يليق بسفيرة لبنان إلى العالم، التي غنت للحب والسلام ولكل أرض عربية، فيروز الغناء والشعر والحكاية، والتي لم تغادر وطنها حتى في أحلك ظروف الحرب، يليق بها زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والذي كتب في برنامجه: "لي فنجان قهوة مع فيروز".

 هذا الإعلان الذي حرك الفنانين والإعلاميين، وكل من يسلطنه هذا الصوت الملائكي، وهو ينظر لأهمية أن تعطى فنانة مثل فيروز هذا المجد، والاعتراف، من رئيس فرنسا، التي خرج منها سارتر ودي بوفوار وكبار المغنيين، وهو ما دفع ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي إلى التعليق ونشر الفيديوهات، مشيرين إلى الوضع البائس الذي تعيشه بيروت اليوم، وإلى معنى هذا الوطن الذي طلع منه جبران خليل جبران، ليكتب "المحبة" التي رتلت بها السيدة فيروز بسحر لا مثيل له.

ليس غريباً أن يكون هذا اللقاء بين فيروز والرئيس الفرنسي، فيروز التي توحد اللبنانيون على محبتها بكل طوائفهم وانتماءاتهم، هذا الصوت الذي سكن مخيلتنا وذاكرتنا ولايزال إلى اليوم الصوت الإستثنائي المتفرد في قوته وبحته وناياته التي تجعلنا نردد "أعطني الناي وغني فالغناء سر الوجود".


طقس الصباح والنهار 

فيروز المغنية الأكبر والأهم اليوم على الساحة العربية، تنتمي للعصر الذهبي لكلاسيكيات الغناء، وهي "الفنانة التي بقيت تغني للبنان ولم تنجر إلى الصراعات الطائفية وطريق الهويات القاتلة"، كما قال أمين معلوف، فخلال حرب طويلة استمرت منذ عام 1975 وحتى عام 1990، بقيت أغنياتها تتصدر إذاعات جميع المتقاتلين.
فيروز الفنانة التي يشكل صوتها طقس الصباح والنهار والتي دخلت في الشعر والرواية وكتب اليوميات، هي التي أكدت في مقابلتها مع صحيفة "نيويورك تايمز" في مايو 1999، بأنها ترى الفن "على أنه صلاة ليست موجودة في كنيسة، لكنني أشعر كما لو أنني فيها، وفي هذه الأجواء لا يمكنني الضحك".


بين نهاد وفيروز

في بداية الخمسينات من القرن الماضي، اكتشف المؤلف الموسيقي محمد فيلفل صوت "نهاد حداد"، وضمها إلى الكونسرفتوار لتتلقى أصول الغناء، ثم أكد موهبتها وجمال صوتها الموسيقار حليم الرومي وهو من سماها فيروز.
وحين تزوجت عاصي الرحباني، كان لها مسيرة من النجاحات والتألق والحضورمع الأخوين رحباني في المسرح والغناء والسينما، حيث حضر الفن ببعد حداثي، والفن ببعد فولكلوري، وكان للغناء حضور الطبيعة والشعر، غنت سعيد عقل وجبران ونزار قباني وطلال حيدر وجوزيف حرب وكثيرون غيرهم. لحن لها عبد الوهاب وفيلمون وهبه وزكي ناصيف، وابنها المبدع زياد الرحباني.


أغلى من الوطن

هي التي غنت "ردني إلى بلادي"، مؤكدة بأن لاشيء أغلى من الوطن، وهي التي غنت "لبيروت"، الأغنية التي عادت للحضور بعد 4 أغسطس، تاريخ وقوع الانفجار المروع في العاصمة اللبنانية. وغنّت فيروز "زهرة المدائن".. غنت لدمشق ومكة والأسكندرية.. غنت للفصول والبيت والست الختياره.
نالت فيروز أوسمة عالمية، ومنها وسام الكوموندور الفرنسي 1988، وحصلت على أوسمة من وطنها لبنان، ودمشق وعمان وتونس، كما حصلت على الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأميركية في بيروت، لتصبح أول مطربة تحصل على هذا اللقب.