في هذا اللقاء تحاور«زهرة الخليج» الدكتورة فاطمة سهيل محمد المهيري، من المكتب الخاص لسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، والتي قامت بإعداد وتحرير كتاب «أبوظبي واللؤلؤ.. قصة لها تاريخ»، الذي صدر مؤخراً عن «مركز الحصن للدراسات والبحوث» في أبوظبي. ويشكل الكتاب موسوعة ضخمة حول تاريخ إمارة أبوظبي، من خلال تناوله الارتباط التاريخي بين أبوظبي واللؤلؤ.


أفكار الشيخ زايد
يركز «أبوظبي واللؤلؤ.. قصة لها تاريخ» على أهمية صيد اللؤلؤ في إمارة أبوظبي، والدور المهم الذي لعبته هذه الصناعة، في تحويل الإمارة إلى محطة بارزة للرحلات البحرية، عبر مختلف الحقب التاريخية. كما يُسلّط الكتاب الضوء على كيفية تطوّر حرفة استخراج اللؤلؤ وانتشارها في المنطقة، وإسهاماتها في استقطاب المستكشفين والرحّالة من مختلف أصقاع العالم إلى أبوظبي ليكتبوا عنها في مذكراتهم. وباعتباره من السلع الثمينة في أوروبا وبقية مناطق العالم، فقد أصبح اللؤلؤ إحدى أهم البضائع التي يتم تصديرها، الأمر الذي أدّى إلى ازدهار التجارة في الإمارة. بالتالي، بناء جسور التعاون الثقافي، وتوطيد أواصر الصداقة مع مختلف الشعوب والحضارات. هذا، وقد شهد سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، حفل إصدار كتاب «أبوظبي واللؤلؤ..قصة لها تاريخ»، الذي أقيم مُؤخَّـراً في «مركز أبوظبي الوطني للمعارض»، وقال سموه في تصريح لوكالة أنباء الإمارات: إنّ «الكتاب، الذي يهدف إلى تحقيق التواصُل بين الماضي العريق والحاضر الزَّاهر، وصولاً إلى المستقبل الواعـد بالتقدم والازدهار، يُجسّد في حقيقة الأمر أفكار الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ومَدَى ارتباطه بالأرض والشعب والوطن»، مشيراً إلى أن «الكتاب يمثل حقيقة تَواصُل أبوظبي مع تاريخها التَّليد، خاصة في ما يتعلق بذلك الرباط الأزَلي القائم بينها وبين اللؤلؤ، الذي كان ولا يزال مَصْدَراً للرزق والحياة». «زهـرة الخليج» التقت الدكتورة فاطمـة سهيـل محمد المهيري، التي أجابت حول العديد من الأسئلة، حول فكرة الكتاب ودوافعه وأصدائه، مُؤكدة أن «تقديم تاريخ الوطن للأجيال الحاضرة والمقبلة، أمَانَـة في أعناقنا».


أصل الفكرة
حدِّثينا كيف، ومن أين أتت فكرة هذا الكتاب؟
في الواقع، إنّ الفكرة لسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد إمارة أبوظبي. فقد اقترح سموه أن أقوم مع زملائي الباحثين بإنجاز كتاب مَوسُوعي، عن تاريخ إمارة أبوظبي، مع التركيز على علاقة شعب الإمارة باللؤلـؤ، وذلك باعتبار أن اللؤلؤ مُجسّد لتاريخ الإمارة. فقد ارتبط هذا المعدن بالإمارة عبر التاريخ، وعكس في ما عكس العديد من أوجه حضارة شعبنا ومجتمعنا، كما عكست مُعاناة صيد اللؤلؤ نضال هذا الشعب، على المستويات الاقتصادية والحضارية كافّة، بل وحتى العسكرية. ومن جهة أخرى، فإن سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، يرى أن المكتبة المحلية والعربية، تَخلو من الدراسات الموسوعية التراثية، حول إنجازات شعوبنا في مجالات الحضارة والتقدّم. لذا، بادر سموه إلى إصدار توجيهاته بتدارُك هذا النقص والعمل بجدّ على إنجاز هذا الكتاب الموسوعي، لـمَـا فيه من خدمة لتراث وتاريخ إمارة أبوظبي. وهكذا وُضعت خطة لإنجاز هذا الكتاب وقمت بتنفيذها، إلى أن وفقنا الله في إخراج هذا الكتاب بالشكل اللائق.


هل سَبَق أن قمتِ بتجارب سابقة في التأليف.. وما هي؟
إنّ أي دارس للتاريخ، لا بد أن يضع في اعتباره أن تقديم تاريخ وطنه للأجيال الحاضرة والمقبلة، إنما هو أمَانَة في عُنقه. وأثناء عملي في مركز زايد للتراث والتاريخ في مدينة العين، ومركز الوثائق والبحوث في مدينة أبوظبي، راودتني فكرة إعداد كتاب شُمولي حول إنجازات ومسيرة القائد الراحل، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، الذي ترك في حياته وبَعْدَ رحيله، بَصَمَات مُهمّة تحمل في طيّاتها دروساً قيّمة لمجتمعاتنا العربية والخليجية. وقد أصدرتُ الكتاب متضمّناً أهم محطات هذه المسيرة، إلى جانب الاهتمام بفكر القائد الراحل، وتَوجُّهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية، فجاء هذا العمل ليُشكل موسوعة جديدة في أسلوبها. كما قمتُ بإجراء العشرات من البحوث التاريخية في مجلة «ليـوا»، التي كنت أتولى رئاسة تحريرها، في فترة عملي نائباً لمدير مركز الوثائق والبحوث في أبوظبي، وكتبتُ عشرات المقالات في الصحف المحلية، وقد عبّرتُ من خلال بحوثي ومقالاتي عن مواقفي الفكرية، وكان هذا جزءاً من الواجب الذي أؤدّيه لوطني ومجتمعي في إمارة أبوظبي، ودولة الإمارات، وأتَطلّع إلى المزيد بمشيئة الله تعالى.


ما الدَّوافع التي قادتكِ إلى تأليف مثل هذا الكتاب؟
كما سبق أن ذكرت، فنحن نفتقد وجود مؤلفات تَغُوص في أعماق تاريخ إمارة أبوظبي. وهكذا وجدتُ لِزَامَـاً عليَّ أن أبادر إلى تناول تاريخ إمارة أبوظبي من زوايا جديدة غير التي تَعوّدناها. فما تم إنجازه، كان في معظمه سَرْداً تاريخياً للأحداث، من دون الاهتمام بالتحليل وربط اللاَّحـق بالسَّابق، ثم الانتقال إلى مرحلة أخرى، لكي يبقى القارئ على اتصال مباشر بتاريخ أرضه وشعبه. كما أنني حرصت على التصدي للمفاهيم الخاطئة التي رَوَّج لها البَعض، فجاءَت ردودي لتشكل استراتيجية للعمل العلمي الرَّصين، وتسمية الأمور بمسمَّيَاتها الحقيقيّة، لإيماني بأن سلاح الكلمة لا يَقلّ فاعليّة عن السلاح العسكري. فالكلمة أمَانَـة نُردّدها في محرَاب الوطـن.


سر اللؤلؤ
لماذا كان اختياركِ اللؤلؤ بالذات ليكون الفكرة الأساسية التي يتكئ عليها الكتاب؟
ليس هناك من شعب في هذا العالم ارتبط تاريخه باللؤلؤ كما ارتبط تاريخ شعب إمارة أبوظبي بهذا المعدن النَّفيس. فآباؤنا وأجدادنا بَرَعُـوا في استخراج اللؤلؤ، الذي شكل في الأزمنة الماضية ثروة حقيقية، وجَلَب إلى أهلنا الرّخَاء والعَيش الرَّغِيد.


رمز اقتصادي
كيف أسهمَت اقتصاديات اللؤلؤ في بناء الشخصية الإماراتية؟
كان اللؤلؤ في القرون الماضية، رمزاً للاقتصاد التقليدي، كما أن استخراجه لم يكن عملية سهلة. فقد تَطلَّب ذلك مهارات خاصة، وركوب المخاطر البحرية، وهذا بدوره صقل شخصية الإنسان الإماراتي، الذي اعتاد شَظَف الحياة، وطفق يبحث عن لقمة الخبز في البحر، فكان الموت في كثير من الأحيان في انتظار البحّارة الشّجعَان، الذين لم يَتهيّبوا لقاءه. لهذا، فقد اكتسبت شخصية البحّار أهمية خاصة، فنظم الشعراء القصائد والروايات وقصص الخيال عن نضال البحارة. وهكذا، فقد أصبح صيد اللؤلؤ جزءاً من التاريخ الثقافي والاجتماعي، ومُكوّناً أصيلاً من مكونات التاريخ الاقتصادي لهذا المجتمع.


بين اللؤلؤ والبترول
كيف تُقارنين شخصية المرأة الإماراتية في عصر اللؤلؤ، بشخصية المرأة الإماراتية في عصر البترول؟

الواقع، أنَّ المرأة الإماراتية لم تكن بعيدة عن نضال الرجل في عصر اللؤلؤ. لقد كانت المرأة الإماراتية، تقوم بتنظيم شؤون البيت ورعاية شؤون الأسرة في غياب الزوج وتربية الأولاد، وممارسة الزراعة وتربية الحيوانات الداجنة والطيور. كانت المرأة السَّلَف تؤدي وظيفة اقتصادية مُساندة لـمَـا يقوم به الرجل، وقد تحمّلت تلك المرأة الكثير من الإرهاق في غياب زوجها عنها، وكانت دائماً شديدة القلق على مصيره من مخاطر البحر، وتَولّت في غياب الزوج وظيفة توفير ما يَلزَم أفراد العائلة، من الناحية المعيشية والاقتصادية، وكانت الحياة آنذاك تتسم بالقسوة، نظراً إلى الظروف والمعطيات السائدة، لكن الوضع الاقتصادي الصعب، قاد إلى اتّساع ظاهرة التضامُن الاجتماعي. أما في عصر البترول، الذي ارتفعت فيه مَداخيل العائلة الإماراتية، فإن المرأة واصلت انتماءها إلى مجتمعها، وناضلت إلى جانب الرجل، وتعلمت المهن العديدة، كما التحقت بالمدارس والجامعات. وقدّمت إسهامات جادّة في مجالات الخدمة المدنية، وأنشأت الشركات وأسست الكثير من الأعمال الخاصة، ولم تكن المرأة الإماراتية المعاصرة، كما حاول البعض تصويرها، تقضي معظم وقتها أمام المرآة. فهي على الرغم من تَغيُّر الظروف الاقتصادية، لا تزال تحتفظ بأصالة جَدَّاتها في هذا المجتمع المتطلّع إلى التحديث، مع اهتمامها بقضايا المعاصَرَة واللحاق بالرّكب الحضاري.


مفاتيح
ما أهم الأفكار التي نجح الكتاب في إبرازها؟
نجح الكتاب في إبراز مجموعة من الأفكار ذات الأبعاد التاريخية والإنسانية، التي كشف عنها المشاركون. ولعلّ أبرزها، بطبيعة الحال، أن الكتاب يحتوي على عرض جديد ومتميّز لمجريات تاريخ إمارة أبوظبي، وارتباط هذا التاريخ بتطورات الأوضاع على مستوى الخليج والعالم. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من مفاتيح تاريخ أبوظبي، تفسح الطريق أمام صانعي القرار في وطننا، لكي يَلتَمسُوا حلولاً لمشاكل البلاد، مستندين إلى دروس تاريخ الإمارة، خاصة إذا علمنا، أنّ ثوابت التاريخ لا تتغيّر، وعليه لا بد لنا، ونحن نصنع سياسات المستقبل، من أن نستفيد مما جاء في هذا الكتاب الموسوعي، من دروس سطّرها لنا الأولون بجهدهم وعرقهم، وقديماً قيل مَن وَعَى التاريخ في صدره أضاف أعماراً إلى عمره. كما أن هناك خاصيّة متميّزة لهذا الكتاب الشامل، فهو يَستجلي لأول مرة حقائق تاريخية لم تكن معروفة من قبل، فقد قامت فلسفة هذا الكتاب على أساس فكرة التجديد في المنهجية التاريخية وحقائقها المتنوعة.


كيف تعاملتِ مع المعلومات التاريخية في الكتاب، بحيث تكون سهلة الهضم للقارئ العادي؟
إنّ نجاح أي كتاب إنما يتوقف على الأسلوب الذي يُقدَّم به المحتوى للقارئ، لأن الفن هو تسهيل وتبسيط العَرْض، لكي يكون مُشوِّقاً ومثيراً للانتباه. لذا، حرصنا في سعينا إلى جَمْع المعلومات، على اعتماد وسائل التوثيق والتحليل المبسَّط، حتى يجد الكتاب قبولاً لدى القرّاء. لقد حرصنا أيضاً على تَجنُّب التعقيد. فهو، فوق أنه غير ضروري ولا لازم، سيقود حتماً إلى الفشل. وهذا ما حرصنا عليه في الكتاب من اتّباع منهج سهل ولغة ميسّرة، كما ألحقنا بالكتاب العديد من الصور والمصورات والخرائط ووسائل الإيضاح المختلفة، التي تزيد في تشويق القارئ لمتابعة القراءَة. ولهذا، نأمل أن يكون الكتاب قد جاء مطابقاً لـمَـا ينتظره القارئ منا، فائدة وسهولة ومتعة للعقل والنظر.


كتاب متميّز
هل تعتقدين أن الكتاب نجح في إبراز تاريخ إمارة أبوظبي بالصورة الحقيقية؟
أترك هذا الأمر إلى القرّاء لكي يحكموا على الكتاب، وأثـق بالموضوعية، التي يتّصف بها القارئ الإماراتي خاصة والعربي عموماً. ولكن من الجدير بالذكر، أن الكتاب، كما جاء في شهادة أحد كبار الباحثين، متميّزاً منهجاً وشكلاً وموضوعاً، وقد كان التميُّز هَدَفي الدائم في البحث والتَّمحيص، فالوطن يستحق منّا كل الجهود الخَيّرة. وحتى نؤكد صدق هذا التوجه، حاولت ألاّ أترك شاردة ولا واردة إلا وأحصيتها، وعلى الرغم من هذا الجهد المبذول، فإن الكمَال لله وحده عزّ وجَلّ، ومنهُ نَرجُـو التوفيق.


كلمة أخيرة؟
لكل إنسان منَّا رسالة يؤديها في هذه الحياة، فالمهم هو ما يبقَى للإنسان من عمل صالح يُخلّد ذكراه، فكما قال الأولون: «وإنما المرء حديث بعده». فالتاريخ يحكم لنا وعلينا. ونحن أبناء هذا البلد المعطاء، حريصون كل الحرص على أداء رسالتنا، تجسيداً لانتمائنا إلى هذه الأرض الطيّبة. ولقد حاولت بهذا الجهد الذي بذلته في الكتاب، أن أدفع القارئ إلى أن يُولي المزيد من الاهتمام بتاريخ وطنه، ففي التاريخ دروس وعبَر.

 

للمزيد:

الستايلست جون آمبروز: هذا رأيي بإطلالة هيفا وميريام وأليسا، وباريس هيلتون تحتاج لمساعدة!


عارضات ربيع كيروز يمشين على الماء في باريس


صور:أجواء مكياج وتسريحات أسبوع الأزياء بباريس


فيديو:تسريحة أنيقة ليوم الزفاف