من منا لا يشعر بالغيرة بين الحين والآخر؟ يقرّ علماء النفس على اختلاف مدارسهم، أنّ الشعور بالغيرة أمر طبيعي، يختبره الجميع من دون استثناء: الأزواج والزوجات، زملاء العمل، رفاق المدرسة، الإخوة والأخوات... "لكنّ الغيرة العاطفيّة قد تتحوّل إلى مرض حقيقي، يصعب التعامل معه، وقد يجعل حياة الشريك جحيماً مطبقاً"، يخبرنا المعالج النفسي ناجي رعد.


ما هو سبب الغيرة المرضيّة؟ وكيف نميّزها عن الغيرة الطبيعيّة؟ "يمكن للغيرة المرضيّة أن تحوِّل حياة الشريك إلى كابوس حقيقي. وهي ليست محصورة بالنساء فقط، بل تكون شائعة عند الرجل بنسبة أكبر"، يشرح رعد.


تترجم الغيرة المرضيّة على شكل نوبات مفاجئة وعنيفة. وفي أغلب الأحيان، تكون ردّة الفعل المتوترة والصاخبة للمريض، ناتجة عن أحداث ووقائع سخيفة. "وفي أغلب الأحيان أيضاً، يصاب المريض بحالة من الندم بعد النوبة الحادّة، والمترافقة مع ردود فعل عنيفة وعدائيّة. كما أنّها لا تقتصر على فترة زمنيّة، بل تصاحب المريض أو المريضة لسنوات، وتصير جزءاً لا يتجزأ من شخصيته، وتصرفاته"، يشرح الطبيب.


بشكل عام، يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من الغيرة المرضيّة، يمكن تقسيمها بحسب قول الطبيب على الشكل التالي:
الغيرة الوجوديّة، وهي شعور قد يفيد المريض، لأنّه يحثّه على تقييم مشاعره، ومحاولة السيطرة عليها.


الغيرة العصابيّة، وهي تمتاز بكونها ردّة فعل لا إراديّة. في هذه الحالة، يصعب على المريض السيطرة عليها، أو ضبطها. تتحول الغيرة العصابيّة إلى هوس، إذ يتمحور كلّ تفكير المريض أوالمريضة حول فكرة واحدة، ألا وهي القلق من نوايا الشريك. لكنّها تبقى غيرة مسالمة إن صح التعبير، ولا تصل إلى حدود استخدام العنف.


الغيرة الذهانيّة، وتطال خصوصاً الشخصيات المصابة بعقدة الإضطهاد. ومن بين عوارضها الشائعة، الشكّ غير المبرر، والحساسيّة المفرطة على أي حادث عرضي. في هذه الحالة، تتحول الغيرة إلى تهديد فعلي لحياة الشريك، ويمكن أن يستخدم المريض العنف أو الضرب أو التهجّم الكلامي.


"في حالة الغيرة الذهانيّة، تصير مراجعة الطبيب النفسي أمراً ضرورياً. في بعض الأحيان يمكن اللجوء إلى علاج ثنائي يشمل الشريكين، أو استشارة طبيب متخصص في علم الجنس sexologue. وفي الكثير من الحالات، يمكن الشفاء من هذه المشكلة من دون اللجوء إلى عقاقير، إلا إذا ارتأى الطبيب المعالج أنّ الغيرة ناتجة عن مشكلة أكثر عمقاً في شخصيّة المريض.