قالوا إن الحب غيثٌ لا يخيب من استقاه، قلتُ: ما يجديني! إن أرضي بور.

قالوا إن للعشق حروفاً تعرف كيف تبدأ ولا تنتهي، قلتُ: ما أشقاني! قد نفد حبري ومزقت الورق.

قالوا إن قطار الفرح سيصل حتماً، قلتُ: ما أدراني كم سيتوقف أمام محطات الوجع؟!.

وأتيت أنت!

أتيتَ وبين ذراعيك عشر أغانٍ ومائة حلم وألف عمر.

أتيت فأزهرت رياحيني، وتجددت حروف أبجديتي، ووصل في موعده قطاري.

أتيت فأنبتت لي بين الصخر معجزتي، خبأت في محارتك لؤلؤتي، وعاد بين ذراعيك المطر.

هل أخبرتك ماذا كنت قبلك؟.. هل أخبرتك يوماً عن سر مرآتي؟ عن صورتي التي كانت تتبدل فيها كل صباح بوجه لا يكاد يشبهني وقد طمس ملامحه القلق؟.. عن سر وسادتي؟.. عن دموعي التي كانت ترسم فوقها كل ليلة لوحة للخيبة؟.. عن سر قصري فوق الرمال بنيته لأسمع فيه صفير الريح نبوءة سقوطه؟.. عن سر ساحرة الجزيرة؟ من قيدتني تعويذتها فوق رمال اليأس وسط مياه المحيط المنسية.

لم أخبرك.. ولن أفعل!

فقد دفنت أسراري في أعمق كهوفي ظلمة وتركت كفك يشدني نحو نور الشمس.. أتقنت غزل ثوبي بخيوط عشقك فما عدت أكترث برقع الرداء القديم.. آمنت فيك بمعجزتي فما عاد يصم أذني نعيق غربان الضلال.

هل أخبرك ماذا سأكون بعدك؟ أخبرك عن بحر سأكون حوريته، وسماءً سأكون نجمتها، وليلاً سأكون فجره، أم تخبرني أنت عن ذاك النهار الذي نشرق فيه معاً كتوأم شمس لا يعرفان المغيب.. عن ذاك الطريق الذي تتلاصق فيه خطواتنا فلا نبرح حتى نبلغ.. عن ذاك العهد بيننا أن تمنحني أفضل صورة منك، وأمنحك أروع نسخة مني فنسجل بهما أجمل قصة في دفتر العاشقين.

دعني لا أخبرك.. ولا تخبرني!

كفاك صمتي حين يتلو قلبي في حضرتك ترنيمة عشق، وكفاني صمتك حين يشدو قلبك فوق أعلى غيماتي، فبعض السكون حياة، وبعض السقوط نجاة.. وللصمت أحياناً صخب!.