قالت العرب "كل فتاة بأبيها معجبة" ولكن ربما يمكن إعادة النظر في هذا المثل في كثير من الأحيان "فكل فتاة بأمها معجبة" أيضاً ولم لا؟ لقد كانت الأمهات ومازلن على مر التاريخ مصدراً إلهام في حياتنا، ومصدر نستقي منه القوة على الاستمرار بما نلاقي. ومن المثير للانتباه أن العرب أطلقت اسماً خاصاً على من فقد أمه فأسمته "اللطيم" وهي حالة مأساوية أكثر من اليتيم. وقد عبرت التاريخ نساء غيرن فيه بفضل قوتهن وعزيمتهن وصبرهن، ومازالت أسماؤهن تذكر لتشير على قوة المرأة ومكانة الأم. وقد قال نابليون بونابرت "إن المرأة التي تهز المهد بيمينها تهز العالم بشمالها". ولكن من هن أشهر الأمهات في التاريخ؟


أمهات المؤمنين
وبالطبع إن أشهر الأمهات هن أمهات المؤمنين فهن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى رأسهن السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. وقد قدمت أمهات المؤمنين الكثير من التضحيات في سبيل نشر الدعوة الإسلامية ولقيت السيدة خديجة بشكل خاص الكثير، فقد آوت الرسول الكريم حين طرده الناس وصدقته حين كذبه الناس كما ورد في الحديث الشريف.


السيدة مريم العذراء
وربما تكون السيدة مريم العذارء هي الأم الأشهر على الإطلاق، فقد لقيت الكثير من قومها وعانت بالمعجزة التي حباها بها الله الأمرين من أقرب الناس منها فصبرت وصابرت.


أم سيدنا موسى عليه السلام
وكذلك أم سيدنا موسى عليه السلام التي تركته في مهد لتحميه، حتى خلا فؤادها وضاقت عليها الدنيا. ولكن كانت حياة طفلها بالنسبة لها أهم بأضعاف مضاعفة من راحتها إلى جانبه.


الصحابيات رضي الله عنهن
ولن ننسى النساء اللواتي قدمن أبنائهن شهداء في سبيل الدعوة مثل أم عمار بن ياسر وكذلك الخنساء وكثيرات ممن دفعن أبنائهن للشهادة، تستقي منهن المرأة العربية الآن ومن تجاربهن الصبر وتتخذهن قدوة لها، مثلما هو حال الأم الفلسطينة التي قدمت وتقدم الكثير من دمها ودم أبنائها وأحبتها.


ومن أشهر الصحابيات الأمهات أم عمارة نسيبة بنت كعب رضي الله عنها وقد شهدت أحداً وحنين، وجاهدت حتى قطعت يدها في الجهاد.‏ وشهدت زمن مسيلمة الذي قام بتقطيع ابنها زيد بن عاصم.


وإذا كانت هذه النساء قد حظين بالحياة في زمن المعجزات وعاشرن الأنبياء الكرام واستمدين منهن حكمتهن وصبرهن. فهناك الكثير من الشخصيات النسائية اللواتي عبرن التاريخ، وكن شهيرات بالحكمة والصبر أو الحيلة في سبيل تخليص أبنائهن من أي مأزق ومن أشهرهن:


أمهات الأمراء
الخاتون بنت بركة خان قامت بدس السم للأمير بيلبك عندما علمت أنه يريد عزل ابنها عن الحكم.
كما فرت أم الناصر محمد بن قلاوون بابنها خارج حدود مصر خشية من المؤامرات التي كانت تحاك ضده من قبل الطامعين في العرش.
خوند زينب تركت القصر السلطاني بالقلعة في القاهرة لتلحق بولديها، المؤيد أحمد ومحمد، في السجن. وباشرت تمريض أحمد حتى وافته المنية، وهنالك استأذنت السلطان خشقدم في حمل جثمانه للقاهرة ليدفن بجوار أبيه الأشرف إينال.
توميريس كانت ملكة ميسقاطا في وسط آسيا، وقد خطف ملك فارس كيراس ابنها، فأرسلت له رسالة تطلب منازلته في معركة شرف. وقد قتلته فعلاً واحتفظت برأسه حتى وفاتها.


أمهات كاتبات
وبالعودة إلى الزمن الحديث نجد في سير الكاتبات الكثير من الألم أيضاً، فربما تكون الكاتبة الشهيرة إيزابيل الليندي واحدة من أشهر الأمهات، فقد ظلت جالسة إلى جانب ابنتها التي تحتضر وكتبت رواية كاملة تحمل اسم صغيرتها روت فيها حكاية العائلة. واسم الرواية "باولا".
أما الشاعر المنتحرة سيلفيا بلاث، فقد أصرت على أن تطعم طفلتها وطفلها قبل أن تنتحر بدقائق. فكان أن وضعت لهما الفطور وأطعمتهما بنفسها. ثم أخرجتهما لتضع حداً لحياتها الكئيبة.
الشاعرة تسيفاتييفا كانت بائسة جداً، فقد كانت تعمل في غسل الصحون واضطرت لوضع ابنتها الوحيدة في ميتم لأنها لم تتمكن من إطعامها، وكتبت لها مجموعة من أشد القصائد إيلاماً قبل أن تنتحر هي الأخرى من شدة الفقر والحزن.