الطقس مكفهر في الخارج، عواصف هوائية حادّة، وبعض زخات المطر. كثيرات يحبطهنّ يوم كهذا، ومن بينهنّ ديما: "حين يكون الطقس سيئاً، أعجز عن القيام بأي شيء، وأفقد طاقتي. أفضّل الجلوس في المنزل طوال الوقت، وعدم الخروج إلى أي مكان". العلاقة الوثيقة بين الطقس والحالة النفسيّة أمر شائع، وها هي آخر اختبارات الطب النفسي، تحاول إثبات هذه العلاقة من خلال دراسات معمّقة وعلميّة.


فقد صرحت عالمة النفس الفرنسية ماري رومانن لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية قبل أيام، أنّها لاحظت أثراً مباشراً لتبدّل الطقس على صحة مرضاها خلال المعاينات السريرية!
"المرضى والمريضات ذوو الحالات الصحية أو النفسيّة الهشّة، يعانون من صعوبات خلال المرحلة الإنتقالية بين فصل وآخر. في مستشفيات الأمراض العقليّة، هناك قاعدة يعرفها جميع الأطباء والممرضين، هي أنّه يجب مضاعفة الحيطة خلال هذه الفترة من السنة"، تشرح الطبيبة.


عند الإنتقال من الصيف إلى الشتاء، يصير النهار أقصر، ما يضاعف اضطرابات من يعانون من الوسواس القهري، أو أمراض القلق. في حين أنّ الإنتقال من الشتاء إلى الربيع والصيف، يفترض تحفيز الطاقة الجسدية الخامدة خلال فصل الشتاء الطويل، ما يضاعف أيضاً بعض الإضطرابات.


وبحسب صحيفة "لو فيغارو"، فإنّ أكثر المتأذين من آثار التقلبات المناخية هم المراهقون وكبار السنّ. وذكرت الصحيفة أنّ دراسة تمّ إجراؤها عام 2008، بيّنت أنّ التأثر بحالة الطقس بشكل سلبي، ليس إلا نتيجة للشعور بالإقصاء الإجتماعي. وتلفت المعالجة ماري رومانن إلى أنّ "من يشكون دوماً من الطقس، لا يعبرون فقط عن تقلبات مزاجيّة طارئة. بل إنّها طريقة لا واعية للتذمر من آلام داخلية أكثر عمقاً مثل الكآبة والقلق". وتعطي الطبيبة مثالاً عن الشعب الإنكليزي، المعروف باهتمامه الكبير بالمحادثة حول المطر والطقس، وتعيد ذلك إلى كون الإنكليز يجدون صعوبةً في التعبير عن مشاعرهم!


في الولايات المتحدة، علاقة الطقس الغائم والماطر بالمزاج أمر مثبت علمياً، ويصنّف أطباء الصحة النفسية الأميركيون تحت اسم "الاضطراب العاطفي الموسمي" Seasonal Affective Disorder. وتشمل أعراض هذا الخلل التعب، والإنقطاع عن النشاط الإجتماعي، والحاجة إلى أكل السكريات... ويعتقد العلماء أنّ من يبقون محصورين في منازل لا تدخلها الشمس كثيراً، أو في أماكن عمل مظلمة، يعانون من هذه الأعراض طوال السنة. ويستخدم الأطباء لهذ الغرض نوعاً من العلاج بالضوء، وتقوم جلسات هذا العلاج على التعرض لضوء مصابيح مخصصة لهذا الغرض، لمدة نصف ساعة، بشكل دوري.