كشفت دراسة حديثة الأثر السلبي لتدخين الشيشة (النرجيلة) على الرئتين. إذ أثبتت أنّ استنشاق هذا النوع من التدخين يسبّب مرض التهاب الشعب الهوائية الساد المزمن (COPD). ومقارنة بتدخين السجائر، تبين أنّ تدخين الشيشة (الجراك أو المعسّل)، يؤدي إلى تدهور وظائف الرئتين على مدى السنوات بسبب انخفاض القدرة الاستيعابية لهواء الزفير (الخارج من الرئتين) بمعدل 4% (173 ملليتر) في السنة الواحدة. مما يعني انحباس الهواء في الرئتين، والمعاناة من أعراض انسداد الشعب الهوائية المزمن مثل ضيق التنفس والسعال المزمنين.


الدراسة التي نشرتها مجلة "الصدر" الطبية الأميركية في شهر نيسان (أبريل)، اعتمدت على استعراض منهجي لجميع الدراسات التي تناولت العلاقة بين تدخين "الشيشة" ووظائف الرئتين. كما قارنت بين تدخين "الشيشة" من جهة، وتدخين السجائر من جهة أخرى لتوضيح الأثر السلبي لتلك العادة الاجتماعية غير الصحية التي انتشرت في الكثير من المجتمعات العربية، وخصوصاً لدى فئة النساء والفتيات في مقتبل العمر، وبدأت بغزو عدد من المجتمعات الغربية.


وفنّدت الدراسة التصور الخاطئ الذي يروَّج للشيشة بأنّها أقل خطراً من تدخين السجائر. وأشار الباحثون في هذه الدراسة إلى أن المياه المستخدمة "لتنقية" الدخان من المواد الضارة، لا تساعد أبداً في التقليل من النيكوتين والمواد السامة التي تسبب الأكسدة. كما أفادت بعض الدراسات أن تدخين الشيشة بصورة كثيفة (أكثر من مرتين يومياً) يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتدهور وظائف الرئتين بصورة أكبر، مقارنة بتدخينها بصورة أقل كثافة (1 ــ 2 يومياً).


كما تبين أنّ أعراض السعال المزمن الذي يصحبه بلغم كثيف، والشعور بضيق التنفس أثناء القيام بمجهود عضلي، وتكرر الإصابة بالتهابات الشعب الهوائية الفيروسية والبكتيرية تصيب الأشخاص الذين يدخنون الشيشة، بنسبة 11.7% مقارنة بـ 9% للأشخاص الذين يدخنون السجائر. وهذا دليل آخر على تماثل الضرر الذي يسببه النوعان من التدخين.
وفي رأيي، فإنّ هذه الدراسة تؤكد على زيادة الاهتمام بنشر التوعية الصحية بأضرار التدخين بشكل عام، وتصحيح المفاهيم الخاطئة المنتشرة حول تدخين "المعسّل". فهو ليس بأي حال من الأحوال أقل خطراً على الصحة من تدخين السجائر. كما أنه من الضروري تفعيل القوانين والأنظمة التي تحظر التدخين في الأماكن العامة، ونشر الوعي بضرورة إجراء فحص وظائف الرئتين للمدخنين بصورة مزمنة، تحسباً لإصابتهم بانسداد الشعب الهوائية ومضاعفاته الخطيرة التي صارت تصيب النساء.


ونذكر هنا أنّ تقرير منظمة الصحة العالمية (عام 2009)، أشار إلى أن مرض التهاب الشعب الهوائية الساد المزمن (COPD) الناتج عن التدخين المزمن بشكل رئيسي، يحتلّ المرتبة الرابعة في قائمة أسباب الوفيات في الولايات المتحدة، لكن يُتوقع أن يحتل المرتبة الثالثة في هذه القائمة بحلول عام 2020.