يعيش اللبنانيون هدنةً قصيرةً تسبق بداية شهر رمضان، في حين أنّ الحر الشديد الذي سيطر على المنطقة هو الحكم الأول في لعبة السياحة لموسم العام 2010. هذا التسابق، وانتظار رمضان، والحر، عوامل أربكت حركة المصطافين والسّياح العرب الذين فضلوا قضاء الصيف هذا العام في أوروبا. ما أثّر سلباً في حفلات لبنان، بسبب تداخلها مع أجندة عنكبوتية، فرسمت مزيداً من علامات الاستفهام حول: لمن يغني النجوم في الصيف؟ ومن يفوز بالجمهور ويحصد التصفيق، يكون الرابح الأكبر في دورة أخرى من المعارك الفنية التي أوجدت هذا العام أساليب خاصة. فكان أن اجتمع نجوم الصف الأول اللبناني في حفلة واحدة وهذا مستغرب عن السنوات الماضية، ووضعت الأسماء في اللحظات الأخيرة لكسب إسم فلان أمام فلان، والعكس صحيح.
مع تلبّد الأجواء المرافقة لليالي السهر اللبناني القائم على كرم السائح الخليجي، تبدو مدينة عاليه اللبنانية خاليةً عند الثانية فجراً، مع انتهاء الوصلات الغنائية باستثناء بعض المطاعم التي تشوبها حركة خجولة. وهذا مستغرب في عز الموسم السياحي، بينما يقول الكل بأنّ الناس ملّوا السهر، ولو أرادوا ذلك، لفضّلوا سهرةً خفيفةً.


هذه الحالة أحرجت النجوم الكبار، لكن بعض المتعهدين يكابرون على خططهم الغنائية و"التركيبة" الخاصة. حتى أنّ مطعم "قصر النجوم" في عاليه التابع للمخرج سيمون أسمر بدا أول من أمس مقفلاً بعد الواحدة فجراً. ربما يقول متابع إنّ السبت سيكون أفضل حالاً بالنسبة إلى السهرات و"قصر النجوم". فيما يؤكد آخر على أنّ نجم سيمون أسمر "صانع النجوم" قد أفل في تنظيم السهرات بعد سنوات من العمل المضني. إذ استقطبت شركات الانتاج وبعض المتعهدين اللبنانيين أسماء النجوم، ليدخلوا معاً في لعبة واحدة تبدأ بتأكيد البقاء للأقوى في عصر الانترنت و"داون لود" الأغنية.
نجوى كرم وفارس كرم أنقذا الحالة بالحضور الجماهيري، والتواجد بخطط عملية للبقاء صامدين أمام وفرة المهرجانات والحفلات. نجوى أصدرت أغنية "بالروح بالدم " لتبقى أمام جمهورها متجددةً وواثقةً، ولو بأغنية جديدة تهديها إلى جمهورها كما اعتادت بداية الصيف. ولا يهم خلافها أو تجديد عقدها مع "روتانا". بينما حمل فارس كرم سلاح الغناء الشعبي ودخل الساحة بعد غياب عن الإصدارات الجديدة ولوأنّه يعيش قلقاً عابراً، لكنه يدرك أصول اللعبة. في مدينة "بحمدون" السياحية التي تكتظ بالكويتيين والعرب، حضر أول من أمس ما يزيد عن ألف شخص لرؤية فارس كرم والاستماع إلى أغنياته. وكانت الحفلة مثقلةً بالمعجبات اللواتي تهافتن لالتقاط صور مع كرم. سعر بطاقة الدخول التي تشمل العشاء أيضاً، قارب 150 دولاراً للشخص الواحد. ويقول أحد مساعدي فارس بأنّ الحفلة ربحت.


استمر فارس ساعةً ونصف الساعة في الغناء على المسرح مع فرقة موسيقية تلتزم بالوقت المحدد لها. وفي الثانية والنصف فجراً، خرج الجميع كأن شيئاً لم يكن.
في المقلب الآخر، كانت الحجوزات في الليلة نفسها لحفلة وائل كفوري وإليسا خجولةً. لكن ميشال حايك راعي أخطبوط حفلات "روتانا" ومنقذها، قام بما يمكن إنقاذه وكسب جولة ولو خجولة في تقديم بطاقات الحفلة "عزائم" مجانية للأصدقاء والأحباب.
في اليوم نفسه وعلى مقربة من حفلة إليسا ووائل كفوري، كان المغني السعودي رابح صقر يعاني هو الآخر من قلّة الحجوزات. لكن كل شيء بدا أفضل بفعل حكمة ودراية الحايك لعمله في اللحظات الأخيرة، فتكثّفت "العزايم" المجانية.
أما ملحم زين، فغنى هو الآخر في منتجع "الجنة" في منطقة الجية في جنوب لبنان، ضمن حفلة خجولة عكّرها إشكال أمني وقع قبل انتهاء وصلة ملحم. لكن القوى الأمنية اللبنانية تداركت الأمر. ملحم زين المقلّ في أغنياته بعد أغنية منفردة وألبوم واحد، أمضى سنتين يعوّل على صوته القوي لا على حضوره.


هذه الصورة القاتمة لحفلات الصيف، جعلت المتعهد ميشال حايك يفكّر في جمع نجوم كبار ضمن حفلة واحدة مثل نجوى كرم، وعاصي الحلاني وجورج وسوف. لكنّ أرباح الحفلة المشتركة كانت متواضعةً، في حين أنه أقام حفلة جديدة تجمع بين عاصي الحلاني، وجورج وسوف وأيمن زبيب وهذا يعتبر تحدياً، خصوصاً أنّ اللون الغنائي للحلاني مشابه للون أيمن زبيب. ويبقى السؤال الحقيقي: كم ستكون كلفة البطاقة لهذه الحفلة؟ وهل في استطاعة الجميع حضورها خصوصاً الذين حضروا قبلاً حفلات الوسوف والحلاني؟
من جهة أخرى، تقام حفلة محمد عبده في التاسع والعشرين من الشهر الجاري في فندق "فينيسيا" في بيروت، ربما تأتي بالجديد لأنّها الأولى والأخيرة لـ "فنان العرب" هذا الموسم. وربما سيحاول اسم محمد عبده الكبير حثّ السعوديين والعرب على الحضور لمكانته الفنية وغيابه شهوراً عن بيروت. وربما تريد "روتانا" والحايك تعويض جزء من خسارة باقي حفلات الصيف بحفلة عبده التي تتقاطع فيها الأسعار بين 800 دولار وألف دولار أميركي.
والأهم أنّ حفلات بعض الفنانين مثل فارس كرم، ونجوى كرم وفضل شاكر لا تأتي كلها بقرار من شركة "روتانا". على العكس، هناك إدارة أعمال تنسِّق مع الشركة السعودية للخروج بالحفلات.


يوم السبت 24 الحالي، غنّت نجوى كرم في إستراحة صور في جنوب لبنان، وحصدت نجاحاً كبيراً أمام المغتربين الذين جاؤوا لسماع صوت لبناني لطالما اشتاقوا إليه. المغنية اللبنانية تعرف كيف تمسك دفة الحفلة بصوتها وأدائها. وقد غنّت لساعتين في حفلة تعهّدها مدير أعمالها، وكسبت جولةً. أما فضل شاكر الغائب عن حفلات الصيف بسبب مشاكله مع "روتانا"، فسيغني في أمسية واحدة من تنظيم متعهد واحد رضي بأن يتولى حفلاته مذ نحو عام، وهو عماد قانصو الذي يرى بأنّ هيفا وفضل شاكر معاً هما "كارت" رابح لحفلات الصيف، ويعوّل عليهما الكثير لجهة الوقت وحضور الناس.
هذه الاشكالية الخاصة بحفلات الصيف تؤكد أخطاء بعضهم في سوء إدارة الحفلات وتنظيمها بل حتى تخطيطها.
صيف حار دفع بعض المطربين الخليجيين الموجودين في بيروت إلى القول بأنّ أوروبا التي ذهب إليها كثير من العرب هذا الموسم، هي الرابح الأكبر في الجولة الصيفية.