شكلت حالة الفنانة اللبنانية صباح "جانيت فغالي" حالة جريئة ونادرة في ثقافة الفن في العالم العربي، تناقلت الناس حكايات فنها جنباً إلى جنب مع قصص زيجاتها التسعة وأزيائها الغريبة وأناقتها المفرطة وجسدها الذي لا يشيخ. وبدت صباح لكثيرين وكأنها المرأة الفينيق التي تعاود كل مرة النهوض والتجلي والمحاولة مع الحياة من جديد.
ورغم شساعة الفرح في أغانيها التي تحتفي بالرقص والدبكة والحب والتمرد، إلى أننا إذا قرأنا حياة هذه المرأة عن قرب سنجد الكثير مما كان يمكن أن يكسر قامة مثلها أو يسرق منها الكثير مما تملك من حيوية، ولكنها تشكل ذلك النموذج الفريد الذي تقف الثقافة العربية أمامه حائرة وغير مصدقة. فهي المرأة التي عانت الأمرين جراء إدمان ابنتها الوحيدة هويدا على المخدرات، حتى باعت منزلها الوحيد لتستطيع معالجة صغيرتها في مصحة جيدة في أميركا.


وسواءً حسبنا عمر صباح بعدد السنوات أو بالإنجازات الفنية أو حتى بالبهجة التي أدخلتها إلى قلوب الكثيرين، ستكون صباح الكبيرة المحبة للحياة. المرأة التي حاولت القفز فوق الشيخوخة (ولدت في 1925) وابتكار شبابها الخاص وبناء علاقة عزيزة وغالية بالفن والعالم والسعادة.
يكرم مهرجان دبي السينمائي الدولي في الدورة الحالية ويقدم لها جائزة تكريم إنجازات الفنانين، كما يحتفي بها سينمائياً، وهي التي قدمت ما يربو على 83 فيلماً عاشت الصبوحة من خلالها أجمل قصص الحب السينمائية مع نجوم السينما العربية.


يقف مهرجان دبي ليقول هذه المرة بكل صدق، صباح نجمة حقيقية، وليست فقط امرأة صاحبة سيرة كبيرة من عمليات التجميل والزيجات المتكررة. مقدماً بذلك تكريماً لمن تستحق، في دعوة حقيقية لكل من نسي لأن يتذكر أول امرأة عربية وقفت على مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة روميو لحود الاستعراضية في منتصف السبعينيات.
والأهم من ذلك نتأمل جمال المرأة الذي أجادت الاستمتاع به، و رخامة الصوت الذي كان يمكنه أن يحلق مطولاً في موال مبكٍ من دوم أن يصيبه الكلل.


ومثلما غنت للكبار لم تنس أم هويدا الأطفال، فقدمت أكثر من 10 أغاني عن الأمومة. مثلما أمتعتنا بالمسرحيات مع الرحابنة وغيرهم من "موسم العز" و "حلوة كتير" و "ست الكل" و "كنز الأسطورة" آخر مسرحية قدمتها.
ظلّت أغانيها تستعاد في توزيعات وتنويعات جديدة، "يانا يانا" "ساعات ساعات" و "عاشقة غلبانة". فليتنا نكون "غلابى" على طريقة الست صباح ونعشق الحياة ربع ما تعشقها.