ريّا في الثامنة، لكنّها لم تعد طفلة بالمعنى الحرفي للكلمة. الأسبوع الماضي، عرفت ريّا عادتها الشهريّة الأولى. مفاجأةٌ قلبت حياتها، وحياة سلام، والدتها، رأساً على عقب. "أخذتها إلى الطبيب، اعتقدت أنّها مصابة بنزيف ما، لأكتشف بالفعل أنّها بلغت... لكنّ هذا حدث أبكر بكثير مما كنت أتوقّع، حتّى أنها لم تكن تعرف شيئاً عن هذا الموضوع بعد"، تقول الأم القلقة. لكنّ حالة ريّا لم تعد تفاجىء الأطباء. ففي السنوات الأخيرة، لاحظت الدراسات العلميّة، تزايداً ملحوظاً في أعداد الفتيات اللواتي يبلغن في الثامنة والتاسعة من عمرهنّ. تكاثر هذه الحالات، قد يغيّر في السنوات المقبلة معدّل عمر البلوغ الوسطي المتعارف عليه حول العالم حتّى الآن، ويراوح بين سنّ العاشرة والـ 13.


وفي دراسة نشرتها صحيفة الـ"غارديان" البريطانيّة، لفت بيتر هيندمارش، الطبيب المتخصص في الغدد الدرقيّة عند الأطفال في مستشفى "غرايت أورموند ستريت" في لندن، أنّ عمر البلوغ انخفض بشكل ملحوظ خلال العقود الخمسة الأخيرة، وصار الحيض يفاجىء الكثير من الفتيات الصغيرات، وأمهاتهنّ.
حالة كهذه، تسبب أزمة نفسيّة للطفلة، لأنّها ستشعر أنّها مختلفة عن صديقاتها، وأنّها أكبر وأطول... ناهيك عن الآلام التي لم تعتدها بعد.


"هناك أسباب كثيرة لهذا التحول البيولوجي، وأبرزها زياد نسبة الوزن الزائد والسمنة لدى الصغار. الغذاء الزائد، يسرّع نمو الجسم بشكل غير طبيعي، وهناك إمكانيّة كبيرة أن يكون ذلك مرتبطاً بالبلوغ المبكر"، يشرح هيندمارش. وتشير آراء طبيّة أخرى إلى أنّ الإشعاعات الصناعيّة المثيرة التي يتعرّض لها الأطفال، ومن بينها تلك الصادرة عن شاشات التلفزيون، قد تكون سبباً محتملاً في هذه التغيّرات.

لكن بغضّ النظر عن الأسباب، ما العمل إن حصل ذلك مع ابنتك؟
تشعر الفتيات عادة بالارتباك بسبب البلوغ، سواء أكان مبكراً أم في ميعاده. وقد تتضاعف الأزمة عند الطفلة ذات الأعوام الثمانية، فهي نادراً ما تكون جاهزة نفسياً وفكرياً، لتلقّي الصدمة. "ستجد صعوبة في التأقلم مع حجم جسدها الجديد"، يقول الطبيب بيتر هيندمارش. "ستصبح في جسد امرأة بالغة، في حين أنّ عقلها ما زال عقل طفلة"، تلفت المعالجة النفسيّة آنا سيمونز.


ولأنّ الأثر الذي يتركه البلوغ المبكر على الثقة بالنفس، قد يكون مؤذياً، ستمرّ ابنتك في مرحلة انتقاليّة صعبة. الوسيلة الأفضل أن تتكلمي معها، وتواكبيها لحظة بلحظة، وتدعيها قبل كلّ شيء تعيش طفولتها، رغم هذا النضوج الطارىء في غير أوانه...