لماذا يصعب على بعضنا مقاومة النعاس، في حين يستيقظ آخرون في أوقات مبكرة؟ تختلف الحاجة إلى النوم بين إنسان وآخر، ونوعيّة هذا النوم وتوقيته أيضاً. ليس نمط حياتنا اليومّية ما يحدد هذا الإيقاع، بل "ساعة النوم" المذهلة، الموجودة في دماغ كلٍّ منا...


قارني مثلاً بينك وبين صديقاتك. سترين أنّ من بينكن مَن تستيقظ في ساعات الصباح الأولى، بكل نشاط وحيويّة. وستجدين أيضاً من لا تشعر بالنعاس إلا في ساعات الفجر الأولى، ومن تكتفي بأربع ساعات من النوم فقط، في حين يصعب عليك أن تنتزعي الأخرى من سريرها إن لم تكن قد أتمت ساعات النوم العشر بعد.


"ساعة النوم"، هي السبب في كلّ هذا. إنّها آلة بيولوجيّة دقيقة ومذهلة، تحدد مقدار حاجة كلّ منا إلى الراحة. تماماً كباقي وظائفنا الحيويّة، تخضع دورة النوم والإستيقاظ، إلى إيقاع دماغي معيّن. وظيفة ساعة النوم أن تحافظ من خلال مواقيتها، على توازن الجسم، وتحدد مواعيد النعاس، ومدّة الراحة المطلوبة، ومواعيد الإستيقاظ. إن قضيت ليلة كاملة من دون نوم، ستقوم ساعتك تلقائياً بتحفيزك على النوم ساعات إضافية في يوم آخر، لكي تعيد شيئاً من الإعتدال إلى إيقاعها.
لا يحدد هذا الإيقاع ساعات النوم والإستيقاظ فقط. بل هو مسؤول عن طول المدّة التي نقضيها ونحن نيام. وفي هذا السياق، ينقسم البشر إلى نوعين: من يحتاجون بيولوجياً إلى ساعات نوم قليلة، ومن يحتاجون إلى ساعات نوم طويلة. على سبيل المثال، كان نابوليون بونابارت، وويسنستون تشرتشل، يكتفيان بأقل من ست ساعات من النوم. أما العالم الألماني ألبرت أينشتاين، فكان يحتاج إلى عشر ساعات يومياً.


وفي اختبار علمي أجري حديثاً، راقب علماء مجموعة من الرجال والنساء، أجبروا على البقاء مستيقظين طيلة يومين. واكتشف القيمون على الدراسة، أن من يحتاجون إلى ساعات نوم قليلة، حافظوا على نشاط دماغي كثيف، وبقوا صاحين ومتيقظين أكثر من الآخرين، وبرهنوا عن قدرة أكبر على مقاومة النعاس.


وتماماً كما أنّ هناك جينات تحدد لون شعر، هناك جينات أخرى تتحكّم بنوعيّة نومنا. لهذا نرى أنّ هناك أناساً قادرون على الإستيقاظ باكراً، وآخرين لا يقدرون على النوم إلا في وقت متأخر. المذهل هو ما كشفته دراسات علمية حديثة عن علاقة "ساعة النوم" في جسدنا، بتواريخ ولادتنا. فالمولودون في الربيع يتأقلم مع النوم في ساعات متأخرة، لأن النهار يكون أطول. ويحصل العكس مع المولودين في الشتاء الذين يعتادون النوم باكراً!

 

المزيد على أنا زهرة:
هذا الشتاء... قولي وداعاً لبحّة الصوت
الأسباب الدفينة لكونك منفعلة جداً جداً جدا
السل قد يفتك بثلث سكان العالم
هل تستقبلين طفلكِ بالكلمات المناسبة؟
النوم مفيد لكلّ شيء