أثار قول عالمة الفلك والفيزياء السورية شادية حبال، بأن الرياح الشمسية التي تشد الكرة الأرضية هي (ملاءة جبارة) تحمى الحياة من الأشعة الكونية المهلكة، ضجة كبيرة في ثمانينات القرن الماضي، فقد تركزت أبحاثها على استكشاف مصدر الرياح الشمسية، والتوفيق بين الدراسات النظرية ومجموعة واسعة من عمليات المراقبة التي أجرتها المركبات الفضائية وأجهزة الرصد الأرضية. فقد كانت النظرة السائدة عن الرياح الشمسية، أنها تنقسم إلى نوعين: سريعة وبطيئة، الأولى: تنطلق من الشمس بسرعة 800 كم في الثانية، والأخرى: ثقيلة الحركة تأتي من المنطقة الاستوائية للشمس.

من هنا جاءت شهرة نبوغ حبال المولودة في مدينة حمص السورية 1948، فالمعهد العربي الأميركي صنفها قبل نحو عام من الآن، كإحدى أكثر النساء تأثيراً في مجالها العلمي. معتبراً أن قدرات هذه العالمة رشحتها إلى أن تصل كإحدى النساء القلائل في هذا المجال إلى عضوية كل من: الجمعية الفلكية الأميركية، الجمعية الأميركية للفيزياء الأرضية، جمعية الفيزيائيين الأميركيين، الجمعية الأوروبية للفيزياء الأرضية، الاتحاد الدولي للفلكيين، ودرجة الزمالة في الجمعية الملكية للفلكيين، مدونة اسمها في قائمة أهم الباحثين في ماهية الرياح الشمسية التي حيرت العلماء لزمن طويل، لكن ذلك كان قبل أن تضع هذه العالمة العربية بصمتها في هذا المجال، داحضة الكثير من الافتراضات السابقة فيما يتعلق بالرياح الشمسية وسرعتها.

ابنة عالم النفس السوري نعيم الرفاعي، نشأت في أسرة متعلمة مثقفة، تحب العلم وتعتبره أولوية في بناء أفرادها، وليكون حبها لقصة حياة عالمة الفيزياء البولندية الفرنسية ماري كوري التي قرأتها في سن الثانية عشرة، بداية الطريق لتعلقها بالفيزياء، قبل أن تبدأ دراستها الفعلية لها في جامعة دمشق، حيث نالت شهادة البكالوريوس في علوم الفيزياء والرياضيات بداية سبعينات القرن الماضي. قبل أن تنتقل إلى دراسة الماجستير في الفيزياء النووية بالجامعة الأميركية في بيروت، إلا أن الأحداث التي شهدتها العاصمة اللبنانية قبيل الحرب الأهلية، أدت إلى توقف دراستها قبل أن يحملها الحظ إلى أوهايو الأميركية بعد نصيحة أحد المدرسين لها، بأن تتقدم لقسم الفيزياء في جامعة سينسيناتي، وتجرب حظها في القبول هي وزوجها فواز حبال.

كانت حبال مرجعاً رئيسياً في الإعداد لرحلة المسبار الشمسي لوكالة الفضاء الأميركية ناسا، وهو أول مركبة فضائية تدور فعلياً داخل الهالة الشمسية، كما ترأست العديد من الفرق العلمية لرصد كسوف الشمس حول العالم، ومنها منطقة الجزيرة في سوريا. وتقدمت بحوالي 60 ورقة بحث لمجلات التحكيم العلمية، كما شاركت بثلاثين بحثاً أخرى في المؤتمرات العلمية.

تقول حبال: «الفريق العلمي الذي ترأسته، تمكن من تطوير واحدة من أعقد الشفرات أحادية البعد للرياح الشمسية، كما أنها من خلال التعاون مع عدد من الجامعات الأميركية العاملة في نفس المجال استطاعت الحصول على برنامج مستمر يتضمن كافة الملاحظات العلمية عن كل ظواهر الكسوف الشمسية، وهو ما ساعدها هي وفريقها على بلورة نتائجها حول أصل الرياح الشمسية. فالفريق الذي أسهم في الإعداد لأول رحلة فضائية إلى الشمس، وبالتحديد لطبقة الهالة الشمسية التي تمثل الجزء الخارجي من الغلاف الشمسي، حقق ريادته بالوصول لمنطقة لا يمكن للبشر رؤيتها إلا أثناء كسوف الشمس، حيث تشاهد كلؤلؤة بيضاء محيطة بالشمس».

ولعبت حبال دوراً أساسياً في تصميم المركبة المنوط بها القيام بهذه المهمة، ويتمثل المشروع الذي بدأ منذ عام 1995 في تصنيع وتصميم روبوتات للاستكشافات الفضائية، ومركبة فضائية يمكنها الدوران حول الشمس، حيث تحاول هذه المركبة الدوران حولها من الشمال إلى الجنوب، لأخذ صور دقيقة لها سعياً إلى مزيد من الاكتشافات العلمية المدهشة.

كرسي  فيزياء

عالمة الفلك والفيزياء شادية حبال هي ابنة عالم النفس السوري الدكتور نعيم الرفاعي، وهي أستاذة كرسي فيزياء شمسية في جامعة ويلز في بريطانيا، وتتركز بحوثها حول الرياح الشمسية وكسوف الشمس.