اكتسبت أسيل الزامل وشقيقتها سهى الموهبة، وتشرّبتا شغف الأناقة الراقية من والدتهما، التي تتحلى بذوق عالٍ يقوده شغف متأصل في عالم الموضة. بدأت رحلة الشقيقتان السعوديتان في عالم تصميم الأزياء بشكل منفصل، ولكنهما سرعان ما وجدتا أن في الاتحاد قوة، فتشاركتا وعملتا جنباً إلى جنب وأسستا علامتهما التجارية Aseel Collection عام 2014، حررتا من خلالها العباءة التقليدية من القيود والصورة النمطية، نحو عالم من الألوان والترصيعات المجوهرة، واقتربتا بها إلى شكل البدلة والمعطف، مع الإبقاء على تلك الفكرة التي تربطها بالعباءة التقليدية المطعّمة بملامح الحداثة ومقتضيات العصر. «زهرة الخليج» التقتهما افتراضياً عبر تطبيق «زووم»، للإضاءة على ابداعهما ورؤيتهما كمصممتين سعوديتين بارزتين.

 

• متى وجدتما أن الوقت قد حان لتأسيس Aseel Collection، وكيف كانت البداية؟

- أسيل: نهوى الموضة منذ صغرنا، ووالدتي فاطمة البسام سيدة أنيقة تلهمنا وتساعدنا خلف الكواليس، وغالباً ما نأخذ رأيها. أعتقد أن الموهبة أتت بالوراثة وموجودة لدى كل العائلة، وبدوري أورثت هذا الشغف لابنتي ريما الشبيلي. كنا ننتقي أزياءنا من ماركات إيطالية، وشعرنا بالحاجة إلى أزياء تشبهنا وتمثلنا، وبصراحة لم يكن هناك وفرة «براندات» بصناعة سعودية، فأردنا ماركة تعبر عنا وأزياء نحن من نصممها. فأسسنا شركتنا عام 2014، والبداية لم تكن سهلة ولكن كان هناك قبولاً للعلامة التي نقدم من خلالها أزياء بروح شرقية وبطريقة «مودرن». بدأنا بخطين منفصلين، ولكن لم نستطع الاستمرار، فدخلنا بشراكة أنا وسهى قوّت كلاً منا. فنقاط ضعفي أكملتها سهى، ونقاط قوتي أكملت نقاط ضعف سهى، نكمل بعضنا البعض ونحن متفاهمتان.

القد الناعم

• لماذا اخترتما للعلامة اسم أسيل؟ وما الرؤية التي تقف خلف التصاميم؟

- أسيل: سهى اختارت اسم أسيل لأنه غير متداول كثيراً، وهو اسم عربي يعني «القد الناعم» ويعبر بالتالي عن البراند.

- سهى: نصمم أشياء بسيطة ناعمة، والفكرة أن تصاميمنا تمزج بين المودرن الأوروبي بروح شرقية، ونستخدم أحجاراً وأشكال ورود وفراشات. أدخلنا هذه اللمسات العصرية والترصيعات، التي لاقت استغراباً في بادئ الأمر، ولكن مع مرور الوقت أقبلت عليها العميلات، اللواتي كن يرتدينها أولاً عند السفر وحالياً أصبحت لباساً عادياً. الانفتاح الحاصل في السعودية أفادنا، وأصبحنا نأخذ راحتنا في تصميم العباءات التي تناسب الحفلات والمناسبات الاجتماعية، تركنا العباءة التقليدية وانتقينا أقمشة خفيفة صيفاً وثقيلة شتاءً، كما صرنا نبدع بألوان الباستيل، ونرصع بالأحجار تصاميم خارجة عن المألوف، وأعطينا العباءة شكلاً غير تقليدي. ألوان الباستيل جعلت السيدات يشعرن بأنهن يلبسن المعطف والبدلة الطويلة، سواء مع بنطلون بدون طرحة، وأحياناً بفستان مع العباءة. تصاميمنا تجذب الوزيرات وسيدات الأعمال، المنشدات لإطلالات عصرية وأنيقة مواكبة للموضة، وفي الوقت نفسه محتشمة وتحافظ على الهوية السعودية، سيما وأنهن ملتحقات بمؤسسات حكومية ورسمية.

• تواكبان وتستوحيان بعض التفاصيل من صيحات عروض الموضة العالمية، ما الذي ألهمكما منها في تشكيلتكما الأخيرة؟

- أسيل: استخدمنا الريش الذي يناسب السيدة التي تريد أن تكون أنيقة وجذابة. وما بعد جائحة كورونا، أدخلنا خط العباءات العملية المريحة نظراً لحاجة السوق. وأيضاً الترانشكوت، وقماش الجينز الأزرق في العباءة. تتوجه صناعة الأزياء حالياً نحو التصاميم المريحة ونحن نتبع هذا المنحى.

• لنتكلم عن الأقمشة والخامات المستخدمة ومصادرها؟

- سهى: ثمة ما هو محلي ومستورد، وأغلب الأقمشة من التفتا والتويد. في الصيف نستخدم القطن والحرير والكتان والجينز. وأغلب تصاميمنا في القماش السادة، وتوقيعنا كعلامة تجارية يكمن في العمل اليدوي على تلك الأقمشة.

 

فلسفة أنيقة

• هل باتت السيدة الخليجية تبتعد عن العباءة بلونها الأسود؟

- أسيل: ثمة من هن تقليديات ومتمسكات بالأسود، بينما تميل الشابات أكثر للألوان.. الأبيض، البيج، الأوف وايت والبايبي بلو، والأكبر سناً يقبلن على الأسود والأبيض والكحلي.

• أسيل، تميزتِ بتقديم خدمة استشارة المظهر أيضاً، ماذا عنها؟

- أطلقت على هذا الخط اسم No.3 ويتناول فلسفتي للإطلالة الأنيقة، وهي عبارة عن ثلاثة مبادئ: أناقة مظهر، أناقة روح واتيكيت، وثقافة. وكيف تبني الشابة صورة كاملة تؤدي لطلة ساحرة وكاريزما. وأعطي مثالاً على ذلك الملكة رانيا التي تلفت الانتباه، ليس فقط بلباسها وإنما بشخصيتها وطريقة تفكيرها والصورة الشاملة التي تظهر فيها. وهذه الفلسفة التي أود إيجادها لدى الجيل الشاب. في أيام الحجر الصحي أطلقت  هاشتاغ وهو (ستايلك بالبيت مع أسيل) على حساب No 3، في سعي مني لنشر ثقافة التجمل وتشجيع النساء على الأناقة في البيت، إذ لا يجب أن نلبس للناس بل لرفع المعنويات وإسعاد أنفسنا. كما أطلقت مؤخراً ورشة عمل عنوانها كيف يكون لك بصمتك الخاصة، وهوية مختلفة؟ لا نريد نسخة طبق الأصل عن أحد. كما أتلقى استشارات مباشرة على سنابشات.

• كيف أرخت أزمة «كوفيد 19» الحالية بثقلها على أعمالكما؟ وما تأثيراتها؟

- سهى: كان التركيز أكثر، كما أصبح لدينا وقتاً أكثر، ومع زميلاتنا تكاتفنا مع بعضنا البعض كمصممات سعوديات. كنا نطمح ليكون لدينا رابطة مصممات. وأجرينا محادثات مباشرة عبر الانستغرام تتعلق بتصميم الأزياء،  مع نورة آل الشيخ وهنيدة الصيرفي، كما شاركنا في حملة تجار الخير، واستطعنا رفع الروح المعنوية، فالأزياء حتى في هذه الأوقات تلعب دوراً كبيرا في ذلك.

تسوق إلكتروني

• كيف تنظران إلى التسوق الإلكتروني المزدهر حالياً؟

- سهى: التسوق أونلاين أسرع وأسهل من التسوق في البوتيك، وصرنا نصل إلى أماكن أبعد، في الخليج وحتى في لندن. ولأن الناس تقضي أوقاتها في المنازل ولديها أوقات فراغ كثيرة، أصبحوا أكثر متابعة لوسائل التواصل. كما أن مسيرتنا في عالم الأزياء أكسبتنا ثقة العملاء الذين يشترون تصاميمنا على الصورة عن طريق الواتساب وكلهن ثقة بجودتها العالية، وبأنها في الحقيقة أجمل منها في الصورة.

• أسيل.. ظهرت ملامح التصميم لدى ابنتك، ما النصائح والإرشادات التي تقدمينها لها ولكل مبتدئ؟

- ريما إبنتي عمرها 17 عاماً، فازت بمسابقة (هارفي نيكلز) كأفضل مصممة. أنصحها مع غيرها من المبتدئات بالشغف والحب والمثابرة، وتكرار المحاولات للوصول للنجاح، والمهم جداً الحفاظ على هويتها وروحها، وتقديم ما  يشبهها ويعبر عنها.

• هل تتبعان رزنامة معينة في إطلاق مجموعاتكم؟

- سهى: نطلق سنوياً ثلاث مجموعات، تشكيلة رمضان والعيد هي الأقوى، ومجموعتين موسميتين. نحن لسنا Fast Fashion، بل نعتمد على العمل الحرفي اليدوي وقطعنا كلاسيكية تدوم طويلاً، كما نصمم أحياناً وفق الطلب.

• يشهد قطاع تصميم الأزياء تطوراً ملحوظاً في السعودية، إلى ماذا تعزون السبب؟

- أسيل: أصبحنا نلقى التشجيع المطلوب في الصناعة والأزياء وليس فقط في التصميم، ومن يبدأ حالياً يحظى بالبيئة السليمة والمناسبة. عندما بدأنا في التصميم، كانوا يقولون لنا لماذا تريدان أن تكونا مصممتي أزياء؟ تغيرت النظرة الآن، فابنتي ريما مثلاً تدرس الخدمة الاجتماعية في الجامعة، وفي الوقت نفسه تصمم الأزياء.

صناعة قوية

• ترصعان أزياءكم بالأحجار والجواهر وغيرها، ألا تفكران بالتوسع نحو خط المجوهرات مثلا؟

- سهى: نحن منفتحون على كل الفرص، ثمة أمر جميل سيحصل هذه السنة، إذ أن في داخل كل محنة منحة. نفكر في تعاون جديد ويناسبنا إدخال خطة مجوهرات مع Aseel Collection لإكمال الصورة.

• ماذا ينقصكما كمصممتي أزياء؟

- أسيل: ينقصنا أن تكون صناعة الأزياء قوية في السعودية، صناعة بجودة عالية، نريدها أن تكون Made in Saudi Arabia. أجرينا تجارب، ولكننا نريد صناعة سعودية صرفة، ومصانع وأيدي ماهرة تنفذ تصاميمنا بطريقة جميلة، وأن لا يكون المصنع لنا لوحدنا بل لثلاثين مصممة، وشاملاً كل الخطوط.

• ماذا تقولان بمناسبة اليوم الوطني السعودي؟

- سهى: السعودية فيها كل النور والقوة والحرية والجمال والدعم القوي للمرأة، فنحن فخورتان بأننا مصممتان سعوديتان موجودتان في المملكة، وبأننا نصمم وننتج أزيائنا في الرياض وليس من أي بلد أوروبي.

انتشار للعـالمية

تتشاطر الشقيقتان أسيل وسهى الزامل نفس الأهداف والأفكار، لتحقيق الانتشار الواسع لتصاميمهما بناء على خطة تصفها أسيل بالقول: «يجب علينا التركيز في عملنا، كما نفعل حالياً والعالمية آتية لا محالة، فالأنظار منصبة حالياً على السعودية والانفتاح الحاصل بها. لقد قطعنا شوطاً طويلاً والرؤية كاملة، ونلقى الدعم المطلوب». وتضيف سهى: «الاختلاط بالثقافات المختلفة، بسبب مواسم الترفيه عرّف الناس علينا أكثر. ثمة تقبل للجديد وجرى تعريف ثقافتنا بشكل جميل. السيدة السعودية تملك كل مقومات النجاح، والمجتمع بدأ يظهر هذا الشيء ويبين الصورة الحقيقة عن السعودية ونسائها».