تقول الحكمة العربية الشهيرة "إذا كنت كذوباً، فكن ذكوراً"، وأغلب نجومنا يلجأون أحياناً إلى سلاح الكذب من أجل تسويق أنفسهم إعلامياً. إلا أنّ الأمور تختلط عليهم أحياناً، فيفوتهم الشطر الثاني من الحكمة وهو "كن ذكوراً"!


ليس مطلوباً من الجميع أن يصبحوا أبطالاً. يعلّمنا التاريخ أنّ الأبطال هم الندرة، لأنّ أولى قواعد البطولة أن تتحرر من نفسك، أي من مصالحك. إنها تشبه قوانين التحرر من الجاذبية الأرضية. كلنا نخضع لتلك الجاذبية في النهاية. الإنسان الاستثنائي فقط هو الذي يطير وهو على الأرض. أغلب نجومنا ليسوا أبطالاً، ولا يمكن أن يطيروا خارج تلك السيطرة إلا إذا تصوّروا أنّ أذرعهم قد تتحوّل أجنحةً مثل مسلسل كان يقدم في الماضي للأطفال بعنوان "فرافيرو العجيب"!!


آخر من ارتدى ملابس "فرافيرو" هو  تامر حسني الذي أكّد أنه رفض الغناء لمبارك قبل أشهر من تنحيه، واستشهد بوزير الإعلام السابق أنس الفقي. تامر يدرك طبعاً أنّ أنس لن يردّ عليه، لأنّه لا يزال في سجن "طرة" بسبب عشرات التهم التي تلاحقه. وإذا تصورنا أنّه رد، فهو الآن غير مصدق. لم يكتف تامر بهذا القسط من الأكاذيب، بل أضاف أنّه كان من المغضوب عليهم أثناء حكم مبارك، ولهذا منعت أغنياته في التلفزيون المصري لأنّه قال: لا لن أغنّي له!


كنتُ شاهد عيان على هذه الواقعة، وأظن أن الملايين أيضاً شاهدوها "شفت بعيني ما حدش قالي". عندما كان يؤكد للمذيعة في التلفزيون المصري أثناء ثورة يناير وفي عز الغضب الشعبي أنّه يعد أغنية لمبارك وقال كلماتها، حرص تامر على تنغيم الكلمات كأنه في حالة شجن مع نبرة حزينة تتوجه للرئيس بالصفح والمبايعة... فكيف لمن رفض الغناء لمبارك في عز قوته أن يسارع إلى الغناء له في عزّ ضعفه واحتياجه إلى الأصوات التي تؤيده، إلا إذا كانت تربطه أواصر صداقة ومنفعة بالنظام؟ تامر هو عكس عادل إمام.

الأخير آثر السلامة وابتعد عن تقديم أعماله الفنية، وأرجأ عرض مسلسله "فرقة ناجي عطا الله" لرمضان 2012. بينما تامر يعرض "آدم" بعد أسبوع في رمضان، ولم يكتف بالمسلسل بل طرح ألبومه الجديد "اللي جاي أحلى" في عز الغضب ضده ورغم أنّ السوق غير مضمون والمزاج النفسي العام ضد اقتناء الأشرطة. أضف إلى ذلك أنّ القرصنة عبر النت أثرت في بيع الأشرطة والـ "سي دي"، لكنّ تامر تحدّى وفعلها!


لا يمكن التعامل مع الناس باعتبارهم يملكون ذاكرة الأسماك التي تنسى الحدث بمجرد وقوعه. لقد أمضى تامر ستة أشهر في السجن الحربي عام 2006، متَّهماً بالتزوير للهروب من أداء الواجب الوطني. بعدها اتجه مباشرة إلى قصر الرئاسة للغناء لمبارك. وكان تامر يعلم أنّ غريمه عمرو دياب قريب من الرئاسة وتربطه صداقة بنجلي مبارك علاء وجمال. 

ولهذا كان حريصاً على تقديم الكثير لمبارك والعائلة. لقد آثر عمرو دياب الصمت أثناء الثورة، وذهب إلى دبي، وأحكم إغلاق تلفوناته. ملحوظة: عمرو يقول إنّه لم يذهب إلى دبي بل كان في القاهرة أثناء الثورة. في كل الأحوال، سواء كان في القاهرة أم دبي، لقد كان أكثر حرصاً. لم يكن عمرو أثناء الثورة متيقناً من الكفة الرابحة، فاختار الصمت طريقاً، ولم يتورط أو يتهور، ويذهب مثلاً إلى ميدان التحرير كي لا يطردوه شرّ طردة مثلما فعلوا مع تامر!


الزمن تغيّر يا "تمورة". كل شيء صار متاحاً على "يوتيوب"، فلماذا تصر على التحول الآن إلى ألد أعداء النظام الذين ناضلوا ضد العهد البائد. ليس مطلوباً أن تكون بطلاً متحدياً قوانين الجاذبية. هؤلاء هم الندرة لكن حاول أن تختار أكاذيب متقنة الصنع عندما تكذب. "كن ذكوراً" كما تقول الحكمة، ولا تنسَ ما حدث عندما صدّق أحد الأطفال أنّه "فرافيرو" العجيب، فصعد إلى سطح العمارة وأطلق يديه للريح، معتقداً أنّها أجنحة فجذبته الأرض إليها وسقط... ولم يقم مرة أخرى!

للمزيد:
صور: تسريحة ذيل الحصان موضة خريف 2011
فيديو: طرق جديدة لارتداء الحجاب