يُدرك المطرب الإماراتي حسين الجسمي الذي يحتفل بعيد ميلاده الـ41 اليوم، أن عوامل نجاح المطرب وأغانيه صارت تتعدى جمال الصوت وحلاوة الأغنية أيضاً، فثالوث (الكلمة واللحن والصوت) لم يعد كافياً لوحده، لكي تنجح الأغنية وتبقى محفورة في وجدان الجمهور وذاكرته، وتحقق ملايين المشاهدات على منصات التواصل الاجتماعي.

النهج الذي يسير وفقه الجسمي (المطرب والملحن)، لا يتوقف عند ثالوث الأغنية، بل يحتفظ به مازجاً إياه بالتطور التكنولوجي للموسيقى، ويدمج ذلك كله بفكرة الأغنية و(الأفيه) الفريد الذي يتداوله الناس بينهم، فتعود الأغنية إليهم، ويحسون أنها تشببهم فتنجح وتعيش معهم.

خلطة سحرية

الطريقة التي خطها الجسمي لمشواره الفني، أصبحت خلطة سحرية يسير فيها المطرب الإماراتي في انتقاء أغانيه التي يقدمها كل فترة، فالجسمي الذي ظهر هاوياً هو وأخوته نهاية تسعينيات القرن الماضي تحت مسمى (فرقة الخليج)، أصر على التقدم لبرنامج الهواة الذي كان يقدمه مهرجان دبي للتسوق، تحت رعاية تلفزيون دبي فنجح حينها، وصارت أغنيات الفنان الكويتي عبد الكريم عبد القادر، التي قدمها الجسمي في مستهل تجربته بأسلوبه الخاص وميزته عن غيره، غناءً من الماضي، بعد أرشيفه الكبير الذي أوصله عنان السماء.

كما أن الحضور الفني الذي شكله الجسمي منذ أن عرفه الجمهور العربي بألبوم (قاصد) وبأغنيتي (فقدتك) و(بودعك) كان ميزة للمطرب ضخم الجثة عميق الإحساس، فهو يعرف متى يغني ومتى يصمت ومتى يظهر ومتى يختفي، للوصول إلى ذائقة الجمهور الصعبة، ولم تكن عملية (ربط المعدة) التي قام بها لتخفيف وزنه لأسباب صحية، إلا ضمن ثقته الكبيرة بأن الجمهور الذي أحب إحساسه غناءً، لن يتخلى عن المطرب رشيق القوام تالياً.

الأكثر حضوراً وذكاء

المدهش في مسيرة الجسمي الغنائية (ثلاثة ألبومات فقط ومئات الأغنيات المفردة)، قدرته على اختراق مسامع الجمهور العربي من المحيط إلى الخليج، مما جعله المطرب الخليجي الأكثر ذكاء، ويكاد يكون المغرد الوحيد عربياً خارج سرب المطربين الخليجيين، فالجسمي كسر احتكار قاعدة الجمهور العربي وتعصبه لمطربه، فلا المطرب محمد عبده ساعده لقب (فنان العرب) على الانتشار الجماهيري عربياً، ولم تجد فورة عبد الله الرويشد الغنائية عربياً أوائل الألفية الجديدة في أن يخرج من عباءة الأغنية الخليجية، ولم ينفع أحلام تواجدها على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، جراء ذيوع شهرتها عقب برنامج اكتشاف المواهب (أرب أيدول) من أن تنتشر عربياً بشكل أكبر، ولم يخدم ذكاء راشد الماجد وانتشاره العربي القديم وكذلك الحال مع رابح صقر، أن يبقيا عالقين في ذهن الجمهور العربي، وحتى المطرب ماجد المهندس، اختار أن (يتخلجن) غنائياً، مفضلاً ذلك على الانتشار العربي الذي حققه في بداياته، فبقيت معظم تجارب المطربين الخليجيين، محصورة مع جمهورهم الخليجي الذي يلتقيه في عواصم عربية وأوروبية، في مواسم الإجازات. لكن الجسمي كان الأكثر حضوراً وذكاء واندماجاً مع الجمهور العربي، فالجسمي إلى جانب فنانين عرب قلة مثل: جورج وسوف وكاظم الساهر وعمرو دياب وتامر حسني ونانسي عجرم ونجوى كرم، وآخرين، ممن يستطيعون الحضور إلى منصة أي مهرجان عربي وفي أي دولة كانت للغناء بين جماهيرهم الغفيرة بثقة ومن دون خوف من سقوط الحفل أو قلة الإقبال على تذاكره، فذكاء الجسمي قاده إلى قرطاج وجرش وموازين، وفبراير الكويت وليالي التلفزيون المصري، ومن حضر حفلاته جمهور تلك الدول.

لهجات عربية

يظهر جلياً أن الجسمي يفتش دائماً عن مناطق جماهيرية جديدة بفنه، ويصل إليها بفكرة أغانيه وفرادتها، مشفوعة بحلاوة صوته وحضوره الآسر، فقادته تلك العوامل إلى تقديم أغنيات بلهجات عربية متعددة، رسخت اسمه في أرشيف الغناء العربي، فالجسمي قدم باللهجة التونسية (واكدللي) وباللهجة الجزائرية (صايي عادات قلبي) وباللهجة المغربية (كنزعل عليه) و(ما تقيش بلادي)، وسحر الجمهور العربي عموماً واللبناني خصوصاً بأغنيات السيدة فيروز، وكانت شهرته العربية تحققت بفعل نجاحه الساحق في الغناء باللهجة المصرية، فقدم (بحبك وحشتيني) لمقدمة فيلم (الرهينة)، وأتبعها بأغنية (6 الصبح)، كما أحدثت أغنية (بشرة خير) انقلاباً غنائياً عربياً، جعلت من الجسمي ضيفاً فنياً فوق العادة مرحباً به في قلوب أكثر من 100 مليون مصري، ظل الجسمي يكافئهم كل فترة بحلاوة صوته واحساسه، حتى أهداهم قبل 10 أيام من عيد ميلاده، جديده (بالبنط العريض).