة التي خلقت من أجلكم، لكنكم تقتلون كل الأغصان والألوان فيها لكي تعيشوا. ألا تعلمون أنّ موتها هو موتنا جميعاً لا محال، فأين المكسب؟ أين الحياة التي تريدونها لأوطانكم، حين يحضر الاقتتال، ويهرب السلام، ونفقد الأمان، وفي كل مرة الخاسر هو نحن، فما من رابح في حرب الاخوة".


المزيد:
نضال سيجري للسوريين: لنفكّر إلى أين نأخذ وطننا الطاهر
"أنا زهرة" تنشر رسالة نضال سيجري إلى السوريين