تابع الناس قضية التحرش أو ما دأبنا على وصفه بـ "التحرش" عندما ذهبت شريهان إلى ميدان التحرير في "جمعة الغضب الثانية" في 27 أيار (مايو). كنت في ذلك اليوم في الميدان لأنني أرى مشروعية لمطالب الثوار لكني لم أشهد تلك الواقعة. قد تكون حدثت قبل رحيلي أو بعده، إلا أنّني أؤكد من واقع تواجدي على الأرض منذ اللحظات الأولى للثورة المصرية في 25 كانون الثاني (يناير) بأنّ الميدان لم يشهد واقعة تحرش واحدة رغم أن الزحام هو المناخ الصالح للتحرش في تلك الأماكن المكتظة بالآلاف الذين وصل عددهم في بعض الأحيان إلى الملايين خصوصاً قبل تنحي مبارك يوم 11 شباط (فبراير) من دون أن يشهد أحد حالة تحرش واحدة. كان هناك دوماً نجوم ونجمات في ميدان التحرير. أتحدث عن مرحلة ما قبل تنحي مبارك أيضاً. لم يحدث سوى تعبير عن الرأي حيث استقبلت جماهير الشباب بترحاب وحبّ نجمات مثل منى زكي وبسمة وجيهان فاضل وغيرهن. لم يحدث شيء يتجاوز حدود الأدب. نعم، لقد اعترض الشباب على أحمد السقا وقبله تامر حسني اللذين طردا من الميدان. وكلها حوادث تقع في إطار التعبير عن الرأي لأنّهما كانا يلعبان على الحبلين مع الثورة ومع مبارك في الوقت نفسه!


بعد نجاح الثورة، ندر أن ذهب النجوم إلى هناك. ولهذا، أتصوّر أنّ تواجد شريهان شكّل حالة استثنائية. وبسبب ذلك ازداد الازدحام حولها، فهي الوحيدة التي جاءت إلى الميدان في "جمعة الغضب الثانية". أتمنى ألا ننسى أنّه مهما كانت أعمار الثائرين، فهم في النهاية من الجماهير التي تتعطش لرؤية النجوم. وقد تزاحموا هذه المرة حول شريهان بطريقة مبالغ فيها. إلا أنّ يقيني أنّهم لم يتحرشوا بها. لكن في كل مرة نزلت فيها شريهان إلى ميدان التحرير، كانت تذكّر بقضية أخرى مسكوت عنها وهي علاقتها بابني الرئيس السابق علاء وجمال. وبعدما كانت هذه العلاقة تتردد كشائعة قبل 22 عاماً، عادت مرة أخرى للتردد بعد نزول شريهان إلى الميدان في بداية الثورة محتجةً على حكم مبارك. ولم يعرف عن شريهان قبلاً أي مواقف من هذا القبيل. أنا لا أتذكر لها سوى ما حدث قبل 23 عاماً في فندق "سميراميس" في القاهرة. يومها وفي بهو الفندق الذي شهد افتتاح "مهرجان القاهرة الدولي السينمائي"، ارتدت شريهان وعادل إمام ويسرا قمصاناً صفراء أمام الصحافيين العرب والأجانب قبل بزوغ عصر الفضاء الإعلامي. وجاءت هذه الخطوة للاحتجاج على رئيس المهرجان الراحل سعد وهبة. إذ أرادوا إسقاط قانون حرص وهبة على إصداره ويتيح له البقاء في موقعه نقيباً للسينمائيين ورئيساً لاتحاد النقابات الفنية. ربما كان تواجد عادل إمام هو الدافع لها. لكن المؤكد أنّ شريهان بعيدة تماماً عن السياسة وليس لها أي رأي سياسي معلن خلال السنوات الأخيرة. كما أنه في مرحلة مرضها الأخير، ابتعدت تماماً عن أجهزة الإعلام. كانت ولا تزال ترفض أن تجري أي حوار تلفزيوني مهما كان الإغراء المادي الذي يقدم لها. كتبت عن شريهان قبل نحو 30 عاماً أنّها ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب. فلقد عرفت البطولة السينمائية والتلفزيونية منذ أن بدأت المشوار الفني وعمرها 12 سنة. لكن هذه الملعقة التي قدمت لها الشهد، ذاقت بها أيضاً المر أكثر من مرة. إذ واجهتها قضية تشكيك في النسب انتصرت فيها، ثم تعرضت لحادث قاتل كان هدفه القضاء على مستقبلها الفني والشخصي من خلال تعجيزها عن الحركة. إذ ألقي بها من الطابق الرابع، لكنّ عناية السماء أنقذتها وأصيبت بالمرض الخبيث منذ قرابة 10 سنوات قاومته ببسالة. نعم، ظهور شريهان منذ الثورة فتح الباب مرة أخرى للحديث عنها وعن علاقتها بابني مبارك، ومشروع الزواج ثم اعتراض سوزان مبارك. شريهان اكتفت بإصدار بيان من خلال مدير مكتبها تنفي تماماً كل هذه الشائعات وارتباطها بقصص حب مع أي من ابني الرئيس، وأضافت أنّ ذهابها إلى ميدان التحرير موقف وطني. وقتها، اعتبرتُ ذلك نوعاً من التحرش السياسي. هكذا وجدت شريهان نفسها بين تحرشين: الأول سياسي في بداية الثورة، والثاني جنسي بعد مضي أكثر من مئة يوم على نجاح الثورة... وكذبت شريهان التحرشين!