ليست فكرة تقديم أجزاء أخرى للمسلسلات، بأمرٍ جديد. هناك الكثير من المسلسلات السورية والعربية التي قدّمت هذه الفكرة قبل سنوات، وحظيت بنجاحٍ كبير، ولا تزال حتى اليوم عالقةً في أذهان المشاهدين كمسلسل "الشهد والدموع" و"ليالي الحلمية". في هذا الأخير، استطاع الراحل أسامة أنور عكاشة أن يبقى مسيطراً على شخصيّات المسلسل حتى الرمق الأخير، فخرجت من دائرة التكرار وراحت تنمو وتكبر وتتطوّر مع كلّ جزء من العمل.


اليوم، نجد أنّ أغلب المؤلفين يفقدون هذه الميزة، لأنّ هدفهم تجاري في المقام الأول، ولا يريدون سوى استثمار نجاح الجزء الأوّل من العمل، فيسقط المسلسل في دائرة التكرار التي تؤدي حتماً إلى الفشل. وهذا العام، هناك العديد من المسلسلات التي جاءت أجزاءً لأفكار قدمت من قبل، وقد تنوّعت في الشكل في مقابل غياب المضمون. هكذا، نجد جزءاً جديداً لمسلسل كوميدي أو لمسلسل بيئة شامية أو حتى لمسلسل اجتماعي. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل فكرة تقديم جزء ثانٍ هي بمثابة استثمار لنجاح سابق؟ أم أنّ الكتّاب يعانون نضوب الأفكار الجديدة؟

"باب الحارة" للعام الخامس!
يُعد "باب الحارة" من أبرز الأعمال التي تندرج ضمن قائمة مسلسلات الأجزاء. قُدِّم المسلسل قبل خمس سنوات. وعلى مدار أربعة أجزاء، حظي العمل كل عام بمتابعة واسعة على رغم الانتقادات التي تعرّض لها، في ما يخصّ إطالة الأحداث، وغياب المضمون ونجوم الجزء الأول والثاني، وخصوصاً "العكيد أبو شهاب" الذي يجسّده سامر المصري و"أبو عصام" الذي يجسّده عباس النوري. إذ أصبح "باب الحارة" الطبق الرئيسي في رمضان الذي لا يستطيع أحدٌ أن يفوّت مشهد منه. وفيما تم تصوير الجزء الخامس منه، خفتت شعبيّة المسلسل وسط محاولات المخرج بسام الملا بمصالحة عباس النوري، علّه يعود وينعش العمل. لكنّ هذا الأخير رفض الفكرة تماماً. ويبقى سؤال: الذي سيحمله الجزء الخامس؟ وما الطرح المختلف الذي سيقدمه هذا العام؟ وهل ستخرج شخصيات العمل من باب الحارة أم ستبقى حبيسة الحارة بينما وصلات "الردح" مشتعلة بين نسائها!

عودة "الصبايا"
من الأعمال التي قدمت العام الماضي مسلسل "صبايا" من تأليف رنا الحريري وإخراج ناجي طعمي. وعلى رغم نجاح المسلسل على صعيد المتابعة الجماهيرية، إلا أنّه تعرّض لانتقادٍ كثيف بسبب تصويره الفتيات السوريات بطريقة التهريج. وهذا ما شجّع منتج العمل على إعادة إنتاج جزء جديد مستعيناً بكاتبين جديدن هما نور الشيشكلي ومازن طه لإظهار الفتاة السورية بطريقة مختلفة وأكثر واقعيةً.

إسقاط على الحياة "الضايعة"
بعد نجاح "ضيعة ضايعة" الذي قُدِّم قبل عامين ونجاح شخصياته وشهرة المكان الذي تم التصوير فيه، والمبالغ الكبيرة التي عادت على المنتج خصوصاً من شركات الاتصالات التي استخدمت شخصيات العمل كـ"أسعد" (نضال سيجري) وشخصية "جودة" (باسم ياخور)، كان لا بد من إنتاج جزء جديد بأفكار ومواضيع اجتماعية. إذ يقوم المخرج بإسقاطها على واقع العالم العربي. وقد أكد مخرج العمل الليث حجو على أنّ الجزء الجديد سيكون مكمّلاً للجزء الأول لكن بأفكار حياتيةٍ أكثر. ووعد حجو الجمهور بالضحك طيلة مشاهدة المسلسل.

الدبور مستمرّ بنجاح!
من الأعمال التي ستعرض في رمضان أيضاً "الدبور" من تأليف مروان قاووق وإخراج تامر اسحق. وخلال تصوير المسلسل، فوجئ المخرج بقاووق يعمل على كتابة جزء ثانٍ من العمل الذي لم يعرض بعد. ما يعني أنّ الشركة المنتجة حكمت على العمل وتأكدت من أنّه سيحظى بإعجاب الجمهور لسبب وحيد أنّه ينتمي إلى أعمال البيئة الشامية. نذكر هنا أن مؤلف العمل هو أيضاً كاتب الأجزاء الثلاثة الأولى من "باب الحارة". ولم تأخذ الشركة المنتجة في الاعتبار أنّ الجمهور ملّ الأعمال المكررة، وخصوصاً أنّ مسلسل "الشام العدية" لم يلق النجاح المتوقّع. و"الشام العدية" كتبه قاووق أيضاً، وأُنتج العام الماضي وظهر فيه سامر المصري بعد خروجه من "باب الحارة"، وكان يراهن على أنّ المسلسل سيسحب البساط من تحت أقدام "باب الحارة".
هل يكون رمضان المقبل نهاية ظهور أجزاء لمسلسلات سابقة؟ أم تستمر لعبة استثمار نجاح الجزء الأول في جذب الجمهور إلى أجزاء لاحقة! يبدو أنّ هذه الموضة أصابت المؤلفين بالكسل، فنضبت أفكارهم واستسهلوا تكرار الشخصيات!