لا يتطلّب تجسيد شخصية عامة أو فنية على التلفزيون وفي عمل درامي أن يكون الممثل قريب الشبه من الشخصية التي يؤديها أو نسخة عنها. على الممثل فقط أن يوظّف طاقاته لاستحضار روح الشخصية، وإقناع المشاهدين بأنّه قادر على إجادة تجسيد الشخصية التي يقدّمها. هذا ما حصل مع صابرين التي لم تكن تشبه أم كلثوم لا من قريب ولا من بعيد، لكنّها استطاعت إقناع المشاهدين بأدائها.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى سلاف فواخرجي حين قدمت شخصية أسمهان ونجحت في إقناع المشاهدين بدورها وأدائها التمثيلي. فيما فشلت منى زكي في إقناع المشاهدين حين قدمت دور "السندريلا" سعاد حسني، وكذلك الأمر مع السورية صفاء سلطان التي فشلت فشلاً ذريعاً عندما قدّمت دور ليلى مراد.

التجارب السابقة تشبه تجربة كارول سماحة التي فازت بـ "الصبوحة" بعد الكثير من الأقاويل وإعلان فنانات كثيرات عن ترشيحهن لهذا الدور. وعلى رغم غياب الشبه بين "الصبوحة" وكارول سماحة في الشكل واللون الغنائيين، إلا أنّ كارول قبلت التحدي، مرتكزة إلى تجربتها المسرحية مع الرحابنة وخبرتها في مجال التمثيل. وقد اعتبر الأمر مغامرةً بالنسبة إليها كون صباح لا تزال على قيد الحياة، وكان يُفترض أن تتم الاستعانة بقناع تضعه كارول لتبدو قريبة الشبه من "شحرورة الوادي". إلا انه تم الاستغناء عنه لاحقاً بعدما بذلت كارول جهداً كبيراً في استحضار روح صباح.

ورغم أنّ المسلسل لا يزال في حلقاته الأولى، إلا أنّه يعتبر حتى الآن من الأعمال التي تحظى بنسبة متابعة جيدة، خصوصاً أنّ المشاهد يقوده الفضول لمعرفة تفاصيل حياة فنانة لُقِّبت بـ "الأسطورة" وما زالت حديث الناس حتى اليوم. أضف إلى ذلك أنّ العمل بمجمله يقدّم مجموعة من نجوم الشاشة اللبنانية الذين يطلون في هذا الموسم الرمضاني على المشاهد العربي وليس اللبناني فقط، كون المسلسل يتعلق بنجمة تعدّت شهرتها الحدود.

استطاع الممثل القدير رفيق علي أحمد الذي يجسد دور والد صباح أن يبرع في دوره. وكذلك الأمر بالنسبة إلى كارمن لبّس التي تجسد شخصية المنتجة آسيا داغر. إذ برعت بدقة متناهية في إقناع المشاهد بدورها وبالشخصية التي تلعبها، وفي إثبات أنّها ممثلة قديرة من طراز رفيع. والأمر نفسه ينسحب على جوليا قصار التي تجسّد دور والدة صباح.

اللافت في العمل أنّ جميع الممثلين استطاعوا استحضار الشخصيات التي يجسّدونها والحضور في المسلسل، فيما غابت شخصيته الرئيسية ألا وهي صباح. وعلى رغم اجتهاد كارول وخبرتها في مجال التمثيل، إلا أنّها لم تستطع إقناع المشاهد حتى الآن بأنّها تجسّد دور "الصبوحة". إذ بدت مشتتة وحائرة بين تأدية حركات صباح الجسدية التي تمرّنت عليها كثيراً، وبين تعابير وجهها التي تخونها في الكثير من المشاهد، خصوصاً أنّ تكوين وجه كارول لا يخدمها في استحضار روح صباح وشخصيتها.

الأسطورة اللبنانية التي اشتهرت بدلع وغنج وطريقة كلام خاصة بها، بدت عصيةً على كارول سماحة التي تسير في أدائها التمثيلي ضمن وتيرة واحدة. إذ تعبّر عن الحزن والفرح والانفعال والهدوء بالتعابير نفسها التي لا تتغير. وفي وقت ما زال فيه الحكم على أداء كارول مرتبطاً ببقية مراحل حياة صباح وخصوصاً المرحلة التي أصبحت فيها شقراء، تبقى كارول أمام امتحان صعب عليها تجاوزه وإقناع المشاهد بأنّ صباح حاضرة في العمل وليست مجرد اسم.

من جهة أخرى، أصدرت الشركة المنتجة للعمل "سيدرز آرت بروداكشن" والفنانة صباح بياناً مشتركاً ردّتا فيه على الكثير من الأقاويل التي طالت العمل وانتقدته واعتبرته تشويهاً للوقائع. وجاء في البيان الذي تلقت "أنا زهرة" نسخة عنه: "بعدما كثرت الأحاديث والأقاويل والإشاعات التي تتعلق بمسلسل "الشحرورة" والمتداولة في الإعلام المرئي والمسموع، جئنا بموجب هذا البيان المشترك نوضح الأمور التالية المتعلقة بهذا المسلسل الذي يبث ويعرض حالياً على محطات التلفزيون:

أولاً: إنّنا نؤكد بأنّ جميع الأقاويل المتداولة في الإعلام حول أي نزاع قائم بين صباح وبين منتجة المسلسل شركة "سيدرز آرت بروداكشن" (صبّاح إخوان) بسبب مسلسل "الشحرورة" أمر غير دقيق ولا أساس له من الصحة، وأنّ العلاقة التي تربط الشركة المذكورة بالفنانة صباح هي علاقة مميزة ومتينة ومبنية على الإحترام المتبادل.

ثانياً: نعود ونؤكد مرة جديدة على أنّ هذا العمل هو من بين الإنتاجات التلفزيونية الأهم من حيث ضخامته وجودته ومهارة الممثلين والمؤدين للأدوار فيه، وأنه سوف يعيد أمجاد الدراما اللبنانية كما كانت في السابق. ونود أن نهدي هذا العمل الى المشاهد العربي بشكل عام واللبناني بشكل خاص.

ثالثاً: نوضح أنّ هذا العمل يتناول حياة الفنانة صباح الشخصية والمهنية وله طابع درامي، وبالتالي فإن بعض الأحداث والشخصيات الموجودة فيه مختلقة وذلك لحاجة ربط الأحداث والشخصيات بشكل درامي يزيد من تشويقه لمتابعته. علماً أن بعض هذه الشخصيات مستوحاة من خيال المؤلف لأسباب درامية متعارف عليها في هذا المجال.

رابعاً: وتوضيحاً للدعاوى والإجراءات القضائية التي واجهها المسلسل، فإننا نؤكد مجدداً بأن لا يوجد عند الفنانة صباح أو الشركة المنتجة "سيدرز آرت بروداكشن" (صبّاح إخوان) أي نية للإساءة الى أي شخص ولا سيما الى الفنانين الكبار في لبنان الذين أغنوا وساهموا في رفع المستوى الفني في لبنان، وكانوا وما زالوا عن حق وبكل جدارة رافعي راية الوطن في العالم.

المزيد:
أطباق رمضان