لا يمكن أن تخلو الأعمال الفنية في العالم من الكومبارس، سواء الصامت الذى يظهر سائراً أو جالساً في مشهد، أو المتكلم الذي لا يتعدى ظهوره مشهداً أو اثنين في الفيلم كله. لا يمكن تصوير مشهد معركة من دون كومبارس، أو مشهد في مقهى في حارة شعبية، يضم البطل وصديقته فقط. فالمهنة في حد ذاتها عنصر مهم في العمل الفني، ومع ذلك هي واحدة من أصعب المهن على الاطلاق وأقساها على العاملين فيها في مصر. إذ لا تتوافر لأغلب العاملين بها الأجور الكافية، ولا المعاملة الكريمة من قبل صناع السينما الذين ينظرون إلى الكومبارس باعتباره يأتي في مرتبة متأخرة من حيث الأهمية.
وهو الوضع الذي حاول العاملون في الكومبارس تغييره مراراً وتكراراً حتى جاءت ثورتهم الأخيرة على الأوضاع المتدنية لمهنتهم، بعد تعرض فتاة منهم لحادث بشع تسبب في اندلاع "الثورة".


والفتاة كانت تعمل ضمن فريق عمل مسلسل "بيت الباشا" الذي يقوم ببطولته صلاح السعدني. وأثناء عودتها إلى منزلها بعد انتهائها من التصوير في وقت متأخر من الليل، تعرّضت للاغتصاب والقتل.
الأمر دفع الكومبارسات إلى التجمع من جديد مهددين بالتوقف عن العمل فى حال عدم تنفيذ مطالبهم وحقوقهم، وإستطاع الريجيسير إبراهيم عمران أن يجمع 1000 توقيع على مذكرة تحمل مطالب الكومبارس، وأهمها إنشاء رابطة تضم الكومبارس، أو إنشاء شعبة جديدة داخل نقابة المهن التمثيلية تضمهم. وقرر إبراهيم مع عدد من الكومبارس القيام بوقفة احتجاجية أمام نادي المهن التمثيلية ليعرف الجميع مطالبهم، على أن تبدأ الوقفة بدقيقة حداد على روح الفتاة المتوفاة، ثم رفع لافتات تحمل شعار "أصحوا يا عالم... أصحوا يا ناس... عايزين حقوقنا زي الناس".


من جهته، أعلن نقيب الممثلين أشرف زكي تضامنه معهم في مداخلة تلفونية على برنامج "العاشرة مساء". ووعد بالبحث فى المشكلة، وأعلن تعاطفه مع مطالب الكومبارسات لكنّه أبدى تحفّظه، مؤكداً بأنّ القانون لا يسمح بإنشاء شعبة فى النقابة تضم الكومبارس. لذلك طلب مهلة حتى بعد عيد الفطر المقبل كي يتسنّى له بحث المشكلة مع وزيرة الشؤون الاجتماعية عائشة عبد الهادي، ورئيس إتحاد المهن الفنية ممدوح الليثي، وتسهيل إنشاء رابطة أو جمعية تضم الكومبارس وتنظم عملهم. ما دفع إبراهيم عمران منسق الوقفة إلى التراجع وإلغاء الوقفة التي كانت مقررة الأسبوع الماضي حتى يتيح لأشرف زكي العمل على حلّ المشكلة من دون ضغوط.


الرابطة أو الجمعية لها مطالب رئيسية لعاملي الكومبارس الذين يعانون من مشاكل عدة، أبسطها الدخلاء على المهنة. إذ كشف إبراهيم عمران لموقع "أنا زهرة" إنّ الإنتاج يستعين أحياناً بمجاميع من خارج المهنة، لمجرد أنّ لديهم ملابس رسمية يمكنهم ارتداءها في المشهد. كما تحدث عمران عن ساعات العمل الطويلة، وقلة الأجور التي تبدأ بـ 40 جنيهاً للكومبارس الصامت. إذ يتقاضى الريجيسير من الإنتاج مبلغ 50 جنيهاً، ويقوم بخصم مبلغ 10 جنيهات من الكومبارس كعمولة. أما الكومبارس المتكلم، فيبدأ أجره من 60 إلى 75 جنيهاً بعد خصم عمولة الريجيسير. أما الفتيات والسيدات فتبدأ أجورهن من 150 جنيهاً. وتحدث عمران أيضاً عن ارتفاع أجور الفتيات والسيدات مقارنة بأجور الرجال، وفسّر الأمر بأن السيدات يتحملن شراء الاكسسوار الخاصة بهنّ. وأضاف أن ساعات العمل قد تصل في بعض الأحيان إلى 18 ساعة يومياً من دون أي زيادة فى الأجر. كذلك، أشار إلى عدم احترام فريق العمل للكومبارس,، والنظر اليهم بنظرة دونية حتى أنه "أحياناً بسبب ضغط العمل، قد لا يستطيع أفراد مجاميع الكومبارس الحصول على استراحة للأكل أو الشرب، أو العثور على مظلة تحميهم من الشمس فى حين أنّ نجوم العمل يحصلون على الملايين، ويجلسون في "كرفانات" مكيّفة تحتوي على وسائل ترفيهية داخلها. أما وسائل التنقّل، فيقول عنها كبير الكومبارسات أنها غير متوافرة بينما تظل المشكلة الأهم غياب تأمين اجتماعي أو صحي للعاملين.


الحوادث والأخطار التى يواجهها الكومبارس عديدة تبدأ من الإصابة بضربات الشمس التي تنتج من طول مدد التصوير، وصولاً إلى الحوادث التي تتسبب في مقتل البعض، مثل فتاة الكومبارس التي انتهت من تصوير مشهد في فيلم "ظاظا" بطوة هاني رمزي. وبسبب عدم توافر وسيلة مواصلات، اضطرت لعبور الطريق السريع لتستقل أي سيارة، فصدمتها إحدى السيارات وتوفيت. وهناك أيضا أحد أفراد الكومبارس الذى انتهى من التصوير ولم يجد وسيلة مواصلات تنقله إلى منزله، فاضطر للتنقل في مقطورة سيارة نقل. وحين توقف سائقها على الطريق فجأة، فاختل توازن الكومبارس وسقط تحت عجلات السيارة، وتوفي فى الحال وهو يعيل سبعة أطفال. كلها مشاكل تواجه العاملين في هذه المهنة رغم أنّها إحدى أهم المهن السينمائية، وتُعد في كثير من الأحيان مدخلاً إلى الشهرة والنجومية. ويكفي أن نذكر أنّ عدداً كبيراً من نجوم السينما المصرية بدأوا مشوارهم الفني ككومبارس، منهم فريد شوقي، ورشدي أباظة، واسماعيل ياسين، وغيرهم. لماذا إذاً يتم التقليل من شأن مهنة أعطت ـ وما زالت ـ الكثير للسينما المصرية خاصة، وللسينما في العالم بشكل عام.