ناشد محمد سعيد رمضان البوطي أحد علماء الدين في سوريا المحطات الفضائية بوقف بث المسلسل السوري "ماملكت أيمانكم" بحجة أنّه يسخر من الله ودينه. كما قال إنّه لا يعلم بالغيب، لكنه "يحمل النذير الذي رآه وهو غضب إلهي عارم من الله عز وجل يكمن وراء عرض مسلسل السخرية بالله وبدين الله". وأضاف أنّ المسؤول عن العمل (قاصداً المخرج نجدت أنزور) بالغ كثيراً في سخريته من الله ودينه، سيما عندما اقتطع من كلام الله في قرآنه عنواناً لمسلسله "ما ملكت أيمانكم".


وأضاف البوطي أنّ سوريا تبرأت إلى الله من هذا العمل ومن المسؤول عنه ومن الاعتراف به، ومن بثه. ووجّه الشيخ دعوة إلى القائمين على المحطات الفضائية التي تبث في المحيط العربي، قائلاً: "إن سبيل صرف هذه المصيبة المرعبة، أو إنزالها بلاءً ما حقاً علينا، هو رهن بموقفكم من هذا المسلسل الإجرامي المهلك". علماً أن الفضائية السورية تبث المسلسل يومياً في الفترة الرئيسية في برامجها عند الساعة التاسعة مساءً.


تصريحات البوطي أثارت استياءً كبيراً في الوسط الفني في سوريا. وسرعان ما انتقل الأمر إلى المواقع الإلكترونية والمنتديات الاجتماعية حيث قام العديد من الناس بتسجيل آرائهم حول الموضوع. ووصل الأمر إلى الشتائم من العمل ومخرجه وأبطاله.


وفي رد أولي لنجدت أنزور على كلام البوطي، أصدر بياناً صحافياً مساء أمس تلقت "أنا زهرة" نسخةً منه، وجاء فيه "إنّ مسلسل "ما ملكت أيمانكم" الذي يعرض على الفضائية السورية وقناة "المستقبل" اللبنانية، لا يزدرئ الإسلام أبداً، وليس لديه موقف من المحجبات". وأشار أنزور إلى أنّ السيناريو اعتمد على مذكرات أحد الجهاديين الموثقة مئة في المئة.
وأضاف أنّ الكلام عن استخدام آية في القرآن لتكون عنواناً للمسلسل مردود، إذ لا يوجد أي نص ديني "لا في القرآن الكريم ولا في الحديث الشريف" يمنع استخدام مفردةً أو جملة وردت في القرآن الكريم كعنوان لكتاب أو مؤلف سواء كان مصوراً أو مكتوباً. وأكد بأنّ القرآن الكريم يحوي اللغة العربية كلها في أعظم صورها. ويعتقد أنزور أنّ اعتراض البوطي لا يستند إلى الدين ولا إلى المنطق وقال: "ماذا لو سمّيت أحد مسلسلاتي "التين والزيتون" أو "طور السنين" أو "سبأ" أو "مكة المكرمة"". وأشار إلى أنّه ينطلق في عمله من كونه يحمل ثقافة إسلامية يعتز بها، وأن الإسلام العظيم ليس ملكاً لفرد أو لجماعة، بل هو إرث الأمة الباقي إلى أبد الدهر. وأكمل أنزور بأنّ الاتهام الذي وجهه البوطي إلى المسلسل يدلّ بشكل واضح على الاستهداف الشخصي ومحاولة إستعداء الجمهور سلفاً.


وعما إذا كان لديه موقف من المحجبات، أكد أنزور بأنّه ليس له موقف مسبق منهن، وأن ما يعنيه هو سلوك المرأة وحركتها. وأضاف أنّ لديه صديقات محجبات رائعات ثقافة وسلوكاً وإيماناً ورقياً. وفي المقابل يعرف أخريات لسن كذلك. واعتبر بأنّ هذا الأمر طبيعي وفطري جداً، لكن "غير الطبيعي أن يتم استثمار هذا الأمر لتحقيق مشاريع سياسية، والأهم أنّ العالم العربي أمام لوحة حركية تحوي عشرات، بل مئات الجماعات السياسية الإسلامية الجهادية والدعوية والصوفية، وكل جماعة لها رأي يخالف الآخر".


كما دافع أنزور عن أعماله السابقة التاريخية والمعاصرة. إذ قال إنّه كان حريصاً على إبداء أكبر قدر من التقدير للإسلام ديناً وثقافةً ورجالاً. واستشهد بأعماله كمسلسل "صلاح الدين"، و"فارس بني مروان"، و"سقف العالم" و"الحور العين. وأضاف أن بعضهم لا يفرّق بين الإسلام كدين عظيم متسامح وبين بعض المسلمين الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الدين وهذا لا يحق لهم أصلاً. واعتبر بأنّه كفنان، صوّر رجل الدين في أعماله كالنموذج الأمثل، وقدم آخر يحاول تحقيق مشروعه السياسي عن طريق الدعاوى الدينية في المجتمع الإسلامي.


وختم أنزور حديثه بأنّ سيناريو "ما ملكت أيمانكم" حوّل المذكرات إلى مشاهد، وحذف منها الكثير من القصص القاسية والمؤلمة التي قد تفهم خطأ

.

كما تمنى أن يسمع نقداً موضوعياً. وعما نشر في بعض المواقع الإلكترونية من تكفير له ولأبطال المسلسل، قال أنزور: "إنّه لشيء معيب أن تمتلئ المواقع الإلكترونية لبعض الجهات بالشتائم والاستفزازات. وهذا ليس من أدب الإسلام ولا من أدب الحوار ولا يؤدي إلى أي نتيجة".


يذكر أنّ "ماملكت أيمانكم" يلقى متابعة كبيرة في سوريا، ويروي قصص ثلاث شابات عربيات، ويتحدث عن معاناتهن في مجتمع ذكوري. وتتداخل أحداثه بين الماضي والحاضر والمستقبل. والعمل من تأليف هالة دياب، وبطولة مصطفى الخاني، وسلافة معمار، وديمة قندلفت، ورنا الأبيض وغيرهم.