تعتبر السمنة أحد أكثر عوامل الخطر المعروفة للأمراض غير المعدية وهي مرض بحد ذاته. ويبرز تقرير جديد للبنك الدولي بعنوان السمنة: التبعات الصحية والاقتصادية للتحدي العالمي الوشيك، وباء السمنة المتنامي وآثاره السلبية.
يوضح هذا التقرير لماذا تعتبر زيادة الوزن والسمنة تحدياً عالمياً وشيكاً، خاصة بين الفقراء ومن يعيشون في البلدان المنخفضة أو المتوسطة الدخل، ويبدد الأسطورة القائلة إنها مشكلة فقط في البلدان والمناطق الحضرية المرتفعة الدخل.
وتظهر البيانات الحديثة أنه منذ عام 1975، تضاعفت حالات السمنة ثلاث مرات تقريباً، وتشكل الآن 4 ملايين وفاة كل عام في جميع أنحاء العالم. ففي عام 2016، كان أكثر من ملياري شخص بالغ (44%) يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، يعيش أكثر من 70% منهم في بلدان منخفضة أو متوسطة الدخل.

أسباب السمنة
العوامل التي تغذي وباء السمنة ناتجة إلى حد كبير عن السلوكيات والبيئات التي نعيش فيها. وتشمل هذه العوامل: سهولة الحصول على الأطعمة المصّنعة والسكرية؛ وانخفاض النشاط البدني المرتبط بالتقدم التكنولوجي، الذي يساعد العمال ويساعد في خفض أعباء أعمال المنزل، وزيادة استهلاك الأطعمة غير الصحية المرتبطة في كثير من الأحيان بزيادة الثروة والدخل. كما ينجم هذا الوباء إلى حد كبير عن التعرض للمخاطر البيئية، مثل تلوث الهواء، والقيود المفروضة على الحصول على الخدمات الأساسية. واليوم، تعتبر الأمراض المرتبطة بالوزن الزائد والسمنة، مثل: مرض السكري وأمراض القلب والسرطان، من بين أكبر ثلاثة أمراض تسبب الوفاة في كل منطقة من مناطق العالم باستثناء أفريقيا جنوب الصحراء.

آثار السمنة
من المتوقع أن يصل إجمالي تكلفة السمنة في البلدان النامية خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة، إلى أكثر من سبعة تريليونات دولار، مما يؤدي إلى استبعاد أكثر الفئات حرماناً من الخدمات. ففي الصين بين عامي 2000 و2009، على سبيل المثال، ارتفعت تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بالسمنة من 0.5% إلى أكثر من 3% من نفقات الرعاية الصحية السنوية. وفي البرازيل، من المتوقع أن تتضاعف تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بالسمنة، من أقل من ستة مليارات دولار عام 2010 إلى أكثر من عشرة مليارات دولار عام 2050.

التغيب عن العمل
لا تقتصر هذه التكاليف على تكاليف الرعاية الصحية فقط، بل أيضاً التكاليف غير المباشرة الناجمة عن انخفاض إنتاجية العمل والتغيب عن العمل والتقاعد المبكر وغير ذلك، والتي سيتحملها المجتمع والأفراد. فعلى سبيل المثال، قدرت إحدى الدراسات زيادة التكاليف غير المباشرة للوزن الزائد أو السمنة في الصين من 3.6% من إجمالي الناتج القومي عام 2000 إلى 8.7% من إجمالي الناتج القومي عام 2025.
وتظهر الأبحاث أن الاستثمارات الحالية في الإجراءات التداخلية الفعالة من حيث التكلفة يمكن أن تنقذ حياة 8.2 مليون شخص في البلدان الفقيرة وتولد 350 مليار دولار، من الفوائد الاقتصادية بحلول عام 2030. وهذا يعادل استعادة 7 دولارات لكل شخص عن كل دولار مُستثمر.

تقزم الأطفال 
يعاني الآن العديد من البلدان حول العالم مما يشار إليه باسم (العبء المزدوج لسوء التغذية) وما يعرف اصطلاحاً بداء التقزم بين الأطفال وزيادة معدلات السمنة بوتيرة سريعة، مما يهدد رأس مالها البشري. ويتحول هذا العبء المزدوج إلى تغيرات في الهياكل الأسرية، حيث يصبح أفراد الأسرة، وخاصة النساء منهم، هم مقدمي الرعاية الفعليين لكبار السن. بالإضافة إلى ذلك، يعاني الفقراء من جزء أكبر من المشكلة لأنهم أكثر عرضة للصدمات الصحية والاقتصادية.

الأمراض المزمنة
ومن المتوقع أن تزداد الأمراض المزمنة وغير المعدية بحلول عام 2030، على الرغم من تغير أنماط الحياة، وزيادة عدد المسنين بين السكان، والزحف العمراني المتنامي. وحيث أن هذه البلدان تشهد تغيرات في النمو الاقتصادي والنظام الغذائي، تزداد الإغراءات أمام الناس لاستهلاك أطعمة غير صحية والتراجع في ممارسة الرياضة.