التخمة الاستهلاكية، والاستهلاك الشره، وإدمان الشراء، والأنماط البذخية والاستهلاكية، وعادة الصرف غير الموجه، والعقلية الاستهلاكية.. كلها تدل على ما يعرف بـ «ظاهرة إدمان الاستهلاك».

تعرف الأخصائية الاجتماعية موزة مبارك القبيسي إدمان الاستهلاك بأن الإنسان يستهلك أكثر من حاجته، ولا يستطيع أن يتخلى عن عادة الاستهلاك والإسراف، ولذا يصبح مبذراً أو مسرفاً، مضيفة أن هناك قوى توحي لهذا الإنسان إدمان الاستهلاك. وتوضح المقصود بهذه القوى قائلة إنها الدعاية الموجهة، التي تسيطر على حواس المستهلك ودفعه إلى الشراء حتى لو لم يكن يحتاج السلعة أو الخدمة.

استهلاك الضروريات

تلفت موزة إلى أن القرآن الكريم نبه إلى أضرار الإسراف في الضروريات؛ كالأكل والشرب؛ لأن هذا الإسراف يصبح إدماناً، مما يعني أن المستهلك يستهلك أكثر من حاجة جسمه، ليس فقط الإسراف في المواد الغذائية والمشروبات بل وفي غيرها.

وتقول إن الدراسات تشير إلى أن 45% من حجم القمامة عبارة عن مواد غذائية، أساء الإنسان في صرفها واستخدامها، وتزيد كميات المواد المستهلكة بطريقة غير سليمة عن حاجته في بعض المناسبات والأعياد والاحتفالات والولائم، وفي العصر الحاضر شمل الاستهلاك المفرط والإسراف كل مناحي وأجزاء الحياة؛ في المأكل والمشرب، والمسكن والملبس، والأثاث والمركب. وتضيف أن عادة الاستهلاك والإسراف جعلت الآباء يعيشون في قلق؛ بسبب طلبات الأولاد، وتصل عادة الاستهلاك إلى درجة الإدمان فيهم، وما يمثل هذا الإدمان من الضغط على دخل الأسرة إلى درجة الاقتراض، واستخدام بطاقة الائتمان وتراكم الديون على كاهل الآباء.

أسباب الإدمان

عن أسباب إدمان الاستهلاك تقول موزة: «توجد أسباب عدة مثل وسائل الإعلان والدعايات، التي تصور للإنسان الجنية المفقودة، إلى جانب تغير تفكير الإنسان من أن يفكر في الأمور الكبيرة، إلى التفكير في الأكل والشرب وغيرهما من الأمور التافهة، وهذا التفكير صنعه أصحاب النفوذ والدعايات والماركات».

تغيير السلوك

توضح موزة أن دراسات علم النفس السلوكي تشير إلى إمكانية تغيير سلوك الإنسان، خاصة سلوك الاستهلاك حسب رغبة أصحاب الشركات التسويقية، بعد إجراء الدراسات على حاجات ورغبات المستهلكين، خاصة صغار السن الذين لهم رغبات يحققها لهم الكبار، فهذه الحاجات الكامنة في باطن الإنسان يثيرها أصحاب الشركات كي يشعر بها الإنسان، ومن ثم يحاول إشباعها، كل ذلك من خلال نشر ثقافة الاستهلاك، وأشارت دراسات رصد ثقافة الاستهلاك إلى أن ارتفاع دخل الفرد يعني زيادة في استهلاكه للغذاء، ويظهر أيضا أن الفقير يستهلك ويكون مدمنا؛ كالغني في استهلاك بعض السلع إلى درجة الإدمان.

سعر السلعة

وتبين موزة أن هناك عوامل تتحكم في هذا السلوك؛ منها: جودة السلعة ومدى إشباعها لحاجة الإنسان، وأهمها سعر السلعة، فإن مستهلكي السلع يتعدون بتعد دخولهم، لذا لكي تبقى ثقافة الاستهلاك نامية ومتأججة في نفوس المستهلكين، فإن أصحاب السلع يصنعون سلعا ذات أسعار متفاوتة؛ كي تلبي احتياجات أصحاب كل الدخول.

وصفات لتفادي إدمان الاستهلاك

* على مستوى الفرد:

-  أن يفكر في نفسه ويعرف هدفه في الحياة، خاصة الكبار، ومن ثم يرون أبناءهم على أن للإنساني هدفا في الحياة الدنيا، وأنه إنسان له رسالة، وليس حيوانا همه الأكل.

- التزام الإنسان صغيرا وكبيرا بالوجبات الثلاث يوميا فقط؛ لضبط استهلاك الأكل والشرب وترشيدهما، وعدم الشراء أكثر من الحاجة، للحين من إدمان الاستهلاك.

على مستوى الأسرة:

- تعويد الأبناء على الأكل في المنزل، وتقليل اصطحابهم إلى مطاعم الوجبات السريعة، بعد أن أثبتت الدراسات خطورة هذه الوجبات على صحة الأبناء، منها مرض السمنة.

-  توعية الأبناء بحرمة الإسراف دينياً، وتخصيص جزء من الطعام والملبس للفقراء، وهذا يؤدي إلى تعود الأبناء على إشباع حاجة الجوع فقط، وليس إشباع حاجة الاستهلاك (التخمة).

-  توعية الخدم بالمنزل لترشيد استهلاك الماء والكهرباء، وعدم الإكثار من طبخ الأطعمة التي يكون مصيرها أوعية وصناديق القمامة.

* على مستوى المدرسة:

- إدخال ثقافة الاستهلاك وترشيده في المناهج الدراسية.

-  توعية الأبناء بأضرار الوجبات السريعة، وتقديم البدائل من الأكلات الصحية المفيدة.

-  إجراء الدراسات الميدانية ليتعرف الطلاب على أخطار إدمان الاستهلاك.

* على مستوى الدولة:

- بث الوعي الاستهلاكي والترشيد والاقتصاد من خلال البرامج المتخصصة في التلفاز والمذياع.

- تشجيع الأسر على ضبط الإنفاق الشهري لديها؛ لزيادة الترشيد الاستهلاكي.

-  تشجيع الأفراد على الادخار.

- محاربة التباهي والغرور النفسي، والحث على التواضع والبساطة على مستوى الفرد والمجتمع.