أطلقت مصممة الأزياء ورائدة الأعمال السعودية الشابة نورة آل الشيخ خط أزيائها منذ قرابة العشر سنوات، وتعترف أن النجاح الذي حققته لا يتعلق بكونها مشهورة، بل يكمن في الاستمرارية في صناعةٍ يمكن أن تكون صعبة للغاية. تفتخر نورة بتراث بلدها وتستلهم ملامح وصور أزيائها منه، وترى أن الموضة أداةً قوية لتجسير الثقافات.

في أزمة فيروس كورونا شاركت نورة في مبادرة خيرية سعت من خلالها لرد الجميل لأبناء مجتمعها، وهي لا تبخل بإسداء النصائح والإرشادات لزملائها ولمن تجد لديهم الموهبة والحرفية، بعد أن نجحت في الوجود على الساحة الدولية من خلال علامتها التجارية. في حوارنا التالي معها، باحت نورة بالكثير، وخصّتنا بالصور الأولى لتشكيلة أزياء العطلات التي أضافت إليها لأول مرة ملابس للرجل.

•  ما مبادرة «صمم عالخير»؟ وكيف كانت نتائجها؟

ـ بصفتنا مصممين، يجب أن نكون واعين اجتماعياً أكثر، وأن نجد طرقاً لرد الجميل إلى مجتمعاتنا. طلبت مني المصممة «هنيدة صيرفي» المشاركة في مبادرة أسستها «Sketch & Give» خلال شهر رمضان الماضي. تم ابتكار حوالي 2152 اسكتشاً من قبل المصممين ونشرها على Instagram. وبعد تنفيذ التصاميم وأصبحت فساتين، تم التبرع بها للعائلات المحتاجة خلال عيد الفطر، بمساعدة الجمعيات الخيرية التي تعاونا معها في جدة والرياض. لقد كانت مبادرة ناجحة، وأظهرت ما يمكننا تحقيقه كصناعة إذا تعاونا وعملنا معاً.

تحديات وتغيير

• في ظل أزمة فيروس كورونا الحالية، ما التحديات التي تواجهكم كصناعة؟ وكيف تتصدون لها؟

ـ أعتقد أن التحديات التي تواجه الصناعة في المنطقة، وخاصة مصممي الأزياء، كانت موجودة، لكن جائحة كوفيد 19 أدت إلى تفاقمها فقط، وأكدت ضرورة إجراء تغييرات على منظومة الموضة الحالية. كنت من ضمن الخريجين من أول برنامج للأزياء المعتمدة في المملكة العربية السعودية، وكان هناك تحديات كثيرة، فلا يوجد أي تدريب داخلي متاح لي كمصممة شابة، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى الأقمشة أو المصانع عالية الجودة لإنتاج خط الإنتاج الخاص بي. كان عليّ أن أتعلم بمفردي، وسرعان ما فهمت أنه لا يمكنني ببساطة التنافس مع العلامات التجارية الكبرى التي يمكنها الوصول إلى هذه الموارد. فركزت على إنتاج مجموعتين سنوياً: للعطلات Resort وما قبل الخريف، بالإضافة إلى تشكيلة رمضان. ببطء قمت ببناء وتحسين جودة المنتج الخاص بي في كل مجموعة تلو الأخرى. كما سمح لي تصميم مجموعتين سنوياً بأن أكون أكثر تنبّهاً للتغيير، وركزت على استثمار أموالي في بناء علامتي التجارية مع مرور الوقت.

• هل غيرتم في استراتيجيتكم كعلامة تجارية على غرار بعض الماركات؟

ـ الكثير من التغييرات التي نتحدث عنها اليوم هي استراتيجيات كنت أستخدمها لبعض الوقت مثل الوصول إلى المستهلكين مباشرة وإنتاج مجموعات أصغر. إنها تتعلق أيضاً بتعمد عدم إنتاج الكثير من النفايات. أفكر باستمرار في أن تكون علامة تجارية أكثر استدامة.

• وكيف تستعدين للمستقبل القريب والبعيد؟

ـ بصفتنا مصممين، يجب أن نكون على دراية مستمرة بما يدور حولنا، وأن نكون مرنين بما يكفي للتكيف مع المواقف الجديدة. نحتاج أيضاً إلى تشجيع المصممين الشباب على عدم التركيز كثيراً على الرغبة في أن يصبحوا مشهورين بين ليلة وضحاها. وبدلاً من ذلك، يجب أن يأخذوا الوقت الكافي للنمو وتعلم حرفتهم، وكذلك الاستثمار في بناء فريق حولهم يمكنه دعمهم.

ملابس خفيفة

• ماذا كان مصدر إلهامك لمجموعة العطلات الجديدة؟

ـ كل مجموعة من مجموعاتي مستوحاة من تراثنا السعودي، ولكن ليس بطريقة صريحة أو واضحة. تأتي هذه الترجمات من خلال استخدام الزخرفة الهندسية بنسب معينة. في نهاية الأمر، أريد أن أصنع ملابس يمكن ارتداؤها في أي مكان في العالم ويتردد صداها مع نساء من خلفيات ثقافية مختلفة. ومجموعتي الأخيرة متأثرة بشدة بتراثي السعودي، حيث إن الصورة الظلية السائدة هي القفطان. على الرغم من أنني معروفة بالقطع التي يتم تفصيلها وتفكيكها، لكني شعرت بأن الوقت قد حان لتقديم شيء خفيف ومرح ورشيق. وهي ليست قفاطين بالمعنى التقليدي، بل تشعرنا بالحداثة بسبب الأقمشة التي استخدمتها والقصّات، وبعضها يشمل أغطية مدمجة مستوحاة من أزياء الشارع. أنا أيضاً أحب فكرة الملابس المتنوعة، لذا أدخلت مجموعة من الأحزمة التي تحول القفاطين إلى فساتين ملائمة. هذه هي المرة الأولى أيضاً التي أقدم فيها مجموعة ملابس رجالية من السترات ذات القبعات الرقيقة، والتي تحدها تفاصيل العقال.

• اللمسات البنيوية الهندسية تبرز في تصاميمك، كيف تفسرين الأمر؟

ـ الهندسة، مثل المثلثات، هي نمط متكرر في العمارة السعودية التقليدية ولقد ألهمتني دائماً لأن الأشكال الهندسية عالمية أيضاً. أستخدمها في مجموعاتي كشكل من أشكال الزينة. لكنني مهتمة أيضاً بتقنيات أخرى مثل الشرابة والتجديل والعقدة التي تتكرر في مجموعاتي. يمكن العثور على هذه التقنيات في الثقافات الأخرى أيضاً، وبالنسبة لي الموضة هي الجسر المثالي بين الثقافات المختلفة.

معايير عالمية

• إلى ماذا يحتاج توليد الإبداع في عالمنا العربي؟

ـ الأزياء هي حرفة لا نتوقف أبداً عن تعلمها كمصممين، لأن حقيقة كوننا مصممين في السعودية هي أنه ليس لدينا نفس الموارد المتاحة لزملائنا في نيويورك الذين يعملون بالقرب من دائرة الموضة،  لذلك جمعت معاً فريقاً من الخياطات ليتمكنوا من إنتاج مجموعاتي في المنزل. كان عليّ أن أتعلم الحجم المناسب والتشطيب المناسب للملابس للتأكد من أنها تلبي المعايير الدولية. مع التركيز على إنتاج كتيبات Look Books ذات مظهر احترافي، وتوثيق العلاقات مع تجار التجزئة، بدلاً من المشاركة في عروض الأزياء باهظة الكلفة التي كانت تحدث ضجة ولكنها نادراً ما تسفر عن نتائج. فما كنت لأصل إلى هذا الحد لو لم أكن حقيقية في توقعاتي، وفهم مدى صعوبة هذا العمل. في الوقت نفسه أشعر بأنني جزء من حركة تؤسس لصناعة أزياء ذات مصداقية في المملكة العربية السعودية والخليج. العديد منا والذين يعملون في المنطقة اليوم هم جزء من الموجة الأولى من المصممين الذين حصلوا على تدريب ودرجات علمية، ونجاحنا يمكن أن يساعد في تمهيد الطريق للشباب، من خلال خلق فرص للتدريب والتي لم تكن متاحة لي.