تتناول نجاح (40 عاماً) مسكنات الألم، كأنّها تلتهم السكاكر. كلّما أحسّت بألم في رأسها، أو ببوادر ألم في ظهرها، تفتح درجها، وتتناول علبتها، وتأخذ حبتين من مسكّن الألم! "لقد جنّت أمّي"، تقول ابنتها ريم. "لم يعد الدواء ينفعها، لكثرة ما اعتاده جسدها". لكنّ ريم لا تعرف أنّ الخطر على صحّة أمّها يتعدّى مسألة اعتياد جسمها على الدواء.
فقد أظهرت دراسة صحيّة أميركيّة واسعة النطاق، أنّ المسكنات مسؤولة عن 56 ألف حالة دخول إلى المستشفى في قسم الطوارىء، وأنّها مسؤولة أيضاً عن 100 حالة وفاة في العام الواحد. كلّ هذا بسبب الإفراط في استخدام المسكّنات، من دون وعي مخاطرها على وظائف الجسم الحيويّة.


نحن نتحدّث هنا عن جميع الأدوية التي تحتوي مادّة البراسيتامول. العديد من هذه الأدويّة يمكن شراؤه من المتاجر، من دون وصفة طبيّة. وغالباً ما يتخطّى المتألمون المعدّل المسموح بتناوله من هذه المادّة في اليوم. وهذا المعدّل لا يجب أن يتجاوز الثمانية غرامات. "إن تناولنا ما يفوق هذا المعدّل، يمكن للمادة المسكنة للألم أن تسبب الوفاة. لهذا تكون المسكنات سهلة للموت، بين يدي من لديهم ميول انتحاريّة"، تلفت الباحثة في مجال الدواء آني الأسطا.


وإن كانت أقصى حالات الخطر قد تصل إلى الوفاة بسبب المسكنات، إلا أنّ مضاعفات الإفراط في تناول مادة البراسيتامول، بما يزيد عن 4 ملليغرامات في اليوم، قد يسبب مضاعفات عديدة، ومنها التأثير على وظائف الكلى. كما يمكن لتناول جرعات زائدة من المادّة، أن يؤدي إلى تسمم الكبد، خصوصاً عند المسنين، أو من يعانون من قصور في الكلى، أو مشاكل في الكبد.


وقد تتسع مروحة الأعراض السلبيّة لمسكنات الألم كثيراً: غثيان، إمساك، آلام حادّة في المعدة، نعس دائم. هذه هي المشاكل الأكثر شيوعاً. هذا يعني، أنّك عوضاً عن أن تتخلصي من الآلام المزعجة، ستقعين في مشاكل صحيّة أكبر. بعض الأدوية التي تحوي البراسيتماول، قد تسبب أيضاً نوبات ربو عند الصغار في السنّ.
لهذا، لا يجب أن يتخطى تناول مسكنات الألم الأربع حبات في اليوم. ومن الأفضل أن تستشيري الطبيب أو الصيدلاني في حال أردت تناول دواء آخر قد يحتوي على البراسيتامول من دون علمك.
بالطبع، مسكنات الألم نعمة على البشريّة، فقلّة منا قادرة على تحمّل الألم الجسدي. وحده الإستخدام الراجح وغير المفرط، يسمح بعدم تحويلها إلى نقمة.