على رغم توافر العديد من المواضيع والقصص والحكايات التي يمكن أن يستوحي منها الكتاب والمؤلفون لتحويلها إلى أعمال درامية تلفزيونية، إلا أنّ بعض المؤلفين اختار أن تكون نصوصه بمثابة مراجعة للتاريخ بشخصياته. فألّف وكتب سيرة العديد من مشاهير الفن، والأدب، والسياسة، والمهن. وجسّد هذه الشخصيات العديد من الفنانين والنجوم في العالم العربي. إلا أنّه بعد عرض كل عمل، كانت تقع ضجة كبيرة وجدل واسع، بالإضافة إلى أنّ بعضها واجه العديد من المشكلات والمآزق، والاعتراضات والاحتجاجات التي وصل بعضها إلى القضاء. كما أنّ الآراء كانت تختلف لدى الجمهور الذي انقسم بين مؤيد ومعارض للمسلسل. كما أنّ بعض ورثة تلك الشخصيات قد لا يعجبهم العمل ويعارضون تجسيد الشخصية في حال لم تعجبهم الصورة التي ظهرت بها في المسلسل. كما أنّهم يفرضون آرائهم أحياناً على المنتج والمؤلف والمخرج. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل مسلسلات السيرة ترصد حياة المشاهير حقاً أم أنّها تتاجر بسمعتهم؟.


وتعود ظاهرة أعمال السير في الدراما العربية إلى أكثر من ثلاثين عاماً عندما جسّد الممثل المصري الراحل أحمد ذكي شخصية عميد الأدب العربي طه حسين من خلال مسلسل تناول مسيرته الشخصية والفنية وحمل اسم "الأيام".


وجاء مسلسل "أم كلثوم" الذي تناول مسيرة كوكب الشرق، ليسجّل نجاحاً ساحقاً وغير مسبوق في أعمال السير. كما تألقت فيه الممثلة المصرية صابرين التي جذبت الجمهور العربي في أدائها. وبعد نجاح هذا العمل تحديداً، بدأ المنتجون العرب ينجزون عشرات الأعمال التي تنتمي إلى هذه النوعية. هكذا، ظهر مسلسل يتناول سيرة الشاعر السوري الكبير نزار قباني الذي جسد شخصيته الممثل تيم حسن في شبابه، والممثل سلوم حداد أثناء تقدمه في العمر، وحمل توقيع المخرج باسل الخطيب. كما ظهر مسلسل "العندليب" الذي تناول سيرة الفنان الراحل عبد الحليم حافظ. إلا أنّ المسلسل لم يحصد النجاح الكبير خاصةً أنّه قورن بمسلسل "أم كلثوم". وتوالت مسلسلات السير سواءً في الدراما السورية أو حتى في الدراما المصرية.


ومن مسلسلات السير أيضاً "أسمهان" الذي تناول حياة الفنانة السورية الراحلة بكافة تفاصيلها. وقد جسدت دورها حينها الممثلة سلاف فواخرجي التي جسدت أيضاً شخصية الملكة الفرعونية في مسلسل "كيلوباترا". كما أنّ الممثل المصري مجدي كامل جسّد شخصية الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في مسلسل تناول سيرته وحمل عنوان "ناصر". لكن العمل لم يحظَ بأي نجاح على عكس "الملك فاروق" الذي جسد دوره الممثل السوري تيم حسن، وحقق حينها نجاحاً باهراً.


ومن بين الأعمال التي قدمت أيضاً "أبو ضحكة جنان" الذي تناول سيرة أسطورة الكوميديا الراحل إسماعيل ياسين وجسّد دوره المصري أشرف عبد الباقي، و"قلبي دليلي" الذي تناول مسيرة المطربة الراحلة ليلى مراد وجسدت شخصيتها السورية صفاء سلطان. لكن العمل لم يسجل أي متابعة. كذلك الأمر مع مسلسل "السندريلا" الذي تناول سيرة الفنانة سعاد حسني وجسدت شخصيتها المصرية منى زكي.


ويبدو أنّ معظم مسلسلات السير لم تحقق الجماهيرية المطلوبة ولا رضى النقاد. كما أنّ بعض هذه الأعمال شهدت نزاعات قضائية بين صنّاع العمل وورثة هؤلاء المشاهير الذين طالبوا بالتعويضات المادية لما لحق بهم من أضرار مادية وأدبية نتيجة تشويه ذويهم في أعمال تجافي الحقيقة وفق ما يقوله الورثة كما حصل في مسلسل "نزار قباني".


وهذا العام، تعود أعمال السير. إذ تقدم المغنية اللبنانية كارول سماحة سيرة الفنانة الكبيرة صباح ضمن "الشحرورة" الذي يتناول مسيرتها الفنية والشخصية. وبالرغم من التحضير والاستعدادت الكبيرة للمسلسل المزمع عرضه في رمضان المقبل، إلا أنّ بعض النقّاد سجّلوا تخوّفهم من هذا المسلسل بشكل خاص، لأسباب عدة أبرزها أنّ تفاصيل حياة صباح معروفة من قبل الجميع لأنّها لا تزال على قيد الحياة. وفي حال أخطأ العمل في سرد حياة صباح، سيلقى نقداً لاذعاً. ويتولى إخراج العمل المصري أحمد شفيق، وهو من تأليف أيمن سلامة.


كما أنّ المنتج والممثل السوري فراس ابراهيم لا يزال يصوّر مسلسله الجديد الذي ينتمي إلى دراما السير، ويحمل عنوان "في حضرة الغياب". إذ يتناول سيرة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش. وسيقوم فراس ابراهيم بتجسيد الدور. وكانت بعض الأنباء قد تحدثت عن تخوف عائلة درويش من ظهور العمل بشكل يشوّه الشاعر الكبير. إلا أنّ فراس ابراهيم أعلن مؤخراً أنّه سيحاول جاهداً أن يظهر المسلسل بشكل حقيقي، وسيتولى نجدت أنزور بإخراجه.


ومن أعمال السير التي قد تعرض في رمضان مسلسل يتحدث عن حياة الملكة المصرية "شجرة الدر". وسيتولى محمد عزيزية الإخراج. وقد أسند الدور للممثلة سلاف فواخرجي التي تنوي أيضاً تجسيد شخصية الراقصة "بديعة مصباني" في مسلسل يتناول سيرتها وسيحمل توقيع زوجها المخرج وائل رمضان.


كما أنّ هناك عملاً يتناول سيرة الفنانة المصرية كاميليا سيحمل اسم "الفراشات تحترق دائماً". ويسرد قصة الفنانة المصرية منذ نشأتها في الاسكندرية وعشقها للسينما، إلى علاقتها بالملك فاروق وحقيقة علاقاتها. وكانت أنباء كثيرة ترددت حول اسم الممثلة التي تجسد دور كاميليا. ومن الأسماء المرشحة اللبنانية هيفا وهبي ومواطنتها دينا حايك. كما أنّ هناك مسلسلاً آخر يتم التحضير له يتناول قصة الراقصة المصرية تحية كاريوكا، ويتولى إخراجه المصري عمر الشيخ. وتجسد الممثلة وفاء عامر دور البطولة. وهناك مسلسل آخر يتناول سيرة الفنان رشدي أباظة ويحمل اسم "الدنجوان".


وبين الرفض والقبول لهذه الأعمال، لا تزال دراما السير تتواجد في كل موسم رمضاني.