أدى تطبيق الإجراءات الوقائية لمكافحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، والتزام البقاء في المنزل وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، وتحول الناس للعمل والدراسة عن بعد، إلى انخفاض نسبة التعرض المباشر للشمس بشكل كبير، مما يعني أن نسبة الإصابة بنقص (فيتامين د)، ومصدره الأساسي الشمس، صارت أعلى،  فأي أمراض ممكن أن نعانيها بسبب نقص هذا الفيتامين؟ وكيف نتجنبها؟ وما أنواع الغذاء التي يمكن أن تمدنا بهذا الفيتامين؟ 

جهاز المناعة

كثيرون يعتقدون أن (فيتامين د) يسهم في الحفاظ على كثافة العظام وقوتها فقط، وأن أي نقص فيه يؤدي إلى الإصابة بهشاشة العظام، غير مدركين أن لهذا الفيتامين بنوعيه د 2 ود 3، دوراً أساسياً ومهماً أيضاً في تحسين جهاز المناعة الفطري ومنع نشاطه المفرط الذي يشكل خطراً على حياة الإنسان، كما في حالات الإصابة بفيروس «كوفيد 19»، وهو ما أظهرته نتائج دراسة نشرها مركز (ميدركسيف) للأبحاث، بالتعاون مع جامعة (نورث ويسترن) الأميركية، حيث تبين وجود علاقة بين نقص (فيتامين د) وارتفاع معدلات الوفيات بفيروس كورونا. ولا يتوقف دور الفيتامين هنا، بل يتعداه ليشمل عدداً آخر من الفوائد التي تنعكس إيجاباً على صحة الإنسان.

هورمون د 3

على عكس الفيتامينات الأخرى، لا يتوافر (فيتامين د) بسهولة في الأطعمة وفي حال وجد في بعضها فإنه يوفر نسبة 20 % من حاجة الإنسان اليومية إليه، في حين يحتم الحصول على النسبة المتبقية من المكملات الغذائية وأشعة الشمس، ولهذا السبب غالباً ما يشار إليه باسم (فيتامين أشعة الشمس). كذلك لا يعد (فيتامين د) من المغذيات كبقية الفيتامينات، وإنما عبارة عن هرمون يقوم الجسم بتصنيع نوع منه وهو (د 3) بعد تعرضه لأشعة الشمس، وينشط بواسطة الكبد والكلى فيصبح هرموناً ناشطاً يتولى امتصاص الكالسيوم من الأطعمة وتعديل مستوياته في الدم.

فارق وحيد

إذا كنتم تتساءلون عن الفرق بين (فيتامين د2) و(فيتامين د3)، فإن العلماء يؤكدون أن الفارق الوحيد بينهما هو المصدر، إذ يصنع (فيتامين د 2 ) من النباتات والفطريات (وغالباً هو النوع الذي يتم تضمينه في الحليب والخبز والحبوب المدعمة)، في حين يصنع  (فيتامين د 3) من المنتجات الحيوانية مما يجعله الأكثر تشابهاً مع (فيتامين د) الذي يصنعه الجسم البشري بشكل طبيعي من خلال التعرض لأشعة الشمس، وهذا ما يفسر سبب توصية غالبية الأطباء وخبراء التغذية بضرورة تناول مكملات فيتامين د 3.

أعراض خفية

غالبية الناس لا يدركون أنهم يعانون نقصاً في (فيتامين د)، لأن الأعراض بشكل عام تكون غير ظاهرة، وقد لا يتم التعرف إليها بسهولة، حتى ولو كان لها تأثير سلبي كبير في نوعية حياتنا، فما هذه الأعراض؟

أحد أهم أدوار (فيتامين د) هو الحفاظ على قوة جهاز المناعة، حتى يتمكن الجسم من محاربة الفيروسات والبكتيريا التي تسبب الأمراض، فيتفاعل بشكل مباشر مع الخلايا المسؤولة عن مكافحة العدوى. وأظهرت عدة دراسات طبية وجود صلة بين نقص (فيتامين د) والتهابات الجهاز التنفسي، مثل نزلات البرد والتهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي. كما توصل العديد من الدراسات إلى نتيجة مفادها أن تناول مكملات (فيتامين د) بجرعة تصل إلى 4000 IU  يومياً، قد يقلل من خطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي.

التعب والإرهاق

الشعور بالتعب له أسباب عديدة، وقد يكون نقص (فيتامين د) أحد هذه الأسباب. لسوء الحظ، غالباً ما يتم تجاهله كسبب محتمل. لكن الفيتامين يساعد على الحفاظ على صحة العظام بعدة طرق، فهو يحسن عملية امتصاص الجسم للكالسيوم من المواد الغذائية. وألم العظام وآلام أسفل الظهر تعتبر علامة على نقص (فيتامين د) في الدم. كما يربط بعض الأطباء الاكتئاب بانخفاض مستويات (فيتامين د) في الجسم، وقد وجدت بعض الدراسات أن تناول مكملات غذائية من هذا الفيتامين يحسن المزاج.

التئام الجروح

قد يكون الالتئام البطيء للجروح، بعد الجراحة أو الإصابة، علامة على أن مستوى (فيتامين د) في الجسم منخفض للغاية. وتشير نتائج إحدى الدراسات إلى أن الفيتامين يزيد من إنتاج المركبات الضرورية لتكوين جلد جديد، كجزء من عملية التئام الجروح، لهذا فإن انخفاض مستوى الفيتامين يؤدي إلى ضعف التئام الجروح الناتجة عن الجراحة أو الإصابة أو العدوى. كما أن التشخيص الذي يشير إلى انخفاض كثافة المعادن في العظام، علامة على نقص (فيتامين د)، والحصول على ما يكفي منه مهم للحفاظ على الكتل العظمية مع التقدم في العمر. وغالباً ما يصعب تحديد أسباب آلام العضل، هناك بعض الأدلة على أن نقص (فيتامين د)، قد يكون سبباً محتملاً لآلام العضل لدى الأطفال والبالغين، نتيجة التفاعل بين الفيتامين والخلايا العصبية التي تستشعر الألم.

سهولة العلاج

إذا كانت تساوركم شكوك حيال نقص (فيتامين د) في أجسامكم، من المهم أن تتحدثوا مع الطبيب لإجراء فحص لتحديد مستوياته في الدم، وبعد التأكيد من وجود نقص تبدأ رحلة العلاج البسيطة والتي تقتصر على ثلاثة أمور أساسية: 

• زيادة فترة التعرض لأشعة الشمس، ويفضل في الفترة ما بين الساعتين 11 صباحاً و3 بعد الظهر.

• تناول المزيد من الأطعمة الغنية بـ(فيتامين د) وهي: الأسماك الدهنية مثل التونة، السلمون، الماكاريل، صفار البيض، منتجات الألبان والأجبان، الحليب، كبدة البقر، والأطعمة المدعمة بـ(فيتامين د).

• تناول مكملات غذائية من (فيتامين د) بناء على وصفة الطبيب.

4  مشروبات

(فيتامين د) هو واحد من أهم العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم لأداء وظائفه المختلفة، لهذا حاولوا تضمين نظامكم الغذائي اليومي واحداً من هذه المشروبات المدهشة الغنية، ولكن قبل إضافة أي طعام أو شراب غني أو مدعم بالفيتامين إلى نظامكم الغذائي، يفضل أن تستشيروا الطبيب.

• عصير البرتقال:يحتوي عصير البرتقال على العديد من العناصر الغذائية التي تعزز الصحة ومنها (فيتامين د). تناولوا دائماً عصير البرتقال الطازج محلي الصنع لتفادي المواد الحافظة.

• حليب البقر:يوصي خبراء الصحة والتغذية بشرب كوب من الحليب كامل الدسم يومياً، لأنه يحتوي مستويات عالية من (فيتامين د). في حال لم ترغبوا في شرب الحليب الصافي، يمكنكم إضافة مسحوق الشوكولاتة إليه.

• لبن الزبادي:يحتوي اللبن الزبادي على (فيتامين د) بمعدل 5 وحدات دولية لكل 8 أونصات، ويوصي خبراء التغذية بتناوله يومياً، وينصحون بصنعه في المنزل تجنباً للمواد الحافظة التي قد تكون موجودة في الزبادي الذي يباع في المتاجر.

• حليب الصويا:غالباً ما يتم تدعيم بدائل الحليب النباتية مثل حليب الصويا بـ(فيتامين د) والعناصر الغذائية الأساسية الأخرى التي توجد عادة في حليب البقر، وينصح خبراء التغذية بتجنب شراء حليب الصويا المعبأ من السوق لأنه يأتي مع المواد الحافظة.

كمية  محددة

يقال إن كل شيء زاد على حده انقلب إلى ضده، وهذا بالضبط ما يمكن أن يحدث في حال زيادة مستويات (فيتامين د) على حدها الطبيعي في الجسم، لهذا يحذر الأطباء من مغبة الإفراط في تناول مكملات (فيتامين د)، ويشددون على ضرورة الالتزام بتناول الكمية المحددة يومياً، تفادياً للضرر الذي قد يصيبه، ومنه تراكم الكالسيوم في الجسم مما يسبب الغثيان والقيء، والتبول المتكرر ومشكلات في الكلى، غير أن نسبة الإصابة بما يعرف بتسمم (فيتامين د) قليلة جداً وعلاجها يتضمن بكل بساطة التوقف عن تناوله، والحد من تناول الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من الكالسيوم مثل البيض، الأجبان والألبان، السردين، البروكولي وأي أطعمة مدعمة بالكالسيوم، لفترة معينة يحددها الطبيب المعالج.