سهى هشام الصوفي - مجلة زهرة الخليج

لسان حال الأزواج يقول: من حقنا أخذ استراحة محارب من بعضنا البعض، في حين أن واقعهم يستغرب هذا الحق، ويعتبره غريباً وبعيداً عن منظومة أسرية قوامها الديمومة والاستمرارية. فهل نرفع راية المطالبة بإجازة زوجية، أم نعترف بأنها موضة غير دارجة في مجتمعنا، وعليه، فلنبقها ضمن حيز الحلم لا التنفيذ.
البداية في هذا التحقيق، كانت مع الزوجات، ليس لأننا نمشي على مبدأ «ladies first»، بل لأن المرأة هي صاحبة الحق والمطلب الأول في ما يتعلق بالإجازة الزوجية. لماذا؟ لأنها ببساطة لا تتمتع بما يتمتع به الرجل الذي في إمكانه أن يخرج من البيت وقتما يشاء، من دون أن يحتاج إلى تقديم إشعار إجازة.

7 أيام
لم يكن فتح باب الزوجية والخروج هو الحل يومها، كان لا بد من طريقة لترتيب الأوراق، وترميم ما كسر. لهذا، تنحى الطلاق جانباً، وراح يصغي مع بطلة الحكاية إلى عرض الزوج، الذي كان أغرب عرض تلقته هيام في حياتها: «هيا، خذي إجازة مني وبعدها قرري»، عرض ما كانت هيام محمد لتحلم به ذات يوم، ومِن مَن؟ من زوجها. تبدأ هيام سرد تفاصيل الحكاية، تقول: «كان زواجي يلتقط أنفاسه الأخيرة، حين منحني زوجي فرصة الابتعاد عنه وعن البيت، قدم عرضه ليلتها، فوافقت، لأعود بعد 15 يوماً إليه مسرعة وأنا أشعر بأن حبه ولد في قلبي من جديد». حينها، تأكدت هيام من صحة المقولة التي قرأتها ذات يوم في إحدى الروايات، والتي تقول: «اتركه يمضي، وإذا عاد إليك، فاعلم أنه لك إلى الأبد». ولأن الإجازة الزوجية فرصة للمضي، كان لا بد أن تعرف هيام، كما تقول، أنها لن تستطيع العيش من دون زوجها وبيتها وولديها.

تستحضر هيام أحداث تلك الإجازة من يومها الأول، تقول: «حزمت حقيبتي على عجل، فتحت باب البيت، تركت المسؤوليات ومضيت إلى بيت شقيقتي المقيمة في الخارج»، لافتة إلى أن أول شيء قامت به «كان إغلاق هاتفي الخليوي والانفصال تماماً عن ذلك العالم الذي خرجت منه»، ومؤكدة أنها كانت تريدها إجازة بكل معنى الكلمة، حيث لا مسؤوليات، لا وقوف طويلاً في المطبخ، لا استيقاظ مبكراً مع الأبناء، لا ركض من الساعة السادسة صباحاً حتى العاشرة ليلاً». بالمختصر المفيد، كانت تريدها «إجازة من دون زواج». نسألها: كيف كان وقع أيام تلك الإجازة عليكِ؟ تجيب: «الأيام الأولى كانت بمثابة الحلم، لقاءات مع صديقاتي من دون أن أراقب عقارب الساعة كل دقيقة، تسوق، سهر أمام التلفزيون والريموت كونترول في يدي وحدي، نوم حتى العاشرة صباحاً، زيارات يومية إلى مزين الشعر، اعتناء كامل بنفسي، كما لو كنت حاصلة على منحة للاهتمام بمظهري، ولكن...». هنا، تتوقف هيام عن الحديث، لتخفي غصة ما، تتابع بعدها الكلام: «في اليوم الرابع، بدأت أحن إلى زوجي، كنت أستحضر مزاياه، وسنوات زواجنا العشر، أتذكر فنجان القهوة الصباحي معه، وصوته الذي كان يردد دائماً على مسمعي: «لو عاد بي الزمان للوراء، لن أختار غيرك زوجة». وتضيف: «نسيت عيوبه، وعصبيته، ورأيت أمامي فقط صورتنا ليلة الزفاف». وماذا فعلت بعدها؟ تجيب: «حزمت حقيبة العودة.. وعدت».

إجازة بالصدفة
سنوات زواج عشر، وإجازات زوجية بعدد شهور السنة، والنتيجة: زواج ناجح بكل المعايير، ومشاعر تشبه الشموع، التي تضعها سراب نقشبندي كلما عاد زوجها من إجازته الزوجية. الحكاية ليست كما يظن القارئ للوهلة الأولى. ذلك أن سراب، وهي أم لثلاث بنات، لا تقدم طلب إجازة، ولا تحصل على طلب إجازة من زوجها، لأن القصة، وباختصار، تكمن في وظيفة زوجها، الذي يعمل «كابتن طائرة»، ما يجعله يغيب بحكم عمله عن البيت أياماً لا بأس بها، الأمر الذي يمنح تلك العلاقة الزوجية «استراحة المحارب» من دون سعي أو عناء. من هنا، تعبر سراب عن سعادتها بهذه الصدفة التي ساعدتها على إبقاء زواجها في حالة من التألق، لأنها وبعد كل غياب، تعيش وزوجها فرحة اللقاء بتفاصيل مختلفة.
سراب، التي تستبعد أن يكون الضجر قد مر بحياتها ولو مرور الكرام، تشير إلى أن «الإجازة الزوجية تخفف عن كاهل الزوجين الإحساس بالمسؤولية، وتبعد عنهما فكرة الالتزام بالشريك، فيتسنى لكل منهما فرصة العيش بفوضى لذيذة، بعيداً عن مواعيد الطعام، والنوم والاستيقاظ، كذلك، تفسح المجال للعاطفة المتقدة بالعودة إلى قلوب يكسرها الروتين، وتفقدها الألفة معاني اللهفة والاشتياق». من هنا، تراها تؤكد أن ظروف عمل زوجها، وحياتها الزوجية، التي تكون دائماً Fresh))، جعلتها محط أنظار صديقاتها «اللواتي لا يعشن الإجازة الزوجية لا عن طريق الصدفة، ولا عن طريق الاتفاق السلمي عليها».
Break))
Break))، استراحة، هدنة، تسميات مختلفة لمعنى واحد تحمله الإجازة الزوجية في جعبتها، وإن بقيت في النهاية إجازة معلقة في حبال الحلم أو الوهم بعرف الأزواج. ميساء أحمد، وبعد مرور 4 سنوات على زواجها، تؤيد وتصوت، لا بل وتطالب بضرورة العمل بالإجازة الزوجية «كونها متنفس المرأة الوحيد من مسؤوليات لها أول وليس لها آخر». ولكن، وكما تقول أغنية فيروز: «لا تندهي ما في حدا»، فإن المطالبة بالإجازة الزوجية، «هي من المطالب النسائية المرفوضة جملة وتفصيلاً» كما تقول ميساء، لافتة إلى أن «السبب لا يتعلق بعدم قناعة الزوج بضرورتها، بل بعدم قدرته على تحمل المسؤوليات التي ستتركها الزوجة وراء ظهرها في حال فتحت باب البيت وخرجت». وتشير إلى أنه «لهذا، يرفض الزوج تقديم طلب الإجازة من قبل الزوجة». وتقول: «أعتقد أنه إذا أمكنه تقطيع الطلب إرباً إرباً فلن يقصر». وتتحدث عن «حقيقة قد تغيب عن بال كثيرين وهي أن الإجازة الزوجية، ليست فرصة لإعادة التفكير بمنحى العلاقة، أو هدنة يتخذها الشريكان قبل الإعلان عن قرارات مصيرية، إنها ببساطة التحرر من مسؤوليات تكاد تخنق الزوجة من دون أن تمكنها ترداد عبارة: «أنا تعبانة»، خاصة حين يكون حجم مهامهما المنزلية والأسرية تجاه أبنائها أكبر من إمكانياتها». وعلى سيرة الأبناء، من الذي سيتحمل مسؤوليتهم في حال حصلت الزوجة على إجازة؟ تجيب مباشرة: «والدهم».

الرجل هو المستفيد
«من منا لا يحتاجها؟»، بهذه العبارة المختصرة، تعلن أمل محمد (ربة منزل) رأيها في الإجازة الزوجية، وإذ تؤكد أنها «إجازة محكومة بالفشل منذ البداية»، ترى أن «سبب فشلها مرتبط بالعقلية الشرقية الرافضة لمثل هذه الخيارات: فخروج المرأة من بيت الزوجية، وتحت أي حجة، هو سلوك لا يقبله المجتمع». وتضيف: «لهذا، يتحول الحديث عن الإجازة الزوجية إلى حديث عن موضة لا تمت إلى مجتمعاتنا بأي صلة». وتتابع: «مع ذلك، تبقى العطلات الصيفية هي البديل غير المباشر للإجازة الصيفية، حيث يضطر أحد الزوجين أحياناً إلى السفر قبل الآخر، وعليه، يحصل الطرفان على استراحة المحارب تلك أوتوماتيكياً ومن دون دخول في عناوين كبيرة، مثل «الإجازة الزوجية». وفي ما يتعلق بتوقيت الإجازة وضرورة أخذها في مسيرة الحياة الزوجية، تقول أمل: «حين يدخل الضجر من الباب، على الأزواج أن يأخذوا إجازة من بعضهم، فالملل يسمم العلاقة الزوجية، وما من شيء مثل الإجازة في إمكانه أن يستبدل الملل بالشوق واللهفة». وتجد أمل أن «حصول الزوجة على إجازة من حياتها الزوجية، هو من مصلحة الرجل في المرتبة الأولى، وإن تحمل بعض الأعباء لوقت قصير، لأن المرأة لن تصبر على البعد، فهي مخلوق عاطفي، وبذلك، ستختصر مدة الإجازة، وتركض إلى بيتها الذي لم يخطئ من قال إنه مملكتها».

للراحة فقط
«الوجهة، التوقيت، الدوافع» عناوين تناقش شانتال أبي عسل (متزوجة منذ 5 سنوات) مسألة الإجازة الزوجية وشكل التعاطي العملي معها في سياقها، حيث تقول: «ليس من الصعب اختيار وجهة الإجازة، فالمكان لا يهم، بقدر ما تهم الفكرة، والنتائج المرجوة منها»، لافتة إلى أن «في إمكان المرأة أن تذهب إلى مقهى بمفردها، وأن تبتعد قليلاً عن جو البيت لساعتين وتعود، وفي إمكانها أن تقصد بيت أهلها، وتمضي بضعة أيام، وفي إمكانها أيضاً، وحسب الحالة المادية وعلاقتها بزوجها، أن تحجز بطاقة طائرة وتقصد مدينة ما، لتخوض تجربة الإجازة المؤقتة بعيداً عن الزواج ثم تعود أدراجها ومعها كل فوائد السفر والتجدد»، وإذ تتحدث شانتال عن الدوافع التي تقف وراء المطالبة بالإجازة الزوجية، والتي تتلخص في مطلب واحد فقط هو «نيل قسط من الراحة»، تشير إلى أن «المطالب في هذه المسائل الإشكالية تبقى دوماً متجمدة وغير قابلة للتداول»، متحدثة عن «الذهنية الشرقية التي ترفض تقبل الفكرة وممارستها كما يحدث في الغرب من دون حرج أو قيود، حيث إن الزوج في مجتمعاتنا يعيش فرصاً عديدة للإجازة الزوجية بحكم عمله، كالسفر إلى مؤتمر ما، الأمر الذي يخوله قضاء إجازة زوجية من دون أن يضطر إلى استعمال المصطلح أو الاعتماد عليه كحجة غياب». وهل تقدمين على طلب إجازة زوجية؟ تجيب: «بصراحة، أنا من الذين يمضون إجازتهم الزوجية أثناء الإجازة الصيفية، الأمر الذي لا يضطرني إلى تقديم طلبات أو التماسات».

حق مرفوض
في المقابل، ماذا عنك عزيزي الرجل؟ هل تجد في الإجازة الزوجية مطلباً عادلاً من حق الزوجين نيله، أم أنها استراحة محارب على الورق فقط؟ في حين إنها مرفوضة قطعاً على أرض الواقع؟
هشام خليفات (مستشار قانوني)، من الأزواج الذين يؤمنون بأن «فكرة الإجازة الزوجية رائعة، ومثمرة، ولا تخلو من الفوائد النفسية والعاطفية للزوجين». ولكنه سرعان ما يؤكد «أنها فكرة لا تصلح لمنظومة الأسرة العربية». وحجته في ذلك: «الهوة الكبيرة بين تطبيق الفكرة ومعطيات الأسرة نفسها»، متسائلاً: «كيف في إمكان المرأة أن تأخذ إجازة زوجية، ومسؤوليات الأبناء والبيت تقع على عاتقها من الألف إلى الياء؟». ولكن، ألا يشفع لها ذلك بإجازة؟ يجيب ضاحكاً: «بالتأكيد، ولكن لمدة ساعتين كأقصى حد. فالبيت من دون الزوجة بمثابة مركب يشارف على الغرق. لهذا، من غير الممكن أن تنال يوماً واحداً تحت مسمى الإجازة الزوجية»، ويتوقف هشام لأقل من لحظة عن الكلام، ليعلق: «ساعتين أسبوعياً وليس يومياً، من باب العلم بالشيء لا أكثر». وينتقل هشام إلى الكلام عن حاجة الرجل إلى الإجازة الزوجية، فيقول: «الابتعاد عن جو البيت وأخذ نفس طويل من شحنات اليوم وضغوطه، أمور تحمل الرجل على الحلم بالإجازة، فهي ليست مطلباً نسائياً فحسب، لكنها صعبة التنفيذ بالنسبة إلى الطرفين، فإلى أين نمضي ووراءنا بيت وأبناء وحياة لا تمشي من دون قيادة»، موضحاً أن «الحنين إلى العزوبية قد يكون أحد الدوافع التي ترسم مطلب الإجازة الزوجية في حياة الرجال، ولكنه دافع عاطفي، عمره قصير، وحجته لا تمت للواقع بصلة، لأن الإجازات بعد الزواج محرمة ومرفوضة من الرجل قبل زوجته».


24 سنة زواج
«الفكرة مشروعة، والتطبيق وارد، ولكن الخلاف على عقلية الأزواج أنفسهم». بهذا، يقدم د.زكريا عيسى (جراح) وجهة نظره المتعلقة بالإجازة الزوجية، فيقول: «تختلف مجتمعاتنا العربية عن الغربية بالنظر إلى تلك الإجازة من حيث الدوافع، كما يختلف الناس في ما بينهم في المجتمع الواحد». ويضيف: «نظراً إلى كوني متزوجاً امرأة غربية، تمكنت على مدار 24 سنة زواج من الحصول على تلك الإجازة من دون لوم أو مساءلة»، مؤكداً أنه لم ينشد طوال تلك السنوات إجازة بعد مشاجرة أو توتر «فالخروج من روتين العلاقة يحدث في أحلى حالاته، حين تكون القاعدة بين الزوجين متينة وقوية والعكس صحيح». ويكشف زكريا أن زيارات زوجته إلى رومانيا (بلدها الأم) «كانت بمثابة حقنة من العواطف التي تعيد للعلاقة ألقها وعافيتها». ويؤكد أنه، لهذا، كان زواجه هو المستفيد الوحيد من تلك الإجازات الزوجية، والدليل استمراره لأكثر من 24 عاماً».


تأتي وحدها
الحديث مع الرجال عن الإجازة الصيفية، يأخذ منحى مختلفاً، فالقرار كما يبدو بيدهم، لهذا، ما من غصة في الصوت، ولا احتجاج في الرأي، وخير دليل على ذلك، ما يقوله محمود علان (صيدلاني)، الذي يؤكد أن «الإجازة الزوجية تأتي للرجل من تلقاء نفسها، فما من حاجة إلى التفكير في حججها أو اللف والدوران لطرحها». والمبرر حسب تعبيره موجود وهو يتعلق «بظروف العمل» وحاجته إلى السفر من وقت إلى آخر.


ومن ناحية أخرى، يجد محمود أن «جوهر الإجازة يكمن في أنها تسمح بالتعرف إلى قيمة الشريك، وتلمس غيابه، والشعور بمدى الحاجة إليه». لهذا، تراه يؤكد أن «فوائدها أهم بكثير من دوافعها، ويخطئ من يحملها أسباباً صبيانية». ويقول: «إن الرجل، بإجازة أو من دون إجازة زوجية، يستطيع اللعب خارج مؤسسة الزواج. لهذا، يجب إعادة النظر فيها، والتفكير في أبعادها النفسية والعاطفية على الزوجين في آن واحد». نسأله: ما دام الموضوع كذلك، فهل تمنح زوجتك إجازة في حال طلبتها منك؟ يتردد قليلاً، ثم يجيب: «أشك في أنها ستطلبها، فهي تعرف تماماً حجم دورها وأهميته في البيت».


إجازة وظيفية
يبقى أن الإجازة الزوجية، التي بدت بالنسبة إلى الكثير من الأزواج الشرقيين بمثابة مفهوم بعيد عن المنظومة الأسرية، تأخذ شكلاً مغايراً في البيئة الغربية، حيث تؤكد ألين (أميركية الجنسية، معلمة) من واقع تجربتها أن «الزواج مثله مثل أي مهنة شاقة وروتينية، تتطلب من العاملين فيها الابتعاد عن أجوائها لشحن الطاقة من جديد». وتضيف: «إن التعايش اليومي مع الشريك، بكل مفردات الاختلاف التي يحملها، ومساعي الاثنين إلى الإبحار في المركب إلى شاطئ الأمان، إضافة إلى الصدامات الفكرية والسلوكية اليومية، تجعل الواحد فينا تواقاً للخروج من تلك المؤسسة وتنشق هواء مختلف». والحل: «إجازة زوجية، تشفي الأزواج من أمراض علاقة من غير الممكن أن تمر بسلام».


ألين، التي تنكر أن يكون تقديم طلبات الإجازة الزوجية لتلك المؤسسة نابعاً من مشكلة جوهرية، أو قرار مصيري، تدعو كل الأزواج المتعبين من حياتهم إلى «المرور بتلك التجربة». «فكما يأخذ الموظف إجازة سنوية من وظيفته، كذلك يجب على المتزوجين الحصول على إجازة مماثلة، والنتيجة ستكون مطابقة للنتيجة التي يحصل عليها الموظف بعد شهر من راحة البال». وفي هذا الصدد، تعود ألين إلى المرة الأولى التي أخذت فيها إجازة من زواجها، فتقول: «أول مرة حصلت فيها على إجازة، كانت بعد إنجابي ابني الأول، فشكل الحياة الزوجية بعد الولادة يصبح أقرب إلى الكابوس منه إلى الحياة الطبيعية: توتر، سهر، اكتئاب، تغير في المظهر، ابتعاد الزوجين عن بعضهما بحكم سهر الأم المستمر على رضيعها، إضافة إلى تبدل أحوال العلاقة من مرح ولهو إلى مسؤوليات وواجبات». لهذا، خرجت ألين من بيتها، وتركت ابنها في رعاية زوجها، بحثاً عن الراحة التي تريد، ليدخل بعد ذلك مفهوم الإجازة الزوجية في حياتها كمفهوم معتمد، يجدد العلاقة، ويشحن ألين باشتياق جميل تجاه بيتها وزوجها وأولادها.


طوق النجاة
تؤكد خبيرة العلاقات الزوجية الدكتورة غادة الشيخ «الدور المهم الذي تلعبه الإجازة الزوجية في تجديد المشاعر، وكسر روتين الحياة اليومية، وتحريك المياه الراكدة في العلاقة الزوجية»، موضحة أن «الهدنة التي ينالها الزوجان من بعضهما، مسألة لا يستهان بها، ففي تلك الإجازة، يحصل الزوجان على فترة من المراجعة الذاتية، وتقييم المشاكل الزوجية، إضافة إلى رؤية العلاقة من بعيد، حيث يعرفان، كلما ابتعدا عن جوهر المشكلة، أنها في الأصل لا تستحق أن يقال عنها مشكلة، وهذا من أهم الأهداف التي تحققها الإجازة الزوجية على الإطلاق». وإذ تدخل الدكتورة عادة الشيخ في تفاصيل ما يحدث في تلك الإجازة، تقول: «حين يختلي كل شريك بنفسه، يحاول أن يعيد ترتيب أوراقه، ليس بقصد البحث عن عيوب الآخر، بل بقصد تلمس الأعذار له». وتشير إلى أن «السبب في هذا الموقف العاطفي، هو الشعور بالاشتياق إليه، والذي يولد بعد أيام من بدء فترة الإجازة الزوجية»، لافتة إلى أن «الاسترخاء في التفكير، وعدم التقيد بروتين الحياة ومسؤولياتها، والبعد عن التوتر والمواجهة اليومية مع التفاصيل، من الأمور التي تعود على العلاقة بثمار رائعة، فالمدة التي تمر كفيلة بإنعاش الذاكرة، واستدعاء المشاعر الحلوة التي كانت مغيبة عن الزوجين تحت وطأة الإيقاع السريع والثقيل للحياة الزوجية».


مواصفات الإجازة
لا يختلف اثنان على ضرورة الإجازة الزوجية، ودورها في إنعاش العلاقة بين الطرفين. ولكن، «لا بد لهذه الإجازة» كما يقول الأستاذ المساعد في قسم علم النفس د.عبدالعزيز الحمادي «أن تؤطر بعدد من الأسس، مثل: الوقت، تحديد الغاية المنشودة منها، الاتفاق على تاريخ بدايتها، وانتهائها»، مشيراً إلى «ضرورة الاتفاق على أنها إجازة مؤقتة، وعلى أهمية الاتصال الهاتفي من حين إلى آخر، حتى لا يدخل الجفاء هيكل تلك العلاقة». ومن هنا، يشدد الحمادي على «أهمية الوقوف على خطورة الاستمتاع بالحرية المفاجئة التي تدخل على حياة الزوجين، بسبب عدم التأهيل النفسي والسلوكي لمثل هذه المساحات. لهذا، يشدد على أنه «يجب وضع شرط لتحديد مدة الإجازة، وكيفية التواصل ورسم ملامحه، وشرط لضرورة عدم اعتبار الإجازة فرصة للتعود على غياب الشريك»، لافتاً إلى أن «الإجازة في مفهومها العام، هي بمثابة فرصة لاستعادة اتقاد المشاعر وليس لإطفائها، الأمر الذي يعزز من قيمتها ويجعلها ضرورة، وإن بدت أقرب إلى الحلم الساذج منه إلى الواقع المعيش».