ريما كيروز

تجد المرأة في مساحيق التجميل فرصة لها، تبرز من خلالها خطوط الجمال في وجهها، وتصحح شوائبه. في المقابل، ينظر إليها الرجل موافقاً حيناً على صورتها المجملة بقناع التبرج، ورافضاً في حين آخر إقدامها على استخدام أدوات تطمس معالم وجهها الطبيعية، وتحول إلى صورة لا تشبه الأصل. وبين مشجع للمرأة التي تضع مساحيق التجميل، وآخر رافض ومستنكر، تبرز قناعة ملونة من رجل إلى آخر، يكاد لونها يطابق الألوان التي تستخدمها المرأة في التبرج، بعضها مضيء وبراق، وبعضها قاتم. هذه القناعة الملونة، هي بمثابة آراء اعترف بها الرجال في هذا التحقيق، مبينين أسبابهم ورؤيتهم الحقيقيّة تجاه الموضوع.

 

أين زوجتي؟

يجلس طاهر في غرفة الجلوس منتظراً، ينظر إلى ساعته ويتمتم: «لقد تأخرنا كالعادة». يحاول أن يلهي نفسه بشيء، تمتد يده إلى جهاز التحكم في التلفاز، لا يجد مفراً من ثقل انتظاره إلاّ بتقليب المحطات. يشاهدها تتغير بسرعة وكأنه يلعب «الأتاري»، ويعرف تماماً أنه لا يرغب في مشاهدة برنامج معين، وعليه أن يلحق موعده مع قريبه الذي دعاه إلى العشاء. يتذكّر أنه مدعو مع زوجته، يفيق فجأة من شروده، يصيح: «أين أنت يا امرأة؟ لقد تأخرنا.. تأخرنا كثيراً». يسمع صوتها يجيبه بهدوء يزعجه: «كدت أنتهي».
ما هي إلاّ لحظات حتى تظهر أمامه، بكامل أناقتها. تلفه رائحة عطرها من كل صوب، ولكنها لا تشتت انتباهه عن وجهها. يصيح من جديد: «يا إلهي ما الذي فعلته بوجهك؟ وأين هي زوجتي»؟ ترد عليه بغنج: «كفاك سخرية، واعترف بأن ماكياجي يعجبك». يسكت، يفكّر، يقرر أن يتابع السكوت العلني، ولكنه يبوح لنفسه بقهر: «كيف أفهمها أنها تشوّه وجهها بهذه المساحيق؟ كيف أجعلها تقرأ اشمئزازي من وجهها المقنّع بألوان أكرهها؟ هل ستفهم يوماً أنني أحبها على طبيعتها، وأحب وجهها الأبيض الخالي من أي إضافات تجميلية؟». تتأبط ذراعه، فيفيق، ينظر إليها بطرف عينه ويعاتبها: «أرغب في عودة زوجتي الحقيقيّة».

 

ساحرة

«فلتتبرج المرأة كيفما شاءت، شرط ألا تظهر أمامي مثل ساحرة شريرة». تعليق يصدر عن فم بارع القطبي (مزين شعر متزوج منذ ثلاثة أشهر)، ويتبعه باعتراف آخر: «كثيراً ما أصفف الشعر لفتيات يضعن مساحيق التجميل بشكل مخيف. صدقوني أخاف أحياناً من النظر في وجوههن، لأني أرى في نظراتهن الشرر يتطاير وكأنهن مستعدات للأذية». يبوح بارع بتردد: «لو كان في إمكاني طردهن من الصالون لما تأخرت لحظة، للأسف لا أستطيع، على الرغم من أنني أتشاءم من وجودهن في مكان رزقي». ينظر بارع في المرآة المواجهة له، ويكمل كلامه وكأنه يخاطب نفسه: «أذنت لنفسي بإبداء الرأي في بعض المرات وكانت النتيجة وخيمة. لم يتقبل بعضهن ملاحظاتي وعزفن عن المجيء إلى صالوني، فقررت السكوت لكي لا أجني على نفسي». يشيح بارع بنظره عن المرآة، ويتابع: «أنا متزوج بأجنبية وهي لا تضع الماكياج بتاتاً. لا أخفي عليكم أن سعادتي بهذا الواقع لا توصف، لأنها لو كانت عكس ذلك، لا أعرف كيف كنت سأتصرف».

 

تنين مخيف

ولأن الناس أذواق، يجاهر عبدالله البلوشي (إداري) بالقول: «صحيح أنني أفضل المرأة التي لا تضع مساحيق التجميل، ولكني في أحيان كثيرة أوافق على أن تضع القليل منها، شرط أن تضيف إلى جمالها». أما أكثر ما يزعج عبدالله في ماكياج المرأة، فيعلنه ساخراً وهو يقول: «من النساء من تكحل عينيها بلون أسود قاتم، فتظهر وكأنها تنين مخيف خارج للتوّ من البحر، ليحرق بشرارعينيه أحدهم». يبدو عبدالله جاداً من جديد وهو يضيف: «أتمنى أن أقترن في المستقبل بفتاة لا تحب التبرج كثيراً، حتى لا تدفعني إلى توجيه ملاحظة إليها في هذا المجال، علماً أنني أعرف مدى ارتباط المرأة بالماكياج، استناداً إلى خبرتي مع أخواتي اللاتي يعشقن مستحضرات التجميل». «المرأة العربية في الإجمال، ميالة بشكل ملحوظ إلى التجميل، لكي تلفت الانتباه إلى جمالها»، يقول عبدالله ويتابع: «أنا لا أقول إن هذا ليس من حقها، ولكنني لا أقبله في الأماكن العامة وفي جميع الأوقات. أفضل أن تقوم به في الأعياد والمناسبات الخاصة مثل حفلات الزفاف وما شابهها».

 

مجنونة

في الجهّة المقابلة، لا ينكر هاني عبدالرسول (موظف متزوج منذ اثنتي عشرة سنة ولديه ولدان) أنه يحب المرأة بالماكياج ومن دونه، مفضلاً «أن تبقي على جمالها الطبيعي في كل الأحوال». ويقول: «في الغالب لا أتدخل في طريقة تبرج زوجتي، لأنها لا تبالغ فيه. ربما لأنها تعرف جيداً أنني معجب بجمالها الطبيعي. كما أنها والحق يقال، لا تبذر المال الكثير على شراء مستحضرات التجميل، مثلما تفعل نساء كثيرات نسمع عنهن».
ويشدد هاني على أنه يرفض قطعاً «أن تستخدم زوجتي الأحمر القاني، وتبرز شفتيها وكأنها غليظة وثقيلة، تحركهما بصعوبة». يضيف: «لا أخفي عليكم أنني أنتقد أمامها كل من أراها تضع أحمر الشفاه بهذه الطريقة البشعة، كاشفاً لها أنني أتخيل فم هذه المرأة، وكأنه يعود لساحرة أو لمجنونة هاربة من مصح عقلي».

 

متحف الشمع

على درب المنتقدين يسير أشرف توفيق(مترجم متزوج منذ سبعة أعوام ولديه بنت وحيدة) بحيث يبدو محتفظاً بانتقاده على رأس لسانه، وكأنه ينتظرنا منذ زمن بعيد، لنطرح عليه السؤال فينطق به معلقاً: «تستفزني المرأة التي تدهن وجهها بطبقة سميكة من كريم الأساس، فتبدو للناظرين إليها وكأنها شخصية من شخصيات متحف الشمع». يسترسل أشرف في الضحك وهو يتابع تهكّمه قائلاً: «قد يكون مكان تلك المرأة المتبرجة بهذه الطريقة، متحف الشمع وليس الأماكن العامة التي تجمعها بالناس الطبيعيين. علماً بأني لا أكره التبرج مطلقاً بل أحبه كثيراً، لاسيما حين تلجأ إليه المرأة لتبرز جمالاً معيناً في وجهها». استناداً إلى نظرته هذه، يقرّ أشرف بأنه يشجع زوجته على شراء مستحضرات التجميل من وقت إلى آخر، ويقول: «ليس من عادة زوجتي أن تفرط في استعمال هذه المساحيق، لأنها جميلة في الأساس وثقتها بنفسها عالية، ولا تحتاج إلى مكمل لتبرز جمال شخصيتها».
«لو كانت زوجتي مسرفة في شراء المستحضرات»، يصرح مبتسماً: «ما كنت لأحاسبها على تبذيرها المال، بسبب شراء ما ترغب فيه من مستحضرات، إنما كنت سأحاسبها على إفراطها في استخدامها على وجهها».

 

فنانات وراقصات

لا يتردد عبدالرحمن أبوالنجا (إداري) في الاعتراف بأن «السيدة التي تستخدم الماكياج باعتدال، وتحافظ على الصورة التي خلقها الله بها، دائماً ما تكون أجمل من تلك التي تشوّه وجهها بتبرج نافر». يضيف: «أحب الماكياج على وجه المرأة، شرط ألا يغير شكلها، وأن يكون بسيطاً ويعطيها منظراً جميلاً ومريحاً للعين. للأسف النساء في مجتمعنا يكثرن من استعماله، إلى درجة يمكن مقارنتهن بالفنانات أو الراقصات اللواتي يعتلين المسارح لتقديم استعراض كبير». يتابع: «آسف، أنا لا أستطيع تبرير هذه البهرجة المتنقلة خلال أوقات النهار. وأنا متيقن من أنهن حين يغسلن وجوههن من هذه المساحيق، لن أتعرف إليهن». وعلى سبيل المزاح، يقول عبدالرحمن: «غالباً ما أعلّق مع أصدقائي على هذا الموضوع، حيث نقول أن علينا أن نرى الفتاة التي نتعرف إليها في الصباح الباكر وقبل أن تستخدم أي مستحضرات تجميل، لنعرف ما إذا كان شكلها كما يبدو لنا، أم أن الماكياج يجعلنا نراها بصورة مختلفة». يضيف: «لذلك، لن أتزوج إلاّ بفتاة أراها على طبيعتها، ومن دون ماكياج. فأنا لا أريد أن أصدم ليلة الدخلة، وأجدني متزوجاً بفتاة لا أعرفها مطلقاً. كأن تكون شقراء، ثم أكتشف أنها سمراء وتضع شعراً مستعاراً، أو أن عينيها خضراوان، لأنها تضع العدسات الملونة، وبشرتها مليئة بالبثور، إنما تخفيها ببودرة التجميل».

 

قوس قزح

بين ما يفضل وما لا يفضل، يقف فيصل ضرار متردداً قبل أن يصرح قائلاً: «لا نستطيع أن نجبر النساء على فعل ما نرغب فيه، لكننا نقدم لهن ملاحظاتنا والذكية منهن تفهم». ويبدو أن في هذا الكلام رسالة مبطنة، أراد فيصل أن يصل بها إلى بداية حديثه ليقول: «لا أهوى تبرج النساء مطلقاً، خصوصاً حين يتجاوزن فيه ما هو مقبول للعين». ينظر فيصل حوله وكأنه يفتش عن نموذج للفتاة المتبرجة التي لا يحبذها، يقول: «لا أجد في هذه اللحظة فتاة متبرجة بشكل أكرهه». ويصف الفتاة التي يتكلم عنها بالإشارة إلى أنها «تلك التي ترسم وجهها وتلونه بألوان براقة وكأنها لوحة لرسام يشتهر بحبه الألوان الصارخة». يضيف: «هي تماماً مثل لوحة تناديك من بعيد، لا لجمالها، إنما لتضارب الألوان فيها مجسدة ألوان قوس القزح. عليكم أن تتخيلوا في أذهانكم لوحة ملونة تمشي على قدمين، لتفهموا ما أعنيه».

 

أنوثة

بدوره، يقول كسوري فارس (مهندس داخلي) إنه «يجب على الماكياج أن لا يخفي معالم وجه المرأة الحقيقية»، لافتاً إلى أن «خطوط الوجه ترسم الشخصية وتبوح بما في الداخل، وعلى المرأة أن تنتبه إلى إظهارها في وجهها، كالحقيقة ناصعة وواضحة، لا مقنّعة بمساحيق التجميل». وعلى غرار الآخرين الذين لم يرتبطوا بعدُ بشريكة الحياة، يقول فارس: «لن أسمح لزوجتي في المستقبل بأن تكثر من وضع مساحيق التجميل، وسأطالبها بصراحة بأن تخفف منها». أما أكثر ما يزعجه في تبرج المرأة، فيفصح عنه من دون تردد قائلاً: «حين يخرج أحمر الشفاه عن الخطوط التي تحدد الشفتين، أشمئز من منظر صاحبة هذا الفم، وأتصورها سوقيّة، وبعيدة بعد السماء من الأرض، عن الأنوثة التي يجب أن تتحلى بها. بصراحة، إن استخدام المرأة الماكياج بطريقة سوقيّة، يجعلها أبعد ما يكون من الأنوثة».

 

قناع

انطلاقاً من المبدأ القائل: «أوله شرط آخره نور». يقول عماد عوني (مهندس معماري متزوج منذ ثمانية أعوام ولديه بنت وحيدة): «تناقشت مع زوجتي حين ارتبطنا في موضوع التبرج، وأفهمتها أنني أحب الاعتدال في استخدامها مساحيق التجميل، وقد أيدتني في الرأي، لأنها مثلي تؤمن بأن جمال المرأة ينبع من روحها وشخصيتها».
وإضافة إلى كون عماد لا يوافق المرأة «على الماكياج الصارخ»، تراه يشير إلى أن «التبرج في رأيي الشخصي، هو أداة من الأدوات المتاحة للمرأة لإبراز جمالها، وليس لإظهارها وكأنها امرأة أخرى لا تشبه نفسها».
وهو يعتبر أن «المرأة التي تصحو من النوم لتتبرج قبل أن تخرج من غرفة نومها، إنما هي تسيء إلى صورتها الحقيقيّة»، يضيف بشيء من الازدراء: «يؤسفني أن أرى امرأة تضع قناعاً كاملاً من مستحضرات التجميل في الصباح الباكر وفي مكان عام. وأتمنى لو كان في استطاعتي توقيفها، وتنبيهها إلى أنها ليست في سهرة كبيرة أو مناسبة عظيمة، وما تفعله بوجهها جريمة مدمرة في حق بشرتها». ويختم قائلاً: «في النهاية، يبقى هذا الأمر منوطاً بها وهي حرة في تصرفاتها، ولكنها تبدو منفرة جداً بالنسبة إليّ وإلى كثيرين يفكرون مثلي».

 

عشوائيّة

من جهته، يؤكد علي فياض (مدير مالي متزوج منذ سبعة عشر عاماً ولديه خمسة أولاد): «أحب المرأة مع الماكياج ومن دونه. فهي حين تتبرج، تُظهر جمالها بشكل بارز وواضح وتصبح لافتة. كما أنها من دون التبرج تبقى المرأة المحافظة على الملامح الطبيعية التي وهبها الله لها». وإذا كان علي يوافق على أن تتبرج المرأة ، إلاّ أن ذلك لا يمنعه من توجيه الانتقاد إلى بعض النسوة، اللواتي يبالغن في تبرجهن قائلا: «تنفرني المرأة التي تكثر من وضع مساحيق التجميل إلى درجة غير مقبولة، أو بطريقة عشوائية وغير متقنة، لأن النتيجة تأتي على العكس مما ترغب، وبدلاً من أن تجمل نفسها سوف تبدو قبيحة ومصطنعة».

 

هيهات

وبخلاف الآخرين، يوجه راشد الكندي (موظف متزوج منذ خمسة أعوام ولديه ثلاث بنات) انتقاده أولاً «إلى المتاجر الخاصة بمساحيق التجميل التي تروّج لبضائعها بشكل مغرٍ»، معتبراً أن «هذا ما يدفع المرأة إلى الإقبال على شراء منتجات التجميل بلا وعي أو مسؤولية». ويبرر رؤيته للموضوع بالقول: «لست ضد أن تشتري زوجتي مساحيق التجميل، ولكني أخشى أن تستخدمها بإفراط ،كما تفعل كثيرات نراهن في كل مكان».
يضيف: «زوجتي تضع الماكياج يومياً، على الرغم من أنها تعرف بأني أفضلها من دونه، وأحب جمالها الطبيعي، لكنها مثل غيرها من النساء تواكب الرائج». وفي اعتقاد راشد أن «استخدام بودرة الوجنتين وظلال العيون وأحمر الشفاه بكثافة، يغيّر شكل المرأة، ويظهرها بوجه مختلف عن وجهها»، لافتاً إلى أن «هذا الأمر لا يمكنني تقبله حتى مع زوجتي. فببساطة شديدة، أنا أكره الماكياج على أنواعه، ولكن هيهات أن تأخذ زوجتي بكلامي هذا».

 

لماذا تتبرج النساء؟

يتحدّث آدم دبس (خبير تجميل منذ أكثر من سبعة أعوام) عن علاقة المرأة بالتجميل، مشيراً إلى أن «هناك ارتباطاً وثيقاً بين المرأة والماكياج، فهو جزء من حياتها، وهي لا تستطيع أن تعيش من دونه». ويشير إلى أسباب كثيرة تدفع المرأة إلى التبرج، لافتاً إلى أن «بعض النساء جميلات جداً، لكنهن يتبرجن ليضفن إلى جمالهن جمالاً، وغيرهن من غير الجميلات، يلجأن إلى الماكياج لتحسين صورتهن بشكل عام. وهناك التي تضع مساحيق التجميل لتلفت الانتباه إليها، وبالتحديد انتباه الرجل، ولكي تجد نصيبها وتتزوج. ومنهن التي تسعى من خلال الماكياج إلى تعزيز ثقتها بنفسها، وتقوية شخصيتها لتصبح أكثر استعداداً للانخراط في المجتمع».
وفي هذا الإطار، يلفت آدم إلى أن «المرأة العربية تستخدم مساحيق التجميل، أكثر بكثير من المرأة الغربية التي تُعرف أكثر بطبيعتها العمليّة. وبينما نرى الأخيرة تعتني بشكل أساسي ببشرتها، تركّز العربية على تجميل صورتها بالماكياج».
من جهة ثانية، يؤكّد آدم أنه «لا يمكن لأحد تحديد جنس الخبير الذي قام بوضع الماكياج للمرأة»، لافتاً إلى أن «عمل خبير التجميل الرجل في هذا الإطار، أنظف بكثير من عمل خبيرة التجميل. وذلك لأن الرجل يرى المرأة بمنظور يختلف تماماً عن نظرة المرأة إلى المرأة. فهو ينظر إليها كأنثى، ويجتهد في إظهارها بصورة الأنثى. بينما يتعذر على المرأة أن تنظر إلى المرأة بعينيّ رجل، لكونها لا تشعر تجاهها مثلما يشعر الرجل، إضافة إلى وجود شيء من الغيرة في اللاشعور عندها، يحدّ من إنجازها عملها بإبداع على وجه من تعتبرها غريمتها».


وعن الرجال وعلاقتهم بماكياج المرأة، يتحدث آدم فيقول: «يحب الرجل تبرج المرأة حين يرى نتيجة إيجابية عليها». يضيف: «لقد اعتدت أن أقف عند رغبته حين يكون بصحبة الفتاة التي أعمل لها الماكياج، وأسأله عما إذا كان يفضله خفيفاً أم قوياً، وعن الألوان التي يحبها. ولا يفاجئني أن معظم هؤلاء يهتمون فعلاً بالماكياج، ويكون لهم ذوقهم الخاص، وقد تعودوا أن يروا شريكتهم بصورة معينة، ولا يمانعون في إسرافها في التبرج». يتابع: «في المقابل، هناك رجال يتحفظون على هذا الموضوع، ويتركون مسألة الاختيار لزوجاتهم. ولا يتدخلون إلاّ إذا تجاوزت النساء حدودهن، وبدأن يتصرفن كالمهووسات بالشيء، فأراهم يناقشونهن حول الألوان وحول البضاعة التي يردن شراءها، ويحاولون إقناعهن بالمنطق». ويقول: «أنا لا أعرف الأسباب الحقيقيّة الكامنة وراء هذا التدخل، ولكني أرجح أنها تعود إلى تبذير المرأة المبالغ فيه، أو لكونهم من متوسطي الحال، ومحفظتهم لا تستوعب ما تشتريه».
وفي هذا الخصوص، يفرّق آدم بين نظرة الرجل إلى الماكياج ونظرة المرأة، مفسّراً أن «من حق المرأة أن تنفذ على وجهها الماكياج الذي ترغب فيه. فذلك يشعرها باكتفاء نفسي، وبسعادة، وبثقة بشخصيتها. وإذا حاول الرجل أن يفرض عليها ماكياجاً معيناً، لا تخفي تبرّمها من ذلك، وليس مستبعداً أن تخرج من عندي، لتذهب إلى بيتها وتعدّل فيه بحسب رغبتها، وهذا ما يؤدي بها إلى تشويهه وبالتالي تأتي النتيجة سلبية». يضيف: «في المقابل، فإن الرجل، حين يتوقف عند جمال المرأة ويكتفي بذلك، هو بالتأكيد، يخشى من مبالغتها في تجميل وجهها، من خلال الإكثار من وضع المساحيق إلى درجة تخفي ملامحها التي يحبها، فينفر منها تلقائياً». ويقول: «ببساطة شديدة، نلاحظ أن المبالغة في وضع مساحيق التجميل غير محبذة من قبل الرجل».
ويختم آدم تعليقه على الموضوع متوجهاً إلى المرأة قائلا: «تكونين أجمل حين تضعين الماكياج الخفيف خلال النهار. ولا ضير أن تبرزيه بشكل أقوى خلال السهرات والمناسبات، شرط أن لا يتجاوز التغيير الذي تجريه على وجهك بالتبرج الـ25 في المئة. فالمطلوب هو أن تحافظي على شخصيتك، وتبقي أنت نفسك، لا أن تظهري وكأنك امرأة أخرى».

 

انفصال

من ناحيته، يقول الطبيب النفسي الدكتور محمد النحّاس: «تختلف نظرة الرجل إلى تبرج المرأة، عن نظرة المرأة نفسها. فالموضوع، وإن عدنا في أساسه إلى تركيبة الرجل وتنشئته النفسية وهو صغير، نجده، أي الرجل، يحب في المطلق، أن يحجب زوجته عن عيون الآخرين، بينما يفضل في المقابل، أن يتعامل مع امرأة متبرجة. وهذا ما نسميه الانفصال بين الفكر والسلوك. وفكر الرجل يتكلّم عن المبادئ والعقائد، بينما يطلق لسلوكه العنان للنظر إلى النساء».
يضيف: «لأن المرأة، هي بمثابة أم الرجل و أخته وزوجته وابنته وحبيبته وعشيقته، يلاحظ علم النفس، أن الرجل ينظر إلى المرأة بحسب إحساسه بالقصور وعدم الإشباع من جانب معين. لذا نراه يرتبط بواحدة تعوض له هذا الحرمان. فإذا كانت الأم تضع الماكياج، يرتبط بواحدة مثلها. أما إذا هو كره الماكياج في حداثة سنه، نتيجة رفض والده مثلا تبرج والدته، فيتحول بدوره إلى رافض له، أو قد يزدريه أيضاً، ويبتعد عن كل امرأة تتبرج، إلى أخريات لا يضعن الماكياج. وهذه استنتاجات تعود كلّها إلى نظرية الإشباع والحرمان».
أما في الشق المرتبط بنظرة المرأة إلى تبرج امرأة أخرى، فيوضح الدكتور النحّاس أن «المرأة لا تنظر إلاّ إلى أمرين في المرأة الأخرى، أولهما: جاذبية هذه المرأة للرجل، وثانياً: تفوّق هذه المرأة عليها بالشكل أو في أسلوب الماكياج»، مؤكداً أن «إحساس المرأة بالغيرة تجاه امرأة أخرى، هو الدافع إليها لانتقادها و تجنبها. وبالتالي البدء في منافستها بشكل عدواني، إمّا باللفظ أو السلوك». ويقول: «لا تحب المرأة أن تشعر بخطورة وجود طرف أرقى وأجمل منها، إلاّ إذا كانت متزنة، أي أن الجانب الإدراكي عندها متفوق على الجانب الشكلي». يتابع الدكتور نحاس حديثه في الموضوع، فيستعرض علاقة المرأة بالماكياج قائلا: «تميل طبيعة المرأة إلى شيء من الاستعراض. وهذا أمر يدعوها إلى التجمل لتبدو في أبهى صورة، خصوصاً أنها مصدر الجذب بالنسبة إلى الرجل. وبالتالي، يكون هذا المصدر في حالة من حالات الإعداد الدائم. كما نراها تضع في حقيبة يدها مساحيق التجميل بكثرة، ما يؤكّد اهتمامها الشديد بحالة الكمال التي تسعى إليها. وهي الحالة التي قلنا إنها تجعلها تتهيأ للظهور في أبهى صورة ممكنة، خصوصاً أمام زميلاتها لأنها في تنافس مستمر معهنّ، وأمام المحيطين بها من الجنسين، لأن فلسفتها الخاصة تعتبر أن الأكثر جاذبية، هي الأكثر تأثيراً في الناس».
واستناداً إلى خبرته كطبيب نفسي، يلاحظ د. النحّاس أن «هناك رابطاً نفسياً متيناً بين المرأة والماكياج، لكونها تؤكّد ذاتها من خلال شكلها وليس من خلال فكرها، ولأنها غالباً ما تكون تحت تأثير الوجدان والعاطفة». ويختم قائلاً: «هنا أوضح أنني أتحدث عن المرأة التي تضع الماكياج فقط، ولا أعني النساء جميعاً. ونحن في هذا المجال قادرون على قراءة شخصية المرأة من حقيبتها، فإذا رأيناها تعطي الماكياج الأولوية في حقيبتها، فهي بالضرورة امرأة استعراضية».

المزيد على أنا زهرة: