بين الفن التشكيلي والقصص والرواية التي تنكب على إعدادها، وبين الخروج من اللوحة إلى البحث عن أبعاد أخرى تقول فيها أفكارها، مساحة تتحرك فيها المبدعة الإماراتية منى العلي. تعمل بمثل الهدوء الذي تبدو عليه صورتها، تقول إن عالمها محاط بالكتابة لأنه مصنوع أصلاً من القراءة، وتعيش في نسيجها الخاص الذي استلته كخيط من ضجيج العالم. الموسيقى الداخلية لها هي الفن الذي تصغي إليه جيداً وتفعل مايمليه عليها.


لم تكن منى عبد القادر العلي تتوقع أن يلقى كتابها الأول "المرآة" هذا الاستقبال والحفاوة بعد نشره، لا سيما وأنها لقيت الكثير حتى تمكنت من إصدار هذه القصص القصيرة بين غلافين، فقد ظل الكتاب يبحث عن مخرج من درج العلي إلى دور النشر، وهي غير عارفة إلى أي ناشر تلجأ، وأي دار ستشجع شابة في مقتبل دربها.


تقول العلي لأنا زهرة "لم أكن أعرف ماذا أفعل ولا إلى من ألجأ، كان لدي كتاب منجز ولا أعرف كيف أتصرف لأخرجه إلى النور وبأي خطوة أبدأ". ومن هذ التجربة ترى العلي ضرورة إيجاد دار نشر تتلقف هذه الإبداعات الغضة المتعطشة للنشر والكتابة، وأن تشكل هذه الدار الوطنية متنفساً بعيداً عن دور النشر التي تبحث عن أسماء كبيرة لتحتفي بها. ورغم هذا التأخر في نشر المجموعة إلا أنها ما أن صدرت حتى ترجمت إلى الألمانية سنة 2009 وهاهي تترجم حديثاً أيضاً إلى لغة الأوردو. بينما تعمل صاحبتها الآن على روايتها الأولى ببطء، تسعى من توخيه إلى الاطلاع أكثر على مجالات مختلفة تفيدها في كتابة رواية مبطنة بالمعرفة.


وتستلهم العلي مواضيع قصصها من الحياة اليومية لشخصيات مطحونة في الواقع اليومي، وتبتعد في طريقة طرحها عن الكلاسيكية، إذ تميل العلي إلى المفاهيمية التشكيلية بطبعها، الأمر الذي ينعكس على أدبها. لذلك نجدها تلجأ إلى الرمزية والإشارة إلى الأفكار بدلا من الإعلان عنها.


وبمحاذاة الكتابة كان الفن التشكيلي يسير على الوتيرة نفسها، ففد رأت العلي في نفسها رغبة وموهبة للتشكيل بدأت لديها منذ الصغر، ومن أجل تطويرها التحقت في العام 1999 بدورات متتالية في تعلم الرسم، رغبة منها في إتقان تنويعاته كلها. وقد برزت حتى طلبت منها جمعية الفنون الجميلة أن تدير "المرسم الحر"، وهكذا أصبحت العلي معلمة في المكان الذي تعلمت فيه و أقامت معرضها الفردي الأول قبل أن تتقدم من منطقة جديدة في الفن، وهي كتابة سيناريو الأفلام القصيرة، إذ كتبت نصين هما "سكة" و "ليلام"، ومنهما تمكنت من تنفيذ عملها الفيديو آرت "إعادة" والذي اختاره مهرجان دبي السينمائي كفيلم منافس في مسابقة المهر العربي لهذا العام."


تقول العلي إن خير ما يفعل الكاتب، بعد أن يوقن صعوبة الكتابة، هو أن يقرأ. فالقراءة هي التي تفتح العقل وتربي الذهن على التفكير والتأمل والتطلع إلى أفكار جديدة، داعية كل بنات جيلها إلى العودة إلى الكتاب.

المزيد على أنا زهرة: