في بداية التسعينيات، انتشرت ظاهرة إعادة غناء أعمال عمالقة الطرب العربي بأصوات فنانين شباب. ساهمت تلك الأغنيات في صناعة نجومية هؤلاء كفضل شاكر الذي قدّم عدداً كبيراً من أغنيات وردة الجزائرية، واستطاع أن يحقّق نجاحاً لافتاً. لكنّ جورج وسوف كان أوّل من ابتدع هذه الظاهرة. إذ كان يقدم في حفلاته وصلات من أغنيات أم كلثوم، وعبد الحليم، ووردة الجزائرية. وبرع "سلطان الطرب" في ذلك خصوصاً أنّه قدّم تلك الروائع بطريقته الخاصة. ثم أكمل بعده فضل شاكر الذي أشادت به وردة الجزائرية، واعتبرته أفضل من غنّى لها، فسطع نجمه بتقديم أغنيات الفنانة قبل أن يصدر أغنياته الخاصة.

رولا تستغلّ "الصبوحة"
يبدو أنّ الإفلاس الفني وانعدام الموهبة دفعا عدداً كبيراً من مغنيات الفيديو كليب إلى التسلّق على "أكتاف الكبار" بحثاً عن النجومية والشهرة. لعلّ هذا ما حصل مع رولا سعد التي استغلت طيبة قلب صباح، وتساهلها بأرشيفها الفني الذي قدمته لها مقابل مبلغ زهيد مقارنةً بقيمته. فإذا برولا تعيد غناء أعمال "الشحرورة" بميوعة وغنج وافتقار إلى الموهبة أو الطاقة الصوتية. 

وكانت البداية مع أغنية "يانا يانا" التي قدمتها "دويتو" مع صباح لتكر سبحة "الاستغلال" وتشويه تاريخ صباح مع أغنية "دلوعة أنا"، ثم صدر ألبوم كامل بعنوان "رولا سعد تغني صباح". ورغم أنّ رولا أصدرت أكثر من ألبوم، إلا أنّها لم تستطع لفت الأنظار أو التحوّل إلى نجمة من نجمات الصف الأول. لذا، أردات ربط اسمها بالأسطورة صباح، علّها تحصد بعض شهرة هذه العملاقة ونجوميتها التي لم تخبُ حتى اليوم. مع ذلك، تلقّت رولا صدمة عندما لم يسند إليها تقديم شخصية "الصبوحة" في المسلسل الذي يروي سيرتها وتلعب بطولته كارول سماحة.

نيللي "من شابكي شانوحا" إلى بليغ حمدي
ليست رولا سعد الوحيدة التي "تطفّلت" على أغنيات العمالقة. فعلتها أيضاً نيللي مقدسي التي أقدمت منذ حوالي سنة على إعادة تقديم رائعة بليغ حمدي "مستنياك" التي غنتها الفنانة المعتزلة عزيزة جلال. وقتها، أصدرت نيللي بياناً صحافياً ذكرت فيه أنّها أرادت تكريم حمدي وعزيزة جلال من خلال إعادة تسجيل الأغنية. مما أثار الاستغراب خصوصاً أنّ هذه التكريمات تأتي على يد مغنيات لا يملكن أي مؤهلات صوتية لاعادة تقديم الأغنيات الخالدة، فإذا بالتكريم يصبح "تشويهاً" في هذه الحالة.

فستان ميريام وأم كلثوم
آخر الدخيلات على زمن العمالقة والطرب ميريام فارس التي ظنّت أنّ ارتداءها فستاناً طويلاً مزيّناً بالورد، والوقوف أمام الميكرفون على طريقة أم كلثوم كافيان لتقديم "غنيلي شوية شوية"، رائعة كوكب الشرق التي لحنها الشيخ زكريا أحمد. فعلت مريام ذلك أثناء مشاركتها في احدى سهرات "ستار أكاديمي". وقد بدت الفنانة واثقة من "قدراتها" الصوتية وهي تمعن في تشويه الأغنية بنفسِها القصير والـ "مقطوع"، معتقدة أنّ الأغنيات الطربية تعتمد فقط على ارتداء فستان محتشم بأكمام طويلة!

هيفا تهمس لفيروز وشادية
السقطة الكبيرة كانت للمذيعة رابعة الزيات التي استضافت هيفا وهبي الأسبوع الماضي في برنامجها "وبعدنا عند رابعة" على قناة "الجديد" اللبنانية. إذ ألحّت على هيفا أن "تدندن" لفيروز. ورغم إدراكها أنّها ليست صاحبة صوت، بدأت هيفا تهمس همساً أغنية "كيفك انت"، ثم كانت الكارثة عندما طلبت منها رابعة أن تشارك زياد سحاب في غناء دويتو "حاجة غريبة" الذي قدمه الراحل عبد الحليم وشادية في فيلم "معبودة الجماهير". هنا، حوّلت هيفا الأغنية الى عمل على شاكلة "رجب حوش صاحبك عني" و"بوس الواو".

أيضاً، غنّت نوال الزغبي منذ أكثر من عام أغنية "حبيبتي من تكون" التي كانت الأسوأ لناحية الأداء. إذ امتلأت بالنشاز والتشويه. مع ذلك، أصرّت الإذاعات اللبنانية على بث الأغنية بصوت نوال.
انتشار ظاهرة إعادة تقديم أعمال العمالقة يفتح باباً للتساؤل عمن يحمي هذا الإرث من التشويه، ومَن يحمي الكبار من عبث الصغار؟