يقول طبيب هندي إن جائحة كورونا عزيزة النفس، لا تدخل بيتك إلا إذا خرجت لها ودعوتها للدخول. وهنا نقف أمام قيمة إنسانية تظهر أهميتها في الظروف الحالية وهي الالتزام بالحماية تجاه الأسرة والمجتمع والتي تبدأ بالالتزام بالحماية تجاه الذات واليوم نجدنا أمام اختبار حقيقي لعمق هذه القيمة في نفوس أفراد المجتمع لنضمن لأنفسنا ولأسرنا وأبنائها ومجتمعنا حياة أكثر أمناً.

الكائن البشري منذ ولادته وحتى رحيله وهو يبحث عن سبل الأمان، وإذا نظرنا إلى هذه الجائحة سنرى أنها جعلتنا نتوقف أمام مرآة الذات ونتساءل هل حققنا تلك الأحلام التي ولدت معنا منذ الصرخة الأولى وعملنا على إبقائها حية طوال الوقت والتي كان أهمها تحقيق الأمن الاجتماعي؟

نعيش في عالم يحمل لمستقبله الكثير من الغموض وضبابية الرؤية والتي نحتاج أن نسير فيها ونحن نشعر بالأمان وخاصة في ظروفنا الحالية وفي ظل العزلة والبقاء بالبيوت.

وهنا تتكشف لنا القيم الإنسانية التي قد تغيب عن الكثير من الأسر تحت سطوة الحياة المتسارعة. نحن أمام صخب يجتاح وجودنا ونتربص لحظة الولادة لواقع جديد مختلف لا نعرف زمنه.

وفي ظل ذلك الانتظار نكتشف أننا أصبحنا أكثر قرباً لأسرنا ونتفاعل معهم وكأننا نكتشف كم كبر أبناؤنا منهمكين في السعي لتحقيق الأحلام المستقبلية. لم نلتفت لهم إلا بعد أن أصابتنا الجائحة بالتوقف وملاحقة ما كنا لا نلتفت إليه فأدهشنا ما وصلوا إليه من تفكير وقدرة ومشاعر والتي لم يسنح لنا الوقت بمشاركتهم نموها بحكم انشغالنا وسعينا لتحقيق ذلك الحلم لمستقبل أفضل لهم. لقد أبعدنا انشغالنا عنهم من دون اختيار منا، لم ندرك كم أضعنا من دهشة ومشاعر. جائحه كورونا والحجر الصحي في المنزل جعلنا ندرك أن بناء علاقات إنسانية سوية مع أسرنا ومجتمعنا يحقق خطوات مهمة وتأسيسية في الحفاظ على الأمن الاجتماعي ليسهم في تكوين حياة أفضل نتطلع لها بعد انحسار هذه العاصفة التي لن ندرك كامل آثارها إلا بعد انحسارها.

إنها دعوة يا قارئ حرفي حتى نعيد ترتيب سلم القيم الإنسانية في حياتنا بما يناسب أبناءنا في مرحله العزلة التي نلتزم بها حفاظاً عليهم وأولى تلك القيم الإنسانية التي يجب تحريكها قيم التواصل الإنساني الحقيقي وقيم المحبة والتسامح.

إنها دعوة لتحول الأزمة إلى نبع إيجابي للعديد من التغيرات السلوكية التي يجب ان نراعيها في علاقاتنا المجتمعية والعمل على بناء جسور جديدة من التواصل بيننا كجيل آباء مع أبنائنا.. جسور حقيقية نلمس فيها مشاعرهم واهتماماتهم بصورة مباشرة وحقيقية فتلك الخطوة الأهم في الحفاظ على أمننا المجتمعي وإبقائه قوياً ليكون حائطاً منيعاً ضد أي عواصف قد نواجهها لتمر من دون خسائر مدمرة لكياننا الإنساني بل نخرج منها أكثر قوة وإرادة.