بعد تركه العمل التطوعي، الذي قضى فيه سنوات طويلة من عمره، وانزوائه في منزله الكائن في رأس الخيمة، ارتأى أهل وأصدقاء الشاعر والكاتب الإماراتي أحمد العسم أن يخصصوا له، في بيت والده الراحل، مكاناً حميماً للقاء الأصدقاء، باسم (المستطيل). لكنه لم يكتفِ باللقاء فقط، وشرع أبواب مكتبته في نفس المكان، لكل من يحب القراءة، أو يرغب في اقتناء كتابٍ من دون مقابل.. «زهرة الخليج» حاورته حول تجربته.

• من أين أتت فكرة (المستطيل)؟

- بعد سنوات من العمل التطوعي، شعرت بالتعب، فقررت التوقف، فارتأى بعض الأصدقاء، والأهل، أن يكون لديّ مكاني الخاص الذي أستمر فيه بممارسة حياتي التي أحب، بعيداً عن فكرة الانزواء، لخوفهم عليّ من التحطم والاكتئاب، فبدأت بإنشاء هذا المكان، بفكرة طرأت على البال عام 2015، وظهرت إلى السطح وأخذت حيّزاً من التنفيذ عام 2016.

زاوية حميمة

• ما الذي تمثله لك هذه الزاوية الحميمية؟

- حاجتي للبقاء، وأنا كنت محظوظاً لأني محاط بمن لا يحبّ ذهابي السريع إلى التلف، ويحافظ عليّ، ويعرف حاجتي كشاعر لوجود شيء يخلدني، فالشعراء لديهم هذا الإحساس الذي يجعلهم دائمي البحث عن الخلود، من خلال ديوان شعر أو مكان. فاخترت هذا المكان المناسب، كما اختار بن ظاهر، الأرض التي تناسبه وتناسب عظامه لتبقى زمناً طويلاً بعد دفنه فيها.

• هل ساورتك رغبة تركه ذات يوم؟

- أعترف بأنني اكتأبت مرة، وأردت حرق المكان برمته، ولكنني خرجت من تلك الحالة، وعدت لطريقي في هذه الحياة، لأكمله بكل شجاعة.

• ما فلسفة (المستطيل) التي تجري أحداثه في إطارها؟

- الفكرة باختصار، تشرحها قصيدة لي اسمها الشاعر، المعلقة بالقرب من باب (المستطيل)، وهي تدل على المكان، منها أقول: (نولد وتولد معنا الأشجار، في البيت شجرة لوز، تنتج ورقاً للكتابة، وفي نفس البيت شاعر، نام عدة سنوات وتزيد قليلاً، استيقظ وعظامه تتآكل، جلس يجمعها، قرر أن يتعافى من ظلم النوم، بتدريب صوته، كتب عند مدخل البيت، هنا يرقد شاعر). هي فكرة إعادة الحياة، لشاعر نام منذ سنين، وحان الوقت لأن يتعافى من النوم، ليس نوم العين، ولكن نوم الحياة، ونوم الروح، وعدم استيقاظها والنظر لما حوله من مظاهر الحياة الجميلة.

رحلة القراءة

• كيف كانت بدايتك مع القراءة؟

- بدأت رحلتي مع القراءة حين كان والدي في الكويت، ويحضر لي معه الكتب من هناك. أما في (الفريج) فكانت لدينا مكتبة، يدخلها الصغار من العصر حتى المغرب، وهذا مما يشجع على القراءة. كما كان في النادي الرياضي الذي انتسبت له، (نادي عمان)، معلم يشجع على القراءة، من خلال طلبه لنا أن نذهب إلى المكتبة لقراءة الجريدة، والطالب الذي يأتي إلى التمرينات من دون قراءة، كان يصرفه للذهاب إلى منزله، حتى يأتي قارئاً في المرة المقبلة.

• هل صحيح أن مكتبة المستطيل مفتوحة لكل من يريد؟

- نعم، المكتبة التابعة للمستطيل، أبوابها مفتوحة لكل من يريد القراءة، فيها كل أنواع الكتب. كما أنها لا تكتفي بفتح أبوابها، بل يستطيع زائرها اقتناء الكتاب الذي يريده منها، إذ إن الكتاب يجب ألا يُمنع عمّن يريده، فهو حق للجميع.

«جماعة الشحاتين الشعرية»

يروي الشاعر أحمد العسم قصة تأسيس «جماعة الشحاتين الشعرية» عام 1989، مع زملائه: إبراهيم عبدالله يونس، أحمد عيسى العسم، أحمد منصور علي، ماهر حمد العوبد، عبدالله محمد السبب، بهدف توسيع رقة انتشار قصائدهم النثرية، وكان الهدف من إطلاق اسم «الشحاتين» على المجموعة، هو لفت الانتباه اليهم. إلا أن الجماعة تفرقت لاحقاً بعد فترة وجيزة بسبب انشغالاتهم.