لا يزال مصير الكثير من المهرجانات الفنية في تونس مجهولاً حتى اليوم على رأسها "قرطاج" الذي كان سابقاً المهرجان العريق الذي يتفاخر الفنانون بالمشاركة فيه، ووقوفهم على ركحه. إذ كان يتم اختيار الفنانين الجادين وأصحاب الأصوات الطربية للوقوف على ركح هذا الصرح الأثري الكبير. ومع دخول شركة "روتانا" على الخط، وسيطرتها لسنوات على المهرجان، وبسط سطوتها عليه وفرض أسماء فنية لم تكن لتقف يوماً على مسرح قرطاج، تراجعت كثيراً أهمية هذا المهرجان وقيمته. المهرجان الأشهر الذي عُرف بأنّه ملتقى الفن الراقي، وقفت على خشبته مغنيات الفيديو كليب اللواتي غنين "بلاي باك" أمام جمهور تونسي اشتهر بأنّه "سميع".


ومع اندلاع الثورات العربية، دخلت المغرب هي الأخرى في دائرة الثورة على طريقتها. إذ قام عدد من النشطاء على "فايسبوك" بحملة لاقت أصداء إيجابية تطالب بإلغاء مهرجان "موازين" المغربي الذي تصرف عليه الملايين في حين أنّ أبناء المغرب يعانون من الفقر. وطالب هؤلاء بصرف الملايين التي تدفع للفنانين، على مشاريع إصلاحية تفيد المواطن المغربي. ومنذ أشهر، شنّت الصحف الجزائرية هجوماً حاداً على "مهرجان موازين" وأجور الفنانين المبالغ فيها، وانتقدت انصياع إدارة المهرجان لرغبات الفنانين. وما زاد من التململ والسخط صرف مبلغ أربعة آلاف دولار على مرحاض متحرك طالبت به نانسي عجرم عندما شاركت في المهرجان عام 2007، وسخرت وقتها الصحافة من هذا الطلب. إذ كتبت "النجمة اللبنانية تستحق مرحاضاً مناسباً بهذا الشكل"؛ سيما أنّها "قاست كثيراً قبل الوصول إلى المغرب". إذ انتقلت من بيروت برّاً إلى دمشق فعمان، قبل أن تستقل طائرة في اتجاه تونس لتحصل من هناك على تأشيرة لدخول المغرب. فيما شنت الصحف الجزائرية هجوماً على أصالة وعمرو دياب ونانسي بسبب مبالغتهم بأجورهم. علماً بأنّ كل واحد منهم تقاضى مبلغ 70 مليون درهم لقاء ظهورهم لدقائق معدودة.


وشن صحافي جزائري هجوماً لاذعاً على المغنيات اللبنانيات. إذ اعتبر أنّ المغرب أصبح سبب ثرائهن بسبب المبالغ الخيالية التي يطلبنها مقابل موافقتهن على المشاركة في حفلات المغرب. وذكر المبالغ التي حصلت عليها هيفا وهبي (نحو 270 مليون درهم) مقابل ثلاث حفلات أحيتها في الدار البيضاء من بينها مهرجان الدار البيضاء، وسيرين عبد النور (90 مليون درهم) خلال إحياء حفلة في المغرب، وكارولا سماحة التي أحيت حفلين ضخمين هناك وحصلت يومها على عشرات الملايين. في حين تم إعطاء مبالغ زهيدة للفنانين المغاربة ومنهم سميرة سعيدة.


اعتراضات عدد من المثقفين المغاربة على هذه المهرجانات والبذخ الذي يرافقها، يفتح باباً للتساؤل إن كانت الثورات العربية وانتفاضة الشعوب ستضع حداً لأجور الفنانين الخيالية. كذلك، يتبادر سؤال آخر: هل ستتم إعادة الاعتبار إلى مهرجان "قرطاج" وحرمان مَن لا يملكون أصواتاً من الوقوف على ركحه مستقبلاً؟