سبحان مغيّر الأحوال! الكل يخشى الآن أداء دور سوزان ثابت الشهيرة بسوزان مبارك التي كانت تحمل لقب "سيدة مصر الأولى" قبل أقل من شهرين ونصف. كان همّ أغلب النجوم والنجمات بل كبار المثقفين التسبيح بحمد سوزان، ورجاحة عقل سوزان، و"مشروع القراءة للجميع" الذي أطلقته سوزان وذلك على مدى 25 عاماً عندما "استوحشت" سوزان إعلامياً ودخل التلفزيون طرفاً فاعلاً، فراحت تقدِّم عشرات الإعلانات ليس فقط على تلفزيون الدولة، بل أيضاً في القطاع الخاص الذي كان يقدم لها الطاعة والولاء. من فرط نرجسيتها، كانت سوزان تقدم أحياناً هذه الإعلانات، وكل برامج اتحاد الإذاعة والتلفزيون لا تكف عن إعادة هذه الإعلانات. وكان الكل يثني عليها وعلى حضورها الأخاذ. بل إنها كانت تقدم بعض القصص القصيرة للأطفال. وكثيراً ما نافقها الكتّاب والصحافيون وهم يرددون "أعد يا سيدة مصر الأولى أعد". كانت سوزان تنافس حسني مبارك في مساحة الاهتمام الإعلامي التي تحظى بها. ومن الواضح أنّ الكل كان يعلم نقطة ضعفها هذه، فبدأوا بمغازلتها صحافياً وتلفزيونياً. وبالفعل، كانت المناصب تُمنح لمن برعوا في النفاق. الكثير من المثقفين وكبار الصحافيين ـ مع الأسف ـ استغلوا نقطة ضعفها فنفذوا إليها. الآن، صار الكل يخشى أن يذكر اسمه بجوارها. السينمائي محمود كامل أول من أعلن عن تنفيذ فيلم يتناول حياة مبارك، وتحديداً الساعات الأخيرة التي سبقت رحيله عن كرسي الحكم. وهو لا يزال في مرحلة التفاوض حول الاسم الذي سيؤدي شخصية مبارك، لكن لا أحد اعترض، بينما كان أول ترشيح له لأداء دور سوزان هي نادية الجندي. واعتقد المخرج أنّ نادية التي ابتعدت تسع سنوات عن السينما بعد آخر أفلامها "الرغبة"، سوف تطير فرحاً بالدور. لكنّه فوجئ بأنّها اعتذرت عن عدم أداء دور سوزان رغم أنّها كثيراً ما قدمت أدواراً شريرة. إلا أنّها قالت هذه المرة: "لا لن ألعب دور سوزان مبارك". المحطة الثانية في قطار الترشيحات كانت لبلبة التي قالت للمخرج بأنّها لم تدخل بلاتوه السينما منذ أكثر من عام بعد آخر أفلامها "عائلة ميكي". مع ذلك، اشترطت أن تقرأ الدور كاملاً لتتأكد بأنه دور البطولة على الورق وليس البطل حسني مبارك أو جمال مبارك!


قبل نحو أربع سنوات، قدّمت الإذاعة المصرية مسلسلاً عن حياة مبارك الذي لعب دوره نور الشريف. أما سوزان فقد أدت دورها ميرفت أمين التي كانت قد أدت دور جيهان السادات في فيلم "أيام السادات" أمام أحمد زكي. والسر وراء اختيار ميرفت للدورين أنّ أم ميرفت من اسكتلندا، وأم كل من سوزان وجيهان إنكليزية. المسلسل الإذاعي لم يحقق ربما أي نجاح ولا أحد يتذكره، إلا أنّه بالتأكيد كان يتناول وجهاً مشرقاً لحسني مبارك وعائلته، مشيراً إلى كفاحه ونظافة يده. وكان الجميع يسعى للتفرغ للدور. لا أحد سأل عن أجر أو اسم، ولا اشترط قراءة الدور قبل الموافقة. لا أحد كانت لديه شروط سوى أن يقدم للعائلة التي كانت تحكم مصر كل شروط الخضوع والولاء!


ويبقى السؤال: لقد قدمت أكثر من نجمة دوري القاتلتين ريا وسكينة. شاهدنا في السينما قبل 60 عاماً نجمة إبراهيم وزوزو حمدي الحكيم، وشاهدنا على المسرح شادية وسهير البابلي، وفي التلفزيون قبل أربعة أعوام، كان الدور لكل من عبلة كامل وسمية الخشاب. وكان قد سبق ترشيح نادية الجندي ونبيلة عبيد للدورين. ولولا الخلاف على الأجر، لكانت النجمتان لعبتا الدورين. ريا وسكينة هما أشهر سفاحتان في تاريخ مصر الحديث، وكل النجمات رحّبن بالدور. بل إنها كانت المرة الوحيدة لشادية التي وافقت فيها على الوقوف على خشبة المسرح من أجل ريا!


كيف إذن لفنانة ألا ترحّب بدور لمن كانت تعرف بسيدة مصر الأولى؟ إن هذه الأدوار هي التي تثير كل مقومات الإبداع داخل الفنان، وأتصور أنّ أقوى دور على المستوى الدرامي في العائلة التي كانت تحكم مصر هي سوزان. إلا أن النجمات اعتقدن ربما أنهن لو قدمن هذا الدور، سوف يعتبرهن البعض من أنصار الثورة المضادة. ولهذا أضعن دوراً من أجل لا شيء له علاقة بالفن. فيلم عن سوزان وليس عن حسني مبارك أراه أهم فيلم لامرأة كانت تمسك بيديها كل خيوط البلد. 

 

تقيل وزيراً لأنه لم ينافقها بما فيه الكفاية وتمنح وظيفة وزير لمن يعرف مفاتيحها ويجيد نفاقها. امرأة أرادت أن تحكم مصر مرتين: الأولى من خلال زوجها والثانية من خلال ابنها، فأضاعت الجميع وانتهى بهم المطاف إلى طرة أشهر سجون مصر. أما هي، فسجن القناطر للنساء ليس بعيداً عنها؟!

 

للمزيد:

لبلبة... شبيهة سوزان مبارك

شقيق سوزان مبارك يُحرج إلهام شاهين

طارق الشناوي ضيف "مثير للجدل"

صور: أجمل وأغرب تسريحات ريهانا

فيديو: يوم في عالم رالف لورين للأطفال