يبدو أنّ نجاح وائل جسّار في ألبومه الديني "في حضرة المحبوب" (إنتاج شركة "أرابيكا) الذي طرحه منذ أشهر وحظي بنجاح كبير في مصر، قد أعاد إلى هذا اللون الغنائي مكانته بعد غياب فترة طويلة عن الساحة الفنية، وعدم التفات فناني هذا الزمن إليه. ويبدو أنّ نجاح المغنّي اللبناني جعل شركة "أرابيكا" تقرّر إنتاج ألبوم ديني آخر للفنانة أنغام بعنوان "الحكاية المحمدية".
هذا اللون الذي يلقى رواجاً في مصر أكثر من لبنان وبقية الدول العربية، دفع "أرابيكا" إلى التوجّه بإنتاجها "الديني" إلى الشارع المصري تماشياً مع انتشار المدّ الديني.


ولم يقتصر الأمر على أنغام التي أكّدت بأنّ نجاح جسّار شجعها على تقديم ألبوم ديني. ها هي لطيفة التونسية تدخل على الخطّ، وستسجّل أربع أغنيات دينية خاصة بشهر رمضان، وكذلك محمد عبده الذي سجّل أغنيتين. ويبدو أنّ السبحة ستكرّ كما حصل منذ أكثر من ثلاث سنوات حين شهدت الساحة الفنية انتشار موجة اللون "البلدي" بعدما سيطرت الأغنية المصرية لفترة على ألبومات فناني لبنان. 

 

إذ عاد اللون اللبناني البلدي ليسيطر على الساحة بكل قوة، وطرق بابه كل من يصلح صوته لهذا اللون... ومَن لا يصلح أيضاً. هكذا، شهد اللون البلدي "تعدياً" على الكار بعد نجاح فارس كرم في ألبوم "التنورة" الذي أصدره منذ ثلاث سنوات، وبعده ملحم زين في ألبوم "علواه"... ليتهافت جميع الفنانين على تقديم اللون البلدي الذي تعرّض للإهمال لفترة طويلة لصالح الأغنية المصرية. وشهدت الساحة الفنية الكثير من الأغاني التي يقال عنها "بلدي"، كما عاد إلى الظهور من جديد فنانون انحسرت عنهم الأضواء لتميزهم فقط باللون البلدي، ومنهم محمد اسكندر، ونقولا أسطا وطوني كيوان. وقد أصدر الأخير منذ فترة ألبوماً كاملاً باللون البلدي بعد غيابه فترةً طويلة عن الساحة. فيما عاد نجم محمد اسكندر إلى البزوغ بعد تقديمه أغنية "قولي بيحبني" التي كان يُفترض أن تكون لفارس كرم، لو لم ينشب خلاف بينه وبين الشاعر الغنائي فارس إسكندر ابن محمد إسكندر. فما كان من فارس اسكندر إلا أن أعطاها لوالده، لتشكّل عودته إلى الساحة "ضربة حظ" ليس إلا!


ويبدو أنّ موجة "الأغنية الدينية" هي الأخرى ستطغى على الساحة الفنية التي يقدمها فنانو العالم العربي بحثاً عن جمهور "ملتزم دينياً" لا يستمع إلى أغاني العشق والغرام والوله، في وقت تشهد فيه الأناشيد الدينية لبعض المنشدين رواجاً كبيراً. ولا يُعرف حتى الآن إن كان سيكتب لهذه "المحاولات الدينية" النجاح في مختلف الدول العربية كما حصل مع وائل جسار الذي نجح في مصر فقط، ولم يحظَ في لبنان بالحفاوة ذاتها. والسؤال الذي يطرح: هل يحاول الفنانون بـ "هجومهم" دفعة واحدةً على غناء هذا اللون، منافسة الدراما التي تخطف الأضواء في رمضان، خصوصاً أنّ الجمهور يهملهم طوال الشهر الفضيل؟ وهل أرادوا التواجد في هذا الموسم الذي يكرّس نجومية عدد من الفنانين كما هو معروف؟ أم تبقى محاولة هذه الموجة مجرّد مغازلة "للمؤمنين" في العالم العربي، وكسبهم كجمهور "إضافي"؟ أم تكون هذه الألبومات مقدمة "صحوة دينية" لديهم تصل بهم إلى اعتزال الفن كما حصل مع ياسمين الخيام والفنان محمد ثروت الذي التزم الخط الغنانئي الديني فقط؟


ويبقى السؤال الأهم: هل سيكتب لهذه التجارب النجاح الذي حققه وائل جسار؟ أم أنّ السوق لا يتسع لأكثر من تجربة "دينية" واحدة؟ وهذا يذكّر أيضاً بموجة الغناء للأطفال التي نجحت فيها نانسي عجرم بـ "شخابيطها" فيما فشل غيرها!