لفتت المغنية المصرية الشابة مرام، جمهور الغناء العربي، بعدما قدمت أغنية «حبيبي تعال» بلونها النوبي، فحققت الأغنية انتشاراً وذيوعاً كبيراً بين جمهور «السوشيال ميديا»، وذكرتهم بأغنيات المطرب محمد منير، قبل أن تمضي بنفس الاتجاه الغنائي لتطرح اغنيتها الثانية مؤخراً «ليه يا حب». وفي حوارها مع «زهرة الخليج»، تكشف مرام سبب تقديمها للون الغنائي النوبي، وخصوصية الإيقاع وتلاوين الصوت. ونسألها:

* ماذا يعني لك الغناء، الموسيقى، ولماذا اخترت الغناء النوبي؟

- طبيعي جداً أن أحب الموسيقى وأن  أمضي إلى الغناء، لأنها صوت الروح منذ أن نرى الضوء في هذه الحياة، نسمع ترانيم الأمهات، وحين نكبر قليلاً نعرف أن الصوت موجود في الطبيعة، لهذا أعتبر أن الغناء الأقرب لروحي، وخياراتي وربما التعبير عن نفسي، ورغم أنني خجولة إلا أن هذا لم يمنعني من التعبير عن نفسي وإطلاق الغناء الخاص بي، وأقول الخاص، لأني اخترت الغناء النوبي، الذي يشكل بإيقاعاته الخاصة جمالية يتذوقها كثيرون لأنها خاصة.

أنا ابنة هذا المكان، أمي نوبية، وأبي أسواني، لهذا طبيعي أن أغني هذا اللون الذي تفتحت ذاكرتي ووجداني عليه، لم أكن في بيت مفتوح على الموسيقى، لهذا كنت أجلس في غرفتي أفتح الراديو، واستمع للكثير من الأغاني، التي سكنت ذاكرتي ووجداني.

 

غناء الطبيعة

* نسمع الكثير من الأصوات التي تدعو لحماية التراث النوبي، حدثينا عن خصوصية هذا الغناء؟

- الغناء النوبي، مليء بالحنين والشوق، وحتى موسيقاه وآلة الطنبور وغيرها، عندما نسمعها تأخذنا إلى الطبيعة والأهل، ويكمن سر الغناء النوبي في مخاطبته للوجدان بصورة قوية، إذ أن ايقاعاته المستوحاة من الطبيعة تجعل هناك رابطاً وانسجاماً تاماً لمن يسمعها، غناء المكان، غناء الحب، غناء الأرض والأعراس، كل هذا على إيقاعات لا يمكن أن تمر دون أن تحرك الإحساس والمشاعر، لهذا سأعيد غناء الكثير من الأغاني الفلكلورية، بصوتي وأدائي الخاص، كي تبقى من جيل إلى آخر.

 

* متى اكتشفت أن صوتك خاص، وأن الغناء هو صوت المرأة نحو الحب والحرية؟

- كأي طفلة كنت أدندن ما أسمعه، مرة لفيروز، ومرة لشادية، وأغاني كثيرة، وكان من حولي يشيدون بصوتي وإحساسي، وهنا أقول بأن أسرتي لم تشجعني على الغناء، فهي أسرة محافظة، تقليدية جداً، لكن  الغناء كان يأتينا هكذا، أغني بحب وأجد سعادة كبيرة حين أعبر عن نفسي بالغناء، كان هناك الكثير من الأحلام الوردية، التي بقيت مثل هاجس، وكنت أحكي مع نفسي بالغناء، إلى أن أخذتني الصدفة مرة، نشرت فيديو على «السوشيال ميديا»، وتفاجأت حين وجدت أن الأغنية وجدت متابعين ومعجبين. وعرض عليّ أحد المنتجين، أنه مستعد أن يسجل لي الأغنية بشكل موسيقي مدروس،  وكانت أغنية «حبيبي تعال» بداية لي في طريق الغناء، صورت في قرية غرب سهيل النوبية، قرية ساحرة الجمال وطبيعة مدهشة تمنح الأغنية جمال الكلمة وربما الصوت والموسيقى أيضاً، الأغنية نجحت.

 

* هل وافقت أسرتك على احتراف الغناء؟

- رفضت عائلتي دخولي عالم الغناء، رغم معرفتهم بشغفي الكبير للموسيقى، فهم يضعون الغناء في جانب المحرمات، ورغم هذا كنت أمام لحظة تحد، وفرح بصدى الأغنية، فجاء قراري قوياً، بعد أن سألت نفسي من أنا، ماذا أريد، كيف يمكن أن أحقق ذاتي بما يخدم جمال موسيقى المكان، فقررت الاستمرار في التحدي.

 

تراث نوبي

* تركت عملك بسبب الفن، حدثينا عن هذا وكيف تطورين نفسك موسيقياً؟

- منذ تخرجي عام 2011، عملت في الإعلام الرقمي، وكانت عيني دائماً على شيء مختلف، حين نجحت أغنيتي كنت أمام لحظة تحدي قوية، فتركت العمل، واخترت الغناء، وهذا جعلني أنتسب إلى معاهد موسيقية في دبي للتدريب على الغناء، فالفن يحتاج إلى سهر وتعب وشغل على الذات، لاشيء مفروش بالورد إلا إذا خدمنا خياراتنا.

 

* كيف يمكن أن تستفيدي من التراث النوبي في إعادة غنائه وتوزيعه؟

- هذا مشروع أمامي، لابد من معرفة خصوصية الموسيقى في هذا المكان، وخصوصية الإيقاع، والتلاوين الصوتية، والفرق، تراث غني جداً، والمرأة هنا نادرة الحضور، لهذا نجحت حين غنيت أغاني نوبية، هذا التراث الغني يجب أن لا ينسى، وأن يبقى حاضراً في الاحتفالات كأحد ألوان الغناء المصري، والذي وصل إلى كل العالم العربي بكلاسيكيات الغناء وغيرها.

 

* يشكل السفر عالما من الثقافة والاكتشاف، حدثينا عن أسفارك إلى أفريقيا، وماذا منحك هذا؟

- السفر كتاب حقيقي، لغة بصرية، لغة حياة واكتشاف، لهذا حين دعيت إلى رحلة نحو أفريقيا، شعرت بالسعادة، فقد مضيت مع فريق سياحي، من شمال أفريقيا إلى جنوبها، استغرقت الرحلة شهرين، تعرفت خلالها على فلكلور الشعوب، وهو غني جداً، حار، قريب من الروح، وراءه تكمن حكايا وأساطير، ودائماً الحب والفراق، واللوعة والحنين، اكتشفت آلات موسيقية، في 8 دول زرتها، رحلة تستحق أن يكتب عنها كتاب.

 

الإقامة في الإمارات هل فتحت أمامك شيء على مستوى الفن والإعلام؟

هنا تعلمت الموسيقى، وهنا استضافتني القنوات وأجرت معي حوارات، الإمارات بلد منفتح على كل جديد، وفرصة للشباب لتحقيق ذاتهم. وقررت أثناء وجودي هنا أن أسجل أغنية «ليه يا حب» وهي cover للمطرب السوداني مصطفى مضوي، وقمت بتصويرها في بيتي مع المخرج الأردني ابراهيم العتيبي، وطرحتها قبل أسبوع والحمد لله حققت أكثر من مليون ونصف خلال أيام قليلة.

«الكينج»

* المطرب محمد منير شكل خطاً خاصاً في الغناء النوبي، هل تفكرين  بتقديم دويتو معه؟

- «الكينج» محمد منير هو من أكثر النجوم الذين أحبهم وأحترمهم، فقد رافقتني أغنياته خلال فترة مراهقتي وعندما كبرت شكل جزءا من شخصيتي. وأعتبر أنه ليس فناناً فقط بل أشعر أنه صديق لي، لأنني خضت الكثير من تجارب حياتي مع أغنياته.  

 

هل تفكرين أن تستفيدي من الفرق الشعبية وتغنين برفقتها؟

- لم لا، الغناء برفقة الفرق يمنح لغة مكانية قوية، لغة الفلكلور الحي، وأنا مع الفلكلور النوبي، مع  الغناء الساحلي، أي غناء يعكس التراث هو غناء حقيقي، نضيف عليه لمسة حداثة في الأداء في الفرق، وهذا يجعله ابن هذه اللحظة التي تتجدد دائماً، الناس متعطشة لهذا الفن، وحين يكون بصوت امرأة، فهو خصوصية أخرى، وربما نجاح من نوع خاص.

 

ماذا تدندنين وأنت جالسة وحدك؟

- أدندن لفيروز، أدندن لشادية صاحبة الصوت الرقيق، فايزة احمد الأغنية القوية المليئة بصوت الحب، أدندن كل ما يجعلني أشعر بالسعادة، وأدرب صوتي على  الأداء، وأرى نفسي أي نوع من الأغاني تشبه روحي.

 

* ماذا يمثل لك الحب، وكيف ممكن أن تصل مرام إلى غناء أغنية توازي أغاني الكبار؟

- الحب كل شيء في الحياة، في الحب نرى كل شيء أجمل، لهذا فإن محبة من حولي تمنحني قوة، تمنحي إحساسا عميقا وأنا أغني، في حين اللاحب يقتل الرغبة في الحياة، أنا مع الحياة، مع الفن، مع الموسيقى والخصوصية، ولا مانع أن أغني أي أغنية بعيداً عن الفلكلور.