يبدو أنّ الدراما المصرية رضخت لـ "أوامر" نجمات الزمن الماضي اللواتي هجرتهن السينما ولم يعدن نجمات شباك، وصرن يعشن على الذكريات من دون أن يقدمن نصاً يثبت وجودهن في الخارطة الرمضانية. إذ سقطت الدراما في الأعمال المفصّلة على قياس النجمات، وغرق المشاهد في مثاليات يسرا، وإلهام شاهين، وليلى علوي، وفيفي عبده ونادية الجندي. ولا تزال يسرا كعادتها "مخلّصة البشرية" من الآثام والخطايا، والباحثة عن المدينة الفاضلة. كذلك، لم تخرج إلهام شاهين عن نمطية أدوارها السابقة، بينما سقطت ليلى علوي في فخ نجاحها العام الماضي، ولم تأتِ بجديد في الجزء الثاني من "حكايات بنعيشها". بل قدّمت نموذجاً مكرراً ومعاداً عشرات المرات عن المرأة المصرية التي تكافح من أجل عائلتها. ولا تزال فيفي عبده مقتنعة بأنّها "المرأة الخارقة" في مسلسل "طوق نجاة".


وسط هذه المسلسلات "المفصّلة"، يطلّ "الجماعة" ليطيح بـ "أحلام" أولئك النجمات وقصصهن الخالية من أي نصّ عميق من خلال الطرح "السياسي الديني الشائك" الذي يقدمه بمشاركة نخبة من الوجوه الشابة والجديدة التي بدأت منذ رمضان الماضي تثبت وجودها على رأسها الممثل الشاب حسن الرداد. هذا الأخير يقوم بدور وكيل النيابة في المسلسل الذي يبدو حتى الآن الأكثر جذباً للمشاهد، كونه خرج عن طوق أزمات المواطن المصري المادية والعائلية والركض وراء لقمة العيش ومحاربة الأشرار، ليدخل في موضوع جماعة الأخوان المسلمين التي تلقَّب بـ "المحظورة" وتعتبر من أكثر القضايا حساسيةً في مصر.
تأتي متعة العمل من ابتعاده عن كونه مجرد سيرة ذاتية للشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة، بل هو عمل يمزج بين أحداث الوقت الحالي انطلاقاً من أحداث جامعة "الأزهر" و"عين شمس" عام 2006 وبين سيرة مؤسس الجماعة.


وربما يكون العمل بعنوانه العام يتناول تاريخ الأخوان المسلمين، لكنّه يحمل في طياته الكثير من الرسائل من خلال الحوار المتقن الذي يرسل "فلاشات" للمشاهدين عن أسباب انضمام الشباب إلى هذه الجماعات. مثلاً، قال طالبٌ الذي قُبض عليه في أحداث جامعة "عين شمس" إنّه يشجّع الجماعة، لأنّه أتى إلى المدينة وشعر بغربة، ولا أحد أمسك بيده، والأخوان "بيأمنوا الأكل والمال و"البطاطين"، ويكمل و"مش عاوزني ساعتها أشجعهم". ويتساءل الشاب عن سبب عدم اعتقال مشجعي النادي الأهلي أو الزمالك في حين يُعتقل "مشجعو" الأخوان.
المسلسل أثار وسيثير المزيد من الاعتراض من قبل "جمهور" الجماعة الذي أنشأ مجموعات وصفحات على "فايسبوك" للرد على المسلسل، وأبرزها صفحة "اسمعنا واعرف مننا، مش عننا". ووصف القائمون على الصفحة أنفسهم بأنهم "مصريون ضدّ تزوير التاريخ من قبل مؤلف الأفلام الساقطة" ويقصدون المؤلف وحيد حامد. بينما تصدّت صفحة أخرى للرد على كل حلقة من حلقات المسلسل أو كما أطلقت عليها "شبهات" مسلسل الجماعة. ومن أبرز الأمور التي اعتبرها "جمهور" الأخوان شبهات في المسلسل هي:


ـ الشرطة المصرية تتعامل مع الأخوان برفق لا مثيل له.
- إظهار حسن البنا كشخص متفرّد بكل القرارت داخل الجماعة.
- التركيز على أنّ هدف الأخوان هو الوصول الى الحكم، والإطاحة بكل من يخالفهم الرأي.
ـ إظهار الإمام البنا كشخص متشدد من صِغَرُه والتشكيك في بعض المواقف التي قام بها في طفولته من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وغيرها الكثير من الأمور.


الطريف أنّ هناك اعتراضاً على مشهد في الحلقة الرابعة يظهر والد حسن البنا يسمع أغنيات أم كلثوم ومعه ابنه حسن الذي يبلغ 12 عاماً. وتم انتقاد هذا المشهد، وكتب أحد المعلقين "ظهر حسن البنا وهو في عمر الثانية عشر من عمره يسمع أسطوانة لأم كلثوم وذلك عام 1918 في حين لم تطبع أي أسطوانة لأم كلثوم قبل عام 1928. وختم المعلّق بعبارة "واشرب يا وحيد حامد".
من جهة أخرى، تناولت مقالة كتبت على موقع الأخوان المسلمين المسلسل بالنقد وتساءل كاتبها إن كان مسلسل "الجماعة " دراما هندية أم أمنية. كذلك، لم يفت كاتب المقال انتقاد المخرج الذي صوّر مائدة الطعام المعدة لأعضاء مكتب الإرشاد، واعتبرها الكاتب مستوحاة من فيلم هندي أو ملحمة إغريقية.