من المبكر جداً تناول مسلسلات رمضان بالنقد منذ الحلقات الأولى، لكن يمكن التنبؤ ببعض المسلسلات التي قد تحظى باهتمام أكثر من غيرها في ظل الكمّ الهائل من الأعمال التي لم ينل بعضها نصيبه من التسويق كما يجب. فيما البعض الآخر سبقه "صيته". من المسلسلات التي سبقتها التكهنات والجدل قبل بداية عرضها، مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" الذي حكي عن اعتراض الأزهر عليه وعن بعض المشاهد المثيرة، وغيرها من الأمور التي روّجت لهذا العمل الذي قد يكون على غرار مسلسل "عائلة الحاج متولي" مع وجود المؤلف مصطفى محرم والمخرج محمد النقلي.



العمل في حلقاته الأولى لا يبدو مختلفاً عمّا تقدمه الدراما المصرية التي تدور أحداثها في الحارات الشعبية. إذ يتكرر مشهد الشيشية في كل المسلسلات إضافة إلى القهوة والمعلمين والشقيق المتسلّط والأم المشغولة بتقشير البطاطا دائماً. بينما زهرة التي تقوم بدورها غادة عبد الرزاق، هي "سندريلا" الحارة التي تشغل الرجال وتحطّم القلوب بجمالها الآسر. فلا يبقى شاب أو شيخ مسن إلا ويغرم بزهرة فاتنة الحي.

وإذا استطاع المخرج في "الحاج متولي" الاعتماد على نور الشريف باعتباره فتى الشاشة الأولى الذي يستطيع أن يوقع في غرامه أربع نساء، إلا أنّ الأمر لا ينطبق على غادة عبد الرازق التي تظهر في "لوك" لا يناسب الدور، خصوصاً أنّها لم تكن يوماً بطلة مطلقة في السينما، ولا تملك مواصفات جمالية "خارقة" إضافة إلى عمليات التجميل التي أجرتها مؤخراً وأفقدتها "نكهتها الشعبية". وقد بدت أنّها تجاوزت الأربعين في حين يُفترض أن تجسّد في العمل شخصية الفتاة الصغيرة الدلوعة غاية المنى للكبير والصغير والمريض، و"للطيار" باسم ياخور الذي أغرم بها وبجمالها. ما يبدو كأن المسلسل فُصّل خصيصاً لغادة عبد الرازق التي ليست تلك المرأة الفاتنة، وكان الأولى الإستعانة بممثلة أكثر جمالاً وأصغر سناً حتى تبدو مقنعة في دور "ست البنات".



على النقيض من زهرة فاتنة الرجال، تبدو الممثلة هندي صبري في "عايزة أتجوز" مهملة لا يلتفت إليها الرجال وتعاني عقدة "العنوسة" رغم أنها جميلة وصغيرة ومتعلمة لتبدأ رحلتها الرمضانية في استقبال العرسان. وإن كان المسلسل أيضاً أخذ ضجة كبيرة قبل عرضه وحكي عن طرحه لقضية مهمة وشائكة هي "العنوسة"، إلا أنّ حلقاته الأول تبدو مجرد عمل كوميدي خفيف خالٍ من المضمون القوي ويعتمد على خفة ظل هند صبري ونجاحها قبل عامين في مسلسل "بعد الفراق".



وعلى عكس "زهرة وأزواجها الخمسة" و"عايزة أتجوز"، يطل المسلسل السوري "تخت شرقي" الذي يعرض على قناة "أبو ظبي" لمخرجته رشا شربتجي برؤية جديدة وواضحة، وجرأة كبيرة في طرح مشاكل المجتمع من الزواج وعلاقة الحب الشائكة والعادات والتقاليد. كل ذلك ضمن توليفة متماسكة تساير العصر. ويتميز الحوار بالجرأة والقوة. فقد صيغ بطريقة تشبه حياة كل الناس وأكثر قرباً منهم ومن دون تكلف، مع بساطة وتلقائية في أداء الممثلين. العمل كتبته يم مشهدي ويدور حول أربعة شباب كانوا زملاء دراسة، ويختلفون في الطباع والتفكير، إلا أنّهم يلتقون في المصير نفسه. وتشارك في العمل نخبة من نجوم سوريا على رأسهم سلوم حداد، وأمل عرفة، وقصي خولي ومكسيم خليل.



الفرق يبدو واضحاً بين تكلّف وتصنّع غادة عبد الرازق في مسلسل "زهرة" وبين افتعال الكوميديا لدى هند صبري لينساب أداء أبطال مسلسل "تخت شرقي" بواقعية وملامسة أكثر للشارع العربي وليس السوري فقط. مع أنّ المسلسل لم يسبقه أي "تطبيل" و"تزمير" كما حصل مع "عايزة أتجوز" و"زهرة وأزواجها الخمسة". إلا أنّه يكفي أن يكون بتوقيع رشا شربتجي التي قدمت في رمضان الماضي "زمن العار" واستطاعت خرق المجتمع من دون إثارة أي "فرقعة " إعلامية أو منع من قبل جهة دينية كما حصل مع مسلسل غادة عبد الرازق الذي قد يكون مجرد عمل يعتمد على الإثارة من دون مضمون حقيقي. وكذلك الأمر بالنسبة إلى مسلسل "عايزة أتجوز" الذي يشبه مسلسلات "سيت كوم".