باسل (5 سنوات) مزاجي جداً في تناول الطعام... التقلّب في شهيّته على الأكل، سبب قلق دائم لوالدته ريما. "في الآونة الأخيرة، بدأ يرفض تناول الطعام. أضطر لإستخدام ألف حيلة وحيلة لكي أقنعه بإنهاء طبقه، وإن رفض أعاقبه"، تقول.
لكن لمَ العقاب؟ من قال أنّه يمكننا إجبار أطفالنا على تناول الطعام؟ وإلى أي حد يمكن أن يكون التقلّب في شهية الطفل سبباً وجيهاً وكافياً لنشعر بالقلق على صحته؟


بالنسبة إلى الكثير من الأمهات، يكون إطعام الطفل جزءاً لا واعٍ من غريزة الأمومة. حين يشبع الطفل، تشعر الأم بالرضا والإطمئنان. رغبتنا في حصول أولادنا على أفضل تربية ممكنة، وأفضل أسلوب حياة، قد تدخل بعض الأهل في حالات قلق مفرط وغير مبرر. وهذا ما نلاحظه حين يرفض الطفل مثلاً تناول وجبته. حينها، تشعر بعض الأمهات بالخوف من رفض الطفل لطعامها، وتشعر بالذنب، وتحمّل نفسها المسؤولية.


لكن لماذا تعقدي الأمور بهذا الشكل؟ اسألي نفسك ما هو الهدف من الغذاء؟ أهو الحفاظ على النمو الصحي والمتوازن لطفلك، أم أن تثبتي لنفسك أنّك أم مثاليّة؟


الخطوة الأولى لتفادي المشادات بشأن الطعام بينك وبين طفلك هي أن تهدئي من روعك. كلّ طفل سيأكل حين يشعر بالجوع... إن لم يكمل طبق المعكرونة اليوم، فهذا لا يعني أنّه سيموت غداً!


احفظي هذه القاعدة الذهبيّة: توقفي عن معاملة طفلك ككائن أقلّ ذكاءً. الأطفال، تماماً كالراشدين، لديهم شهيّة متقلّبة على الطعام. راقبي نفسك مثلاً. هل تأكلين كل يوم بنفس الطريقة؟ ألا تختلف حاجتك إلى الطعام بين يوم وآخر؟ وتماماً ًكالراشدين، هناك أولاد يحبون الأكل، وأولاد لا يعنيهم موضوع العشاء كثيراً، بل يفضلون اللعب أو مشاهدة التلفاز.
منذ ولادته، يتعلم الطفل أن يتعاطى مع رغباته، وحاجات جسده. ويتعلّم أيضاً، ما هو مسموح وما هو ممنوع. لهذا، وأثناء تناول الطعام، لاقيه على منتصف الطريق... اجعلي الطعام متعة عوضاً عن أن يكون فرضاً.


لا تكوني قاسيةً جداً. بالطبع إن ابنك لن يدرك أهميّة توازن الوجبات، وضروة تناول الطعام للحصول على الفيتامينات الكافية. كلّ ما يفكرّ به هو أن يكون الطعام لذيذاً وشكله شهيّ. لكنّه في المقابل، قد يرغب بتناول نوع الطعام نفسه طيلة الأسبوع. زينة مثلاً (4 سنوات)، لم تأكل سوى اللبنة خلال الأسبوع الماضي: "لبنة مع الخبز، لبنة مع خيار، لبنة مع التوست، وهكذا..."، تخبرنا أمّها.


"ليس هذا مدعاة للقلق، خصوصاً إن لم نشعر أن السبب في انقطاع شهية الطفل ما هو مرضي"، تقول طبيبة الأطفال هبى الخوري. "دعي الطفل يتأقلم مع إيقاعه الخاص، فإن لم يكن هناك مشكلة صحيّة أو نفسيّة خطيرة لن يترك الطفل نفسه فريسةً للجوع".