احتفلت صباح قبل أيام بعيد ميلادها التسعين. وصباح متعها الله بالصحة والعافية تقول إنّهم 85 فقط، ندعو لها بطول العمر.
تستعد صباح لكي تروي حياتها وتسجلها لتصبح هي المادة الأولية لصناعة مسلسل رمضاني عن حياتها. المعروف أن صباح لا تعرف سوى الصراحة، لكنها لن تستطيع أن تبوح بكل شيء خاصة ما يتعلق بسيرة أقرب الناس إليها ونقطة ضعفها في الوقت نفسه وهي هويدا. هويدا هي ابنة صباح من عازف الكمان المصري الراحل الشهير أنور منسي، وغنت صباح لهويدا أكثر من أغنية مثل "أكلك منين يا بطة" و"أمورتي الحلوة بقت طعمة" وغيرهما. "هويدا" طلبت من أمها ألا تفعل ذلك أبداً لأنّ هويدا كان لها أيضاً نقاط ضعفها البشرية وهي لا تريد أن تكشف ذلك على الملأ. وأتصور أيضاً أنّ قلب الأم – أي أم – لا يطاوعها أن تفضح مثالب ابنتها.

 

 

 ورثة الإعلامي الكبير الراحل أحمد فراج الذي تزوج من صباح في مطلع الستينيات، وكان يقدم برنامجاً دينياً شهيراً في التلفزيون المصري بعنوان "نور على نور"، طلبوا ذلك. وأغلب الظن أنها سوف تستجيب لابنتها، فهي لا تستطيع أن تقول لها لا، وبالتالي فمن حق ورثة الآخرين المطالبة بالمثل. سبق أن سجل عبد الوهاب وعبد الحليم وأم كلثوم وليلى مراد وإسماعيل يسن شذرات من قصة حياتهم بأصواتهم، لكن لم يلتفت إليها أحد إلا بعد رحيلهم. والكثير من الأعمال الدرامية التي قدمت عن حياة هؤلاء، اعتبرت أن هذه التسجيلات مجرد مصدر لكنها ليست كل المصادر. فلقد أغفل الفنانون عن عمد الكثير من الحقائق أثناء تسجيلهم لتلك المذكرات.

 

 لو كان الفنانون الذين قدمت حياتهم في مسلسلات على قيد الحياة وشاهدوها الآن، من المؤكد أنهم سوف يملأون الدنيا غضباً على الكثير مما رأيناه وسمعناه. آخر مطربة قدمت قصة حياتها في مسلسل هي "ليلى مراد" وجاء العمل مخيباً للآمال، وأقام ورثتها دعوى قضائية ضد صنّاع المسلسل لا تزال تدرسها ساحة القضاء. وتأتي صباح لتصبح هي المشروع القادم. صباح تروي للكاتب الدرامي الشاب فداء الشندويلي ليسجل مذكراتها موثقةً، وبعد ذلك يضعها في قالب درامي. من تتبع أحاديث صباح في البرامج التلفزيونية، يدرك أنها لا تخشى شيئاً، تقول كل ما هو ممكن بل غير ممكن، تعترف بعلاقاتها وخيانتها وحبها حتى للرجال الذين في عمر أحفادها. وتروي

 

 عن معاركها العاطفية مع تحية كاريوكا وصراعهما على الرجل نفسه، ثم معاركها مع سامية جمال، ومحاولة خطفها رشدي أباظة، زوج سامية في تلك السنوات. من المؤكد أنّ صباح ستحصل على الثمن مقابل أن تبوح بكل ما لديها، ولم يبق لها سوى أن تعرض تاريخها لكي تبيعه لمن يشتري. فلا مورد رزق آخر لها. وربما يستغلون احتياجها المادي ليحصلوا على توقيع يضمن لهم ألا تعترض عليهم جنائياً بعد تقديم المسلسل. كل المسلسلات التي نطلق عليها "سيرة ذاتية" لم تتجاوز أحداثها نهاية السبعينيات حتى لو كان من تتناوله قد وصل في حياته إلى منتصف التسعينيات مثل ليلى مراد التي توقف السرد الدرامي لحياتها عند منتصف الخمسينيات رغم أنها عاشت 40 عاماً بعد هذا التاريخ. هذه المرة نحن نتحدث عن زمن نعيشه الآن وبعض أفراده أحياء يرزقون بيننا. وإذا امتلكت صباح الحقيقة لتروي، فهي مجرد طرف فقط وتظل هناك أطراف أخرى ربما تدخل في صراع قانوني. لكن ما الذي يمكن أن تذكره صباح أكثر مما روته في أحاديثها؟ هل يتقبل الجمهور كل هذه الحكايات؟ وإذا تقبل الناس ذلك، فهل يوافق الفنانون الذين على قيد الحياة أو هل يصمت ورثة الراحلين عن هذه الحكايات ولا يعتبروها سباً وقذفاً علنياً؟! لقد روى لي الشقيق الأكبر للموسيقار الكبير بليغ حمدي د. مرسي سعد الدين أن حكاية زواج صباح من بليغ التي امتدت 24 ساعة فقط، غير صحيحة على الإطلاق، وأنه لم يتزوج غير وردة، وكان بينه وبين سامية جمال ثم سميرة سعيد مشروع زواج ولكنه لم يكتمل. كل من عاش هذه المرحلة لديه حقيقة يريد أن يرويها وأخرى يريد أن يخفيها. وتبقى تفاصيل أخرى في المسلسل سوف تثير جدلاً أثناء التنفيذ مثل من هي الفنانة التي تؤدي دور الصبوحة. 

 

وهل تظهر مثلاً صباح في الحلقات الأخيرة لتؤدي دورها كما هو في الحياة؟ سيظل الأمر مدعاة للتساؤل. فهو بالتأكيد مسلسل مختلف لأن صباح أطال الله في عمرها ستظل بيننا شاهد إثبات على كل ما نراه. وإذا قال أحد مثلاً هذا لم يحدث، سوف تؤكد أنه حدث و "نص". لكن هل تملك صباح كل الوثائق التي تؤيد وجهة نظرها في أن كل ما روته "حدث بالفعل ونص"؟!