لم ينفصل الفن يوماً عن حياة الناس على اختلاف طبقاتهم، خصوصاً السينما المصرية التي لطالما نقلت حالة الفقر والحرمان التي تعيشها مختلف فئات الشعب المصري. كان الكثير من الفنانين والمخرجين يتبنون قضايا أمتهم، و"يمتطون" صهوتها، ويعلنون أنّهم مع الشعب وضد السلطة، فكرّسوا أنفسهم نجوماً شعبيين. ويأتي في مقدمة هؤلاء "الزعيم" عادل إمام الذي لطالما انتقد السلطة في الكثير من أعماله، وانحاز للبسطاء و"الغلابة" والشباب.

لكن يبدو أنّ هذه الأمور مجرد شعارات لكسب ود الشارع المصري، وتحقيق إيرادات عالية في شباك التذاكر. إذ أنّ زعيم الكوميديا أطاح بنفسه جراء تصريحاته الأولى التي أطلقها ضد المتظاهرين، ثم عاد وتراجع عنها محاولاً إمساك العصا من المنتصف. عادل إمام عرف بتأييده لمبارك ولتوريث الحكم لابنه جمال.

وكان أول الذاهبين للقاء مبارك منذ أكثر من شهر عندما اجتمع بالفنانين. لذلك، لم تجد نفعاً تصريحاته الثانية التي عبّر فيها عن تضامنه مع الشباب. إذ انطلقت على "فايسبوك" دعوات من صحافيين ومثقفين تطالب برحيل "الزعيم" مع مبارك. وانطلقت حملة ضده مستعينة باسم أحد افلامه القديمة "الهلفوت" وحملت عنوان: "معاً ضد الهلفوت عميل النظام عادل إمام". وتم فيها توجيه سؤال لإمام: "سؤال للهلفوت: هل أنت مع ثورة الشباب أم لا؟ قال "أنا معاهم بقلبي". يا عميل النظام، لن تكسبنا بعد اليوم".

وحتى الصفحة التي أطلقها معجبو إمام انقلبت عليه، وانهالت عليه الانتقادات ووُصف بالأرجوز: "مَن هو عادل إمام حتى يحكم على ثورة بهذا الحجم هزت العالم وأرعبت أميركا واسرائيل؟ إنّه مجرد أرجوز نضحك عليه ويضحكنا، وهو أرجوز الحكومة. إطلالته على الفضائيات تظهره انساناً فارغاً خاوياً لا يحمل أي ثقافة".

واعتبروا أنّ إمام أول من أساء إلى سمعة الشعب المصري بأفلامه الرخصية، واتهموه بأنّه منبر للحكومة المصرية من دون أن يكون يوماً مع الشعب المصري. ورأوا أنّه بموافقته على ذلك، فإنّه دمّر مسيرة نصف قرن من الفن، وأنّه لم يعد يقدم منذ سنوات أعمالاً تحمل رسائل فنية. وذكروا كمثال فيلم "التجربة الدنمركية" التي استعان فيها بعري اللبنانية نيكول سابا.

ليس عادل إمام وحده الذي يعتبر في موقف لا يُحسد عليه مخيّراً بين خسارة جمهوره وخسارة قربه من السلطة. ها هو الفنان محمد صبحي لم يدِن النظام ولم يؤيد الثورة، واكتفى بإطلاق تصريحات ضبابية يحث فيها على استراتيجية لتحقيق مطالب المتظاهرين.

وإذا كان إمام ومحمد صبحي حاولا البقاء على مسافة من الطرفين، إلا أنّ بعض فناني مصر أعلنوا مواقفهم صراحة وهاجموا المتظاهرين كغادة عبد الرازق وصابرين التي أطلت على قناة "الحياة" وطالبت باحترام مبارك لأنّ كرامته من كرامة مصر. وغرقت في نوبة بكاء وطالبت المتظاهرين في ميدان التحرير بالتوقف عند هذا الحد.

أما ردة الفعل الأعنف، فكانت من الملحّن عمرو مصطفى الذي فقد أعصابه في اتصال بقناة "العربية"، وانهال بالشتائم على المتظاهرين متهماً إياهم بتخريب البلد. وبدأ بالصراخ طالباً منهم العودة إلى منازلهم.
أما التصريح الأكثر إثارة للجدل، فكان من نصيب حسن يوسف الذي ظهر على قناة "المحور" وكان يبكي ويشيد بـ "الريس"، وقال بالحرف الواحد: "ده أنشط موظف في الدولة. كان يداوم في مكتبه عند الساعة السابعة صباحاً". وأضاف: "ده ما عملش حاجة".

أيضاً من الفنانين الذين ظهروا وأدانوا المتظاهرين، ودافعوا عن مبارك، أحمد بدير، والملحن حلمي بكر، وإلهام شاهين، وسوسن بدر، ونشوى مصطفى، وشيرين ونقيب الفنانين أشرف زكي. هذا الأخير لم يبدِ أي حماس لمشاركة الفنانين في التظاهرات، وطلب من عمرو أديب عندما اتصل به في برنامجه على "الحياة" أن لا يورِّطه في تصريحات تُفهم خطأ.

يذكر أنه أصبح معروفاً أنّ الفنان المعارض يدلي بتصريحاته لقناة "الجزيرة"، وفنان السلطة والنظام يطلّ على "العربية".

وعلى نقيض الفنانين المؤيدين لمبارك، خرج الكثير من فناني مصر للمشاركة في تظاهرات ميدان التحرير ومنهم خالد الصاوي وتيسير فهمي التي صرخت بأعلى صوتها: "إرحل إرحل"، وكذلك عمرو واكد الذي شارك منذ بداية التظاهرات وكان يوزع الماء علي المتظاهرين. وكذلك شريهان التي صرّحت لـ "الجزيرة" أنّها تفدي الثورة بمالها و"عيالها".

من جهة أخرى، أكّدت جموع السينمائيين تأييدهم لحركة الشباب المصري وموافقتهم على جميع مطالبه العادلة التي أعلنها في ميدان التحرير. وأكّد السينمائيون أنّ أي شخص ـ مهما كان منصبه أو وضعه ـ يصدر بياناً أو يقوم بشيء مخالف لموقفهم فإنّه لا يعبّر إلا عن نفسه فقط. البيان وقّع عليه كل من علي بدرخان، وتوفيق صالح، وداوود عبد السيد، ويسري نصر الله، وخالد يوسف، وأسامة فوزي، وأنسي أبو سيف، ومجدي أحمد علي، وخالد الصاوي، ونهى العمروسي، ومريم نعوم، وكاملة أبو ذكريى، وفوزي العوامري، وولاء سعدة، وأمير رمسيس، ونوارة مراد، وهاني خليفة، ومجدي محرم، وأحمد عواض، وأيمن مكرم.

المزيد على أنا زهرة:
وعد وريهانا..السمراوات يفضلن العدسات الزرق
السعودية: ملكة الجاذبية... مَن تكون؟
كيف تحصلين على مكياج خليجي متميز؟
اختاري الغرة التي تناسبك
الجسمي.. وإطلالته الجديدة