حوار- ثناء عبدالعظيم


أمل النعيمي إعلامية إماراتية متقاعدة، منذ عام 2006، تَربَّت منذ نُعومة أظافرها على العمل التطوّعي، خصوصاً، أنَّها تُؤمن بأن السَّعادة دائماً تَنبُع من سعادة الآخَرين. قبل فترة، تَبنَّت أمل مشروعاً خيريّاً، يرتكز على إعادة تَدوير لعب الأطفال القديمة، وصيانتها وترميمها وتجديدها، وتوزيعها على الأطفال المحتاجين، إضافة إلى قاطني المناطق الفقيرة، لتُدخل الفرح والسعادة في قلوب الصِّغار. فماذا تقول عن مشروعها هذا؟ ومن أين واتَتْهَا فكرته؟


«مشروع الأمل»
«لاحظتُ أنّ بيتي أصبح مكتظاً بأكوام من الألعاب، ولا أحد يستفيد منهـــــا، بعـــــــد أن كبـــر أولادي واســـــــتبدلوها بــألعـــــاب إلكتـرونية. لـــــــــــذلـــــــــــــــــك، أردتُ التخـــــــلـــــص منها بطـريقة إيجابية». بهذه الكلمــــــات، تَتــحدّث أمل عن أساس فكرتها وتقول: «مــن هنـــــــا، رحت أبحث عــن وسيلة لجعل الآخــــرين يستفيدون منها، وهكذا وُلدَت في خاطري فكرة «مشروع الأمل»، بهدف جعله عملاً خَيرياً وبيئياً، وفي الوقت نفسه تستفيد منه أكبر شريحة من الأطفال المحتاجين، إضافة إلى مشاركة أطفال المدارس، وتعويدهم على ممارسة الأعمال الإنسانية، والتبرع بألعابهم بدلاً من رميها نفايات». تُضيف: «فكرت في توزيع الألعاب على الأطفال المحتاجين، بعد تنظيفها وتغليفها، وبدأت الانطلاقة من «مركز واسط الطبي»، التابع لمنطقة الشارقة الطبية، لأنني أتردَّد عليهم كمريضة. وهناك، طرحت الفكرة على مسؤولة المركز، الدكتورة هيفاء فارس، ولاقَت تشجيعاً كبيراً. واصطحبت معي حينها مجموعة من الألعاب، لتوزيعها على الأطفال المحتاجين، الذين يأتون لتناول اللّقاح. وشعرت بسعادة تَغمُرني، لأني رأيت البَسْمَة تَعلو وجوه الصغار، الذين لا يملكون ثَمن شرائها».


شبكة تطوعية
وإذ تُواصل النعيمي سَرْد تفاصيل المشروع وخطوات تطوره، تقول: «تمكنتُ خلال فترة قليلة من تكوين شبكة تطوعية، تَضُم 19 سيدة يعملن في مجالات وظيفية مختلفة، في الإعلام والطب والتمريض، إضافة إلى طالبات المدارس، اللواتي جَنَّدن أنفسهنّ لخدمة المشروع الخيري، وتأمين احتياجات الأسَر الفقيرة، من لعب أطفال وملابس ومستلزمات ضرورية أخرى، ووضع تَصوّرات مستقبلية لتطوير المشروع فــي المــرحلـــــة المقبلة، وتم تحديد اشتراك العضوية بمئتي درهم، تَذهب إلى الأسَـــــــر المحتاجة والمتعفِّـــــفــــــة». تضيف: «بناتي الطالبات يُساعدْنَني في جَمْع الألعاب القديمة، من صديقاتهنّ في المدرسة، وهُنَّ يومياً يَعُدْن من المدرسة مُحمَّلات بألعاب مختلفة». تتابع: «لقد أجريت اتصالات بصديقاتي، اللواتي يَرغبْن في التخلص من الألعاب القديمة، كما أرسلت رسائل إلى «مدرسة الإبداع العلمي» في الشارقة، و«الورود الأميركية» في أبوظبي، لتبنّى الفكرة ومشاركة تلامذة المدارس في التبرع بألعابهم القديمة بدلاً من رميها، حتى أزرع في نفوس الأطفال فكرة المشاركة في المشروعات الخيرية، والتبرع بما لا يحتاجون إليه، حتى وإن كانت اللعبة التي يُحبّونها». تستطرد: «حتى أحفز الأطفال إلى عمل الخير واستمرار العطاء، فإني أمنح كل طفل يتبرع بلعبة قديمة، شهادة تقدير».


قيمة نبيلة
تُشدِّد أمل على قيمة العمل التطوعي وأهميته، وتقول في هذا السِّياق؛ إنها تُؤمن بمَقُولة الفيلسوف المعروف كونفوشيوس:«بقيتُ أتَذمَّر من عدم امتلاكي حذاء، حتى رأيت رجلاً بلا قدمين». وهذا يعني أنّ الإنسان لا يرى النِّعمة التي مَنحه الله إيّاها، حتى يرى غيره محروماً منها. والعمل الخيري يأتي بدافع إنساني وذاتي». تضيف: «أثناء زيارتي إحدى الأسر الفقيرة في إمارة الشارقة، وجدتُ البيت خالياً من الأثاث عَدَا بعض الأشياء البسيطة والمتهالكة، وكانت الأسرة تضم بين أفرادها طفلين من ذوي الاحتياجات الخاصة، يرقدان على سجادة بالية ضائعة المعالم. وقتها، شعرت بضيق في صدري، وحمدت الله على النعمة والرفاهية اللتين نعيش فيهما». تتابع: «شَكّل ذلك منعطفاً في حياتي، حرَّك مشاعري تجاه العمل الخيري والتطوعي من أجل إسعاد الآخرين، وترسَّخت في ذاتي فكرة «مشروع الأمل»، بهدف تكريس القيَم النبيلة والتربية الدينية السليمة في نفوس أبنائنا. وعلى الجانب الآخَر، فإنها فرصة للتقليل من النِّفايات والحفاظ على البيئة»، مشيرة إلى أن «هذه الفكرة كانت بمثابة ومَيض ضوء يهدي الآخرين إلى طريقهم»، ومُشدِّدة على «ضرورة تنميتها والحفاظ عليها». وتقول: «لقد اتَّضح لي من خلال العمل الميداني، أنّ هناك أسَراً تحتاج إلى أشياء أخرى من بينها الأدوية، والملابس، والمواد التموينية ، وكل هذه الأشياء يمكن تدويرها وتأمينها من خلال فائض الأسر الأخرى».


إعادة تدوير
وعن كيفية إعادة تدوير الألعاب القديمة، تقول النعيمي: «أقوم بفرز الألعاب التي تأتيني من المتبرِّعين، وأصنّفها إلى 3 مجموعات: الألعاب البلاستيكية، الألعاب التي تعمل بالبطارية، والألعاب المصنوعة من القماش والمحشوَّة بالقطن». وتشير إلى أنها تتجنَّب المتهالك من هذه الألعاب، لافتةً إلى أنها تستفيد من اكسسواراتها من أعين وأزرار، تستخدمها في ترميم ألعاب أخرى». تضيف: «تَمرُّ اللعبة عند تدويرها بمراحل عديدة، لتحويلها إلى قطعة مبهجة، وتلعب طريقة تنظيف اللعبة وغسلها في البيت بمطهِّرات ومواد مُعقِّمة، وتجفيفها في الشمس، دوراً في إعادة نضارتها، علماً بأني أقوم بإرسال الألعاب غالية الثمن إلى المغسَلة، وصبغ بعضها لإعادة لونها الزاهي. أما الألعاب القطنية الممزقة، فأقوم بخياطتها بالطريقة اليدوية، باستخدام الخيط والإبرة، وترميم وترقيع، وتركيب اكسسوارات لقطع الألعاب التي تحتاج إلى ذلك، والمرحلة الأخيرة تَعتمد على التغليف بالورق الملوّن، حتى يظن النَّاظر إليها أنها هدايَا جديدة ويَفرح بها الأطفال».


رؤية مستقبلية
وعن رؤيتها المستقبليّة لهذا المشروع الخيري، تقول: «حلمي بأن يَتوسَّع المشروع في كل الدول، وقد اقترحته على بعض صديقاتي في البحرين وقطر لتنفيذه». تضيف: «نحنُ الآن نستعد للمرحلة الثانية من المشروع، لتأمين احتياجات الأسَر المتعفِّفة والفقيرة من ملابس، وتوزيع مبالغ مالية بسيطة، إلى جانب ألعاب الأطفال، وأتمنّى أن تُعمَّم الفكرة في المجتمع». وتكشف أنها سوف تعرض الفكرة على «هيئة الهلال الأحمر الإماراتية» «لكي تُؤخَذ في الاعتبار، ويستفيد منها أكبر عدد ممكن من الأطفال المحتاجين، سواء أكان ذلك داخل أم خارج الوطن، من دون تحديد جنس أو لون أو عرْق». وتؤكد النعيمي «أهمية اللعبة في نفوس الأطفال، ومدى الفرحة التي يشعر بها الطفل عندما يمسك بيديه لعبة». تؤكد: «الطفل غير السَّعيد، ليس فقط الذي لا يملك حياة كريمة، بل الذي لا يمتلك لعبة». تُضيف: «لقد تَوسَّعتُ في توزيع ألعاب الأطفال على أربعة مراكز طبِّية في الشارقة، إضافة إلى الدَّعم المالي الذي يُوزَّع على الأسَر المحتاجة من أرامل ومطلَّقات، من دون تحديد جنسيّة».
وتشير إلى أنَّ السيدات الـ19 اللواتي يساعدنها، «يُعتبَرن بمثابة همزة وصل بَيني وبين الآخرين، سواء أكان ذلك من خلال جَلْب الألعاب القديمة أم الأثاث المستعمَل». تَختم بالإشارة إلى أن «العمل الخيري ليس غريباً عنّي، وقد تعلمت منه الكثير». وتقول: «العمل التطوعي ليس وليد الصُّدفة، أو لمجرد شغل الفراغ، ولكني تَربَّيت منذ طفولتي على أن أخدم وطني. ونحن في حاجة إلى كل السَّواعد الواعية، التي تُدرك معنى الوطنية وحُب العمل».

 

 

المزيد:

فنّانون يقومون بأعمال خيرية في رمضان... وخارج رمضان