في هذا الحوار، تتحدث الأديبة الكويتية فوزية شويش، عن علاقتها بعالم الكلمة، متوقّفة عند أبرز المحطات في مسيرتها الغنية بالعديد من المؤلفات.

تحترف الكاتبة والأديبة الكويتية فوزية شويش السالما، مختلف أنواع الكتابة الأدبية، من شعر ورواية ومسرح، مروراً بالمقال الصحافي, وهي قدّمت ثلاث مسرحيات وديوانين شعريين وأكثر من رواية. ولا غرابة في ذلك، إذ إنها ترى أنّ هذه الفنون هي حقل واحد لمجال الكتابة الذي تعشقه. فالكتابة «تمثل لذة للحياة» حسب رأيها، وهي تقول إنها تُفرغ الطاقة المختزنة داخلها عن طريق الكتابة «التي تعالج الاضطراب النفسي والعاطفي للإنسان»، لافتة إلى أن «الكتابة أخرجتني من أحزاني».

• كيف ترين المشهد الإبداعي العربي في الفترة الحالية؟
- المشهد العام يشهد طفرة كبيرة في مختلف الأجناس الأدبية, حيث تنوعت الرواية وتشعبت، فنجحت بجميع أشكالها. وبالنسبة إلى الكويت، فقد ارتفع عدد الشباب الذين دخلوا فروع الأدب المختلفة، ما أسهم في إثراء الحركة الأدبية. وقد انتشرت الكتابة النسائيّة في الخليج بشكل كبير.

• ماذا عن النقد؟ هل يوازي الحركة الإبداعية أم أنه يعد غائباً؟
- الحركة النقدية لا تتوازَى مع حركة الإبداع الحالية، حيث إنّ كبار النقّاد انشغلوا بالهموم الحياتية, وأصبح النقد في الأغلب يأتي من النقاد التقليديين، الذين يأتون بالمدارس الأدبية، التي درسوها في مراحلهم الجامعيّة، ومن ثم يفرضونها على النصوص الحديثة، بينما يحتاج النص الحديث إلى ناقد يكون أكثر حَداثة، يُوازي إبداعه إبداع الكاتب أو يتفوق عليه، وهذا غير موجــود. لذا، نجد أن النقد الحالي لا يستطيع أن يغطّي الطفرة الكبيرة التي يشهدها الإبداع حالياً.

تمرد الأنثى
• تتصف كتابات الأنثى الحالية بالتمرد, فعلاَمَ هذا التمرد؟
ـ الأنثى تتمرّد على كل شيء، لأنها منذ الأزل تتعرض للقَمْع. صحيح أنها نالت بعض حقوقها، إلا أننا نلاحظ أن الواقع الذكوري هو صاحب الغَـلَـبَـة. والمرأة في حالة صراع دائم لإثبات ذاتها. لذا، فمن حقّها أن تتمرد على الظلم التاريخي لها، والواقع الاجتماعي والعائلي والقوانين بمختلف أشكالها.

• كيف ترين وضع المرأة العربية حالياً؟
- هذا سؤال كبير، وبالتأكيد إن المرأة أخذت معظم حقوقها في الألفيّة الثالثة وقفزت قفزات كبيرة، كما امتهنت العديد من المهن المشرّفة واتَّسمت الكاتبة العربية بالجرأة. لذا، أعتقد أنها تتفوق على نفسها.

• ما رأيك في مَقولة الأدب النسائي، وهل تؤمنين بها؟
- أنا مع تصنيف الأدب. وإن كان هذا الأدب في أساسه عالماً إنسانياً، ولكن هناك خصائص نسائية وأخرى ذكورية. فاختلاف الهُرمونات وتأثيرها في العقل والجسد، يؤديان إلى إنتاج نصوص مختلفة. وهنا أتساءَل: هل يستطيع الرجل مهما كانت براعته، أن يصف تكوّن الجنين في رحم المرأة ومتاعبها؟ لا أعتقد ذلك، لأن تلك المشاعر والأحاسيس تُعد شخصية جداً، لا يستطيع الرجل أن يُعبّر عنها بالشكل الصحيح مهما قرأ. كما أن هناك فروقاً في الكتابات الإنسانية بين الرجل والمرأة، كما توجد خصوصية لكل منهما تعود للفرْق البيولوجي بينهما.

مستقبل الرواية
• شاركت مؤخراً في مؤتمر الرواية في القاهرة، فكيف ترين مستقبل الرواية واتجاهها؟
- اكتسحت الرواية جميع الفنون الأدبية والمعرفية بمدركاتها الحسية، وامتصت جميع الهموم، ولا ندري إلى أين ستصل. وكما أن العالم يتقدّم، فالرواية تتقدم معه إلى الأمام. الرواية هي كتاب الحياة وهي قادرة على احتواء كل شيء داخلها.

• تُمارسين كتابة مختلف الأجناس الأدبية، فلماذا هذا التعدُّد؟
ـ أحب جميع الفنون الأدبية التي أراها حقلاً واحداً لفن الكتابة, والانتقال بين هذه الفنون على اختلافها، يمثل حرية كبيرة للكاتب الذي يملك قُدرات أو موهبة تُمكّنه من ذلك.

• على الرغم من أنكِ بدأتِ حياتك كرسّامة، إلاّ أنك لم تقيمي معارض تشكيلية؟
- كنت أرسم مرحلة حياتي كلها, وتمنّيت دراسة الفن التشكيلي. وعندما تم قبولي في بعثة لدراسته في إيطاليا، رفض والدي سفري، على الرغم من أنه سمح بذلك لأشقائي، حيث إنه كان يخشى عليّ من الغربة أو أن تأخذني التيارات المختلفة، لأنني كنت مندفعة. ولكني مازلت أرسم حتى اليوم، وقد عملت جداريات لأماكن عديدة، منها بعض البنوك والـ«مُولات» والمنازل، وآخر مَعارضي كان في مرحلة الثانوية العامة. وأنا أرسم لأصدقائي كما أحرص على زيارة المعارض الفنية، كما أكتب عن الفن التشكيلي أحياناً في بعض مقالاتي في الصحف.

الكتابة المسرحية
• ماذا عن أعمالك المسرحية، وكيف هو المسرح في الكويت؟
- قدّمت للمسرح الكويتي ثلاث مسرحيات، ولديَّ مسرحية جديدة بعنوان «آدم وحواء»، ستُقدّم قريباً على المسرح، وهي للمسرح التجريبي. وأتمنّى أن يتم إنتاجها في تونس، حيث إنها تعتمد على تدريبات وحركات جسدية صعبة، كما تحتاج إلى فنانين ذوي مواصفات وقُدرات خاصة، أعتقد أنها تتوافر أكثر في تونس.
وبالنسبة إلى المسرح الكويتي، فشأنه شأن المسرح في جميع البلاد العربية، ولكنه إذا ما قُورن بالمسارح في أوروبا، فإنه يبدو متراجعاً.

• ما القضية التي يجب أن يُسيّرها الإبداع في الفترة الحالية؟
- لا بد من العمل على الرواية التجريبية, كما أعتقد أن مفهوم كتابة الجسد أكبر وأعمق من المفاهيم التي يتم طرحها. كتابة الجسد لا تعني كتابة الرغبات الحسّية، بل تشمل جميع الحواس، وكيف يُصدّر الكاتب هذه الأحاسيس إلى القارئ، لأنه توجد بين الكاتب والقارئ شبكة من الخلايا والأعصاب، قادرة على الإرسال والاستقبال. لذا، فلا بد من العمل على اللغة الحسيّة.

• لماذا تأخّرَت تجربتكِ الإبداعية؟
- لقد مارست الرسم، ثم توقفت عنه بعد الزواج، وإنجاب الأطفال وانشغالي بهم. وقد اتّجهت إلى الكتابة بعد وفاة زوجي، حيث تعرضت لصدمة شديدة دفعت بي إلى الكتابة، التي ساعدتني على الخروج من الألم.

• هل لديك عادات وطقوس خاصة للإبداع؟
- أكتب في حجرتي الخاصة، كما أكره الأصوات العالية، وأفضّل الكتابة عندما يَعمّ الصمت، حيث إني أعشق الهدوء.