لا يخفي المذيع الكويتي بركات الوقيان بأنّ الأزمة الصحية التي تعرض لها منذ أقل من عام، جعلته يعيد خلط أوراقه. فكل أزمة تأتي على صاحبها بنوع جديد من التفكير.
بركات غاب "قسرياً" عن الشاشة بسبب تعرّضه لانزلاق أدّى إلى خلع في كتفه الأيمن، وكسر استلزمته فترة علاج امتدت ثمانية أشهر بين الولايات المتحدة والكويت. وها هو يخص "أنا زهرة" بأول حديث له بعد انتهاء علاجه واستعداده للعودة خلال رمضان عبر برنامج "قرارك". بادر إلى القول: ""كثر خير الله"، ما لمسته من أصدقائي من سؤال دائم عنّي، ومتابعة لحالتي جعلني خلال علاجي هذه أكتشف مدى محبة الناس لي. لم أكن أتصوّر أنّني غالي لدى الجمهور إلى هذه الدرجة. لا يمكنك تخيّل كُم الاتصالات التي كانت تصلني يومياً من البحرين، والسعودية، والإمارات، ولبنان ومصر.. سواء من مسؤولين أو مشاهدين عاديين، عدا صفحتي على "فايسبوك". "يخزي العين" إضافة إلى التفاعل الكبير عند تناقل وسائل الإعلام لأخباري. والاستقبال الذي أقيم لي في المطار كان كبيراً. والفضل يعود إلى الله وإلى المحطة التي أعمل فيها وهي "الوطن" التي وقفت إلى جانبي. وهذه نقطة مهمة، فقد وقفت إلى جانبي منذ بداية الأزمة حتى الآن، وتهتم ببركات وتسويق بركات وجعلي في مكان أفضل وأفضل.

 

"كاريزما" خاصة
بركات الغائب عن الساحة الإعلامية يبدي حماسةً كبيرةً للعودة إلى العمل. يقول:
"تعرّضي لهذا الحادث جعلني أغيب عن الساحة لفترة، لكن الحمد لله، مَنّ الله علي بالصحة والعافية، وها قد عدت من جديد، وأحضّر لبرنامج مسابقات بعنوان "قرارك" سيعرض في رمضان على "شاشة الوطن"".
ويضيف: "ما يثلج الصدر أنّني حصلت على لقب أفضل مذيع في الكويت في مهرجان "ليالي فبراير" في الفترة الماضية. وعلى رغم غيابي للعلاج، صوّت لي 45 ألف مشاهد. والآتي بعد فترة غيابي مهم جداً. البرنامج جديد و"الفورمات" جديدة يضم جوائز قيمة".
وفي سؤال لـ "أنا زهرة" عن اختلاف برنامجه عن بقية برامج المسابقات، اعتبر بركات بأنّ كل برامج المسابقات تتشابه وتعتمد على اتصالات المشاهدين، لكن الاختلاف يكون في "كاريزما" مقدّم البرنامج وطريقته في شد انتباه المشاهد. وعما إذا كان يقصد أنّه هو الذي يشد المشاهد، قال إنّه يتمنى أن يكون الوقيان مَن يشد المشاهدين.


وأضاف:" خلال فترة غيابي، سافرت إلى أميركا للعلاج لمدة أربعة أشهر حيث استغليت وجودي هناك للإطلاع على الجديد وتطوير نفسي. واطلعت على عالم جديد ومختلف في عالم الإعلام. شاهدت كيف يعملون، وكيف يقدّمون برامج وحملت معي المعلومات، وقيمة المشاهد، وما تقدّم له وما يتبقى للمشاهد من المذيع حتى يبقى يذكرك. أتمنى أن يبقى البرنامج الجديد في ذهن المشاهد كما برامجي السابقة "في ضيافتهم"، و"المزاد" و"حياكم" الذي عرض في السابق. لكن الغريب أنّ هذا البرنامج حصل على نسبة مشاهدة أعلى عندما أعيد بثه خلال فترة غيابي. فقد ارتات محطة "الوطن" ألا أغيب عن شاشتها خلال علاجي، فعرضت البرنامج الذي جلب معلنين ومشاهدين أكثر من السابق.
وعما إذا كان شاهد برنامج المذيعة السعودية غادة مصللي "حياكم" على قناة "الآن" ويحمل اسم برنامجه السابق، أجاب بأنّه ليست لديه فكرة عن البرنامج. وأضاف: "تشابه الأسماء لا يعني تشابه الأفكار".

 

حنين
بركات الذي اختار شاشة "الوطن" ليطل منها بعد تألقه على شاشة "روتانا خليجية" رغم أنّها كانت قناة جديدةً وغير معروفة، نفى أن يكون أعطى لـ "الوطن" أكثر مما أعطته. وقال: "نحن الاثنين أعطينا بعضاً، بغض النظر عن الأمور المادية. هم هيأوا لي المناخ المناسب للنجاح. فالنجاح لا يكون مادياً فقط، بل يكون في صنع القرار. وعندما يكون القرار جماعياً ولا يوجد استبداد بالقرار ومركزية، يحصل النجاح. هم لم يفرضوا عليّ يوماً أي برنامج. وكلما دخلنا في موسم جديد، كانوا يستمعون إلى اقتراحاتي، و90% من الأفكار التي قدّمتها هي أفكاري".


وعلى رغم المكانة التي يحظى بها الوقيان في محطة "الوطن"، إلا أنّه لا يخفي حنينه إلى الفضائيات العربية، ويكشف بأنّه لا يريد أن يبقى نجماً محلياً، بل أن يقدم شيئاً إلى المشاهد العربي كما فعل في السابق. إذ قال: "ما قدمته في فترة سابقة جعلني في ذاكرة المشاهد العربي وذهنه. لقد قدّمت الشيء الصح. أم كلثوم حتى الآن لم تغب، ولديّ حنين أن أقدم شيئاً للمشاهد العربي".
وعما إذا كان لديه حنين أيضاً إلى "روتانا"، أجاب: "أنا تشرّفت بالعمل مع "روتانا". وللأمانة، "روتانا" قدّمت لي، ولا أنكر ذلك، وأنا قّدمت لها في وقت كانت تحتاج إلى أحد، خصوصاً عند انطلاق "روتانا خليجية". تعاونا معاً".
وعن الحنين إلى بيروت، قال: "بيروت مرحلة لا تنسى في حياتي. والدليل أنّي حتى الآن، أشعر بأنّه ينقصني شيء إذا مرّت فترة طويلة ولم أزر خلالها بيروت. يربطني ود كبير بالشعب اللبناني، وأصدقائي الذين كانوا معي في الأيام الجميلة والسيئة. بيروت جزء من حياتي لا أستطيع أن أنكره".

 

ورقة الوطن الرابحة
وعما إذا كانت "روتانا" قدّرته كما فعلت "الوطن" التي يشيد بها دائماً، أجاب: "عملي قدّرني في "الوطن" وغيرها. لكن عندما أتكلّم عن "الوطن"، أتكلّم على صعيد شخصي. لقد وقفوا إلى جانبي خلال فترة العلاج. ودعيني أبوح لك بأمر: خلال فترة علاجي التي استغرقت ثمانية أشهر، قضيت أربعة منها في الكويت، وأربعة في أميركا، كان راتبي ساري المفعول مع السؤال الدائم عني".
وعن كونه الورقة الرابحة لـ "الوطن"، تمنّى الوقيان أن يكون كذلك وقال: "يسعدني أن أكون الورقة الرابحة للمحطة. وبالمناسبة، فإنّ "الوطن" تسير بخطوات ثابتة إلى الأمام، وترسّخ وجودها بين المحطات الخليجية. يكفي أنّها لا تعاني من مشاكل، وتهتم بالنوعية والكمية، والدليل أنّها الآن الراعي لمهرجان "صلالة" في عمان، وفازت في مهرجان "ليالي فبراير" وهي تسعى حالياً إلى المهرجانات الأخرى.

 

محظوظ ومحسود
يؤكد الوقيان بأنّه كان محظوظاً لدى دخوله المجال الإعلامي، لكنّ الحظ لا يكفي بل تلزمه المتابعة والمجهود. ولا يخفي أيضاً بأنّه بقدر ما هو محظوظ، فهو محسود أيضاً، ويقول "حدث ولا حرج".
وعن توجهه دائماً إلى الدراسات والبحوث العلمية حيث يقوم حالياً ببحث عن المحطات الكويتية وأبرز ما فيها وستكون دراسة ميدانية، يقول إنّه يفعل ذلك لأنّ العلم نور ويتساءل: "ما فائدة المذيع من دون علم وثقافة!" ويبدو جوابه حاسماً حين قلنا له إنّ الكثير من البرامج الحالية لا تتطلّب الثقافة والعلم من المقدّم، إذ ردّ جازماً: "ما بني على باطل فهو باطل. ومن أساسيات المذيع الناجح أن يكون مثقفاً".
ويؤكد بأنّه غير مطمئن على الإعلام العربي لأن وضعه مخيف، ويتمنى ألا ينجر إلى مزيد من الانحدار، لأنّ "لا أحد يهتم بالثقافة، بل الكلّ يركز على الشهرة والشكل والدلع والمال".


ورداً على "أنا زهرة" بأنّ شكله ساعده أيضاً في المجال الإعلامي، وأنّ الشكل والدلع مطلب لدى الفضائيات، أجاب: ""ما اختلفنا شكلي ساعدني" لكنّه ليس أساسياً. لو كان هو الأساس، لما وُجد على الساحة عماد الدين أديب. هو نجم". وأضاف: "هل تتوقعين بأن يكون عمر الشكل أطول من الثقافة والعلم؟".
بركات يرفض أن يكون شكله جواز عبوره إلى المشاهد وأن تقتصر برامج المنوّعات على الشكل الجميل. يقول: "لو كانت هذه النظرية صحيحة، لكان تأثر "جيبرتي" أشهر مقدم برنامج مسابقات في أميركا منذ ثلاثين سنة".
وعندما قلنا له إنّ ذلك يحدث في أميركا وليس في العالم العربي، قال: "الإنسان الطموح لا ينظر إلى خطواته فقط، بل أيضاً إلى المدى البعيد. لا أعتقد بأنّ الشكل سيؤثر، طالما أنا محبوب ومؤثر في الناس. أنا أبني أجيالاً، ومن كان يتابعني في برامجي السابقة كان يبلغ سبع سنوات، وصار اليوم في الـ 22 من عمره، ولا يزال يتابعني" ويضيف ممازحاً: "هنا انفضح عمري". ثم يكمل: "إذا كنت محبوباً وناجحاً، فالجمهور يتبعك أينما كنت".
وعما إذا كان جمهور "روتانا" تبعه إلى "الوطن"، قال "يتبع المادة التي أقدّمها والدليل أنّي لا أقدّم سوى البرنامج الذي أجد نفسي فيه. ولديّ القدرة على التلوّن والتكيّف. مع برنامج المنوعات، أكون منوعاتي. ومع برامج المسابقات، تكون لي شخصية خاصة بالمسابقات. وكذلك على المسرح في المهرجانات. وهذه قدرة لا تتوافر لدى الكل.

 

لا أعرف شيرين عبد الوهاب
لا ينكر بركات بأنّه يهتم بمحاورة النجوم والفنانين، وتهمّه كثيراً الشريحة الجماهيرية التي تتابع الفنان، لأنّه لو لم يكن لدى الفنان شيء، لما كان لديه هذا الجمهور. ولا ينفي بأنّه يرغب في إرضاء الجمهور عند محاورته النجوم، إضافة إلى قناعته بذلك، فهو يجمع في عمله بين المتعة والعمل. وحتى لو كان الفنان "مخه فاضي" واكتشف ذلك خلال المقابلة، يكون كشفه للجمهور أيضاً".
بركات التي لم يسبق أن التقى بالفنانة شيرين عبد الوهاب، هاجمته هذه الأخيرة في إحدى المجلات، ووصفته بـ "بائع كفتة". ويعود السبب ـ كما صرّح بركات ـ إلى أنّ بعضهم أراد الاصطياد في الماء العكر، والحصول على "سكوب" صحافي عبر تصريحات شيرين، إذ إنّه لم ينقل لها حقيقة ما حصل. فخلال مشاركة شيرين في مهرجان "ليالي فبراير" الذي كانت تنقله شاشة "الوطن" وكان بركات يقدّم برنامجاً مباشراً خاصاً بالمهرجان، حصل تغيير في موعد ظهور شيرين على المسرح لتحلّ مكان الجسمي، وكان يريد ملء الوقت على الهواء، فراح يقول: "نحن في انتظار شيرين". ولم يقل إنّ شيرين تأخرت، لكنّ بعضهم أوصل لها كلاماً غير صحيح. وأضاف: "أنا لا أعرف شيرين شخصياً، ولكن أحب صوتها وأغنياتها".

 

أول كويتي يدرس في جامعة عين شمس
بركات الذي يفضّل دوماً أن يكون عمله مبنياً على العلم والثقافة يحضّر حالياً لإصدار كتاب جديد يتناول فن الإتصال وفن الإلقاء، وسيصدر في القاهرة. وعن ذلك يقول: "الكتاب علمي منهجي عن فن الإتصال والإلقاء. كما تعرفين، فأنا مدرِّب معتمد للمهارات الفردية وفن الإتصال والإلقاء. وأعطي محاضرات ودورات في الكويت في هذه الفنون. وأحببتُ أن أدعم هذا الشيء بكتاب أساسه نظرية علمية وسيرى النور قريباً".
ونفى أن يكون إصداره هذا الكتاب نوعاً من "البرستيج" كما يفعل عادة بعض المذيعين: "لوكان يهمني "البرستيج"، لكنتُ أصدرتُ هذا الكتاب منذ وقت طويل، ولدي الخبرة والمقدرة. وكنت فعلت ذلك منذ أن كنتُ صحافياً وليس الآن. لكن أنا أريد شيئاً يكون ذا فائدة. عندما يكون لدي ضعف في فن الإلقاء، وأقرأ هذا الكتاب، وأتعلّم منه كيف أتعامل مع الناس، وكيف أطوّر طريقة كلامي، فهذا ما يهمني اكثر من أن يكون لدي كتاب أروي فيه تجربتي. وبالمناسبة، أحاول أن أخلط بين المنهج العلمي والخبرة التي أملكها".


أما عن فكرة إصدار كتاب يتناول تجربته في الإعلام، فأكّد بأنّ الفكرة تراوده. لكنّه يرى أنّ تجارب الإنسان في الحياة لا تنتهي. وأضاف: "صعب جداً أن أروي تجربتي وهي حتى الآن لم تنتهِ. لكن يمكن أن أكتب عن تجارب مررتُ بها، ولدي فكرة إصدار كتاب أضمّنه أمثالاً أجنبية وعربية، وأجري إسقاطاً على تجاربي مع تطابقها مع الأمثال".
الوقيان يعتبر أول كويتي يحاضر في جامعة "عين شمس" المصرية حيث يحضر للدراسات العليا هناك، والدكتور المشرف على رسالته رشّحه للتدريس في قسم الإعلام في الجامعة وهي ثاني أعرق جامعة في القاهرة. كما يحضر لبرنامج حواري سيعرض بعد رمضان.